الخبر وما وراء الخبر

اليمن مع الجموع الإسلامية في العالم تحتفي بميلاد سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم

16

بزخمٍ جماهيريٍ واسعٍ وغير مسبوق احتفت اليمن مع الجموع الإسلامية في شتى أنحاء العالم بذكرى مولد سيد الخلق أجمعين سيدنا محمد عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم، تلك الذكرى المحمدية التي يترقبها جميع المسلمين في شتى بقاع الأرض لإحيائها بالصلوات والذكر والتذكير بميلاد أعظم قائد عرفته البشرية.

ففي اليمن