التصعيد السعودي الخليجي غير المفهوم تجاه لبنان “القضية مش قرداحي.. القضية حزب الله وأنصاره”..
تقرير/ ابراهيم الوادعي
: الأزمة التي افتعلتها السعودية مع لبنان على خلفية تصريح وزير الاعلام اللبناني جورج قرداحي عن عبثية الحرب على اليمن الى مزيد من التصاعد مع تمسك الرجل بموقفه ورفضه الاعتذار للسعودية عن خطأ لم يرتكبه .
وصف قرداحي الحرب على اليمن بالعبثية ليس اول مبتدعي المصطلح بل أمين عام الامم المتحدة كان استخدم المصطلح ووصف الحرب السعودية على اليمن بالعبثية ودعا الى وقفها ، يومها لم تبدي السعودية ردا بالقساوة التي عليها اليوم ،
لبنانيا ليس وزير الاعلام قرداحي هو السابق في هذا المضمار رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري هو الاخر اطلق ذات الوصف على الحرب ، وليد جنبلاط احد اقطاب الحلف السعودي اطلق ذات التوصيف ، فلماذا ردة الفعل الكبيرة من سحب سفراء وطراد سفراء لبنانيين واستجلاب الادانات والضغط للاستقالة والتهديد المبطن بطرد العمالة ومنع الواردات اللبنانية الى دول الخليج ، اجراءات جميعها اليوم غير مبرر وغير مفهوم .
ثمة مثل لبناني ينطبق على ما يجري اليوم من قبل السعودية والامارات تجاه لبنان ” القضية مش رمانه , القضية قلوب مليانه ” .
ثمة متغيرات في الداخل اللبناني والإقليمي تؤلم السعودية وتصريح قرداحي كان مجرد دبوس خرم البالون السعودية المنتفخ تجاه لبنان .
لبنانيا ثمة ثلاثة أمور لم تجر بما تشتهي السعودية ..حيث نجح حزب الله في مفاجئة خصومه الولايات المتحدة واسرائيل واتباعهما في الخليج وحتى تابعيهم في الداخل اللبناني بكسر الحصار النفطي وجلب المشتقات النفطية الايرانية الى لبنان كاسرا حصارا مفتعلا على الشعب اللبناني .
الثاني جرى تشكيل حكومة وان كان على راسها نجيب ميقاتي احد اقطاب الحلف السعودي الا ان تشكيلها في توقيته لم يخدم اهداف السعودية وامريكا واسرائيل الساعين لخلق فراغ حكومي يشغل بال المقاومة .
الثالث اعادة توجيه تحقيقات المرفأ بالتصويب على حزب الله تعثرت مع تنبه الحزب والقوى الحليفة له الى تلاعب امريكي سعودي بمجريات الملف عبر قاض على صلة بالسفارة الامريكية وسفارات اخرى.
رابع هذه الامور فمع فشل الحصار الاقتصادي والضغط على بيئة المقاومة اقتصاديا للتفلت عنها ، جرى الدفع باخر الحلول عبر اشعال فتيل الحرب الاهلية والذراع الحاضر دوما كان حزب القوات اللبنانية برئيسة سمير جعجع ، بعد عجز القوى ” السنية ” عن لعب هذا الدور عقب انتكاستها في ايار مايو 2005م ، وايضا خشيتها من تبعات هذه الحرب والتجربة المريرة للحرب السابقة.
داخليا ارادت السعودية التغطية على فضيحة العائلة المالكة بعد كشف المسئول الاستخباراتي السابق سعد الجبري بعضا من فضائحها وفضائح ولي العد السعودي الحالي، ووعده بكشف المزيد، فلجأ النظام الى اطلاق الشاب على النمر من الطائفة الشيعية بعد ان كان النظام على وشك اعدامه .
