تكتيكات مخطط تحالف العدوان في اليمن… «قراءة فيما وراء قرار الإنسحاب من الساحل الغربي»
بقلم// الأستاذ فاضل الشرقي
قد تكون خطوة قرار قيادة قوات تحالف العدوان على اليمن الإنسحاب المفاجئ لما يسمى بالقوات المشتركة من بعض مناطق الساحل الغربي بمحافظة الحديدة بهدف ترتيب وضع قواته وأدواته اليمنية الحليفة العسكرية والسياسية، وتأمين تموضعها وانتشارها أولًا، كمقدمة للإنسحاب الكامل للقوات الأجنبية والمعدات والآليات العسكرية السعودية والإماراتية والسودانية وغيرها من كل أراضي الجمهورية اليمنية تحت مسمى إعادة التموضع والإنتشار وملاءمة الظروف العسكرية حسب التصريحات الرسمية لقيادة قوات تحالف العدوان، وذلك في سياق استنساخ وتطبيق التجربة الأمريكية في أفغانستان (التموضع والإنسحاب) فالأمريكييون لديهم مراكز أبحاث ودراسات عميقة وواسعة، وقيادات كبيرة جدًا، ومستشارون وخبراء يتمتعون بكفاءات وخبرات عالية على مستوى العالم والمنطقة.
فمع تشابك الملفات العسكرية والأمنية والسياسية والإقتصادية والإنسانية، واستحالة الحلّ العسكري، واستعصاء الحل السياسي، وتمنّع دول العدوان من التعاطي الإيجابي مع مقاربات الحلول المقدمة والمطروحة على طاولات الوسطاء، والمبعوثين الأمريكي والأممي، وتفكّك الحاضنة السياسية والقبلية والإجتماعية والعسكرية وعودتها لأحضان الوطن وجادة الصواب، لم يبق إلّا خيار استنساخ التجربة الأمريكية في أفغانستان، وذلك بهدف:
– التحايل على الإقرار بالفشل والهزيمة، وتهربًا من الإنسحاب المذل، مع تسارع تقدّمات الجيش واللجان الشعبية في كافة محاور القتال العسكرية، وتفكّك الحاضنة، والخوف من سقوط ووقوع قواته وجنوده وآلياته بيد الجيش واللجان.
– فشل الأهداف المعلنة بداية العدوان، والعجز عن الوصول للعاصمة صنعاء، وإعادة حكومة عبد ربه منصور، رغم مرور سبع سنوات.
– تزايد الإنتقادات الدولية الموجهة لتحالف العدوان، والسخرية منها، وعدم جدوائية أيّ دعم وغطاء سياسي وعسكري لها ولقواتها على الأرض، وارتداد الهجمة المضادة عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا واعلاميًا وانسانيًا…الخ.
– تسارع وتيرة التقارب والتلاحم الشعبي في عموم الجمهورية اليمنية تحت قيادة السيد عبدالملك الحوثي، الأمر الذي يخيف بقوة تحالف العدوان، ويفقده الأمن والإستقرار، ويغلق أمامه فرص البقاء والتموضع، ويسلبه الحاضنة السياسية والقبلية والإجتماعية التي كانت توفر له غطاء العدوان والإحتلال.
– الهروب إلى الأمام أمام التمسك والضغط والإصرار بضرورة فصل الملف الإنساني عن الملفات السياسية والعسكرية، الذي يعني سقوط القرارات الدولية والأممية، ورفع الحصار، وفتح الموانى والمطارات، وما يترتب على ذلك من هزيمة مدوية على كلّ المستويات.
– الأمل في الإبقاء على فاعلية قرارات الحرب والحصار السياسي والإقتصادي والإنساني قائمة، ولو حتى حين.
– التهرب والإلتفاف على تحمل اشتراطات كلفة الإلتزامات السياسية والإقتصادية والإنسانية المترتبة قانونًا على أي تسوية قادمة تتعلق بملفات التعويض، والإعمار، والجرائم الإنسانية، وغيرها .
خروج وانسحاب قوات الغزو والإحتلال الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية والسعودية والإماراتية والسودانية وغيرها مما لا نعلم لا يعني إغلاق ملف الحرب ووقفها تمامًا، وإنما الإنتقال لتكتيكات استراتجية تتمثل في:
– أولًا تأمين خروج غير مذل بخلسة وهدوء دون أيّ ضجيج، فيما سيتم الإبقاء على الحرب الداخلية اليمنية اليمنية، مع تقديم الدعم والإسناد لقواتها العميلة بفصائلها وتشكيلاتها المختلفة حسب الظروف والمعطيات الملائمة للخطة البديلة .
– التوجه لمخططات بديلة، وتنشيط العمل والإختراق الأمني الإستخباراتي، وتوسيع قاعدة شبكات التجسس والجريمة الأمنية والأخلاقية، وإغراق الساحة اليمنية في الفوضى السياسية والأمنية والعسكرية، والتفجيرات والإغتيالات، والدفع الإنفصال، والتشرذم، والتمزق، والأقلمة، ودعمها وتمويلها سياسيًا واقتصاديًا، على أمل الوصولًا باليمن للإنهيار والتفكك الجغرافي والسياسي والإجتماعي في المستقبل.
– الإبقاء على فاعلية القرارات الدولية والأممية واستمرارها وتغليظها، وتشديد كل إجراءات العزلة والمقاطعة، والحصار السياسي والإقتصادي.
هذا مجرد تحليل مختصر وفق المعطيات المتوفرة، والتوقعات المحتملة، وبالتأكيد أنّ هذا ما يتم الترتيب والتحضير والإعداد والتخطيط له بعد أي سيناريو يفضي لوقف الحرب والعدوان، وقطعًا لن تتحقق هذه الآمال والطموحات والأهداف والمخططات الإجرامية في المستقبل، ولن يكون المشهد اليمني بهذا الشكل الذي يخطط له العدو بعد انتهاء الحرب والعدوان، إذ سيتجاوز اليمن بقيادته الحكيمة ورجاله كلّ هذه الأهداف والتكتيكات، وسيخرج اليمن واليمنييون من هذه الحرب بشكل مشرف يلبي كل الطموحات والتطلعات والتضحيات، بعون وتوفيق الله عزّ وجل.