اقليميا وهو الاهم الملف اليمني .. تقف السعودية وحلفها على بعد خطوة واحدة من هزيمة واضحة ومره بخسارة مارب بعد اكتمال تطويق مدينة مارب اخر قلاع التحالف والمرتزقة في المحافظة ، اثر تقدم الجيش واللجان في عملية عسكرية خاطفة من اقصى الجنوب الى وسط المحافظة والسيطرة على الجوبة ومديريات اخرى في الطريق بغضون شهر تقريبا ..
استعادة مارب يمنيتها يعد نقطة فاصلة ومضيئة لا يمكن التعمية عليها لجهة هزيمة التحالف بعد 7 سنوات من الحرب .
فشلت السعودية والمبعوث الامريكي ليندركيغ ولندن على مدى عام في ثني انصار الله عن المضي بمعركة مارب الى النهاية ، قدم التحالف كل شيء للمرتزقة بما في ذلك اشراك طائرات ال اف 16 في المواجهات بما يخرجها عن مهماتها المصنعة لأجلها ، وفتح القاعدة جبهات في البيضاء خسرتها في مفاجئة لا تقل عن انقلاب الميدان في فبراير 2020م عقب استعادة صنعاء كامل نهم والجوف.
في الضفة المقابلة قدمت السعودية وواشنطن الى صنعاء كل العروض والمغريات للتوقف عن تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي بالنسبة الى اليمنيين، بما في ذلك فتح السعوديين حوار مع الايرانيين اتضح انه في اجزاء منه كان للنقاش حول اليمن ومحاولة ثني انصار الله عن مأرب .
تنقل بعض وسائل الاعلام عن مصادر ايرانية قولها ان السعوديين طالبوا الايرانيين بالوساطة مع انصار الله للتوقف في مارب والقبول بوقف اطلاق النار وفق العرض السعودي الامريكي ، فرد عليهم الوفد الايراني بان انصار الله لا ينصتون لنا، واقترحوا عليهم الذهاب والتوسط بحزب الله فانصار الله ينصتون اليهم اكثر، وهذا ربما اغاظ السعوديين .
ما من شك في ان ما قاله وزير الاعلام اللبناني لا يستحق ردة الفعل السعودية والخليجية المستغربة، خاصة وان موقفه و ما قاله يبقى في الحد الادنى مما تفوه به مسئولون غربيون لم تقابل تصريحاتهم بمثل ردة الفعل باتجاه لبنان .
ثمة امر اخر قد يكون له ميزان وهو الحساسية الاسرائيلية تجاه لبنان الذي يقف اليوم حجر عثرة امام التطبيع الخليجي بمقاومته وما حققته من نصر على اسرائيل تجعل التطبيع ليس الخيار المتبقي والمفروض كما تصور انظمة الخنوع العربية ، بل اعطى لبنان بانتصاره في 2000م وانتصاره التاريخي في 2006م التأكيد العملي على امكانية استعادة فلسطين ، كما ان هذا الحزب بمقاومته نجح في كسر المؤامرة الاقليمية والدولية على سوريا.
راس قرداحي ليس هو المطلوب وليس فيما قاله بجديد بل راس المقاومة مطلوبة وبأي ثمن، وتحت أي عنوان حتى ولو كان الثمن تدمير لبنان على من فيه ، كمين الطيونه كان المحاولة الاولى ، وسحب السفراء الخليجيين وما يستتبعها بادرة لمحاولة اخرى لم تكتمل حلقاتها بعد ، وليس الامريكيون ببعيد عنها مع اجرا سفن عسكرية امريكية مناورات قرب المياه اللبنانية للمرة الاولى منذ تفجير ثكنات المارينز في 1983م على يد الشهيد عماد مغنية .
الايام القادمة كفيلة بكشف المستور، لكن الثابتة الوحيد ان لبنان هذه المرة اقوى في مواجهة الضغوط السعودية والاصوات المنادية بالكرامة والاستقلال تعلو يوما بعد اخر، والثابتة الاخرى ان الحلف الامريكي يخسر ليس في لبنان وانما في كل المنطقة، واليمن يستعد لتوجيه ضربة قاصمة له في مأرب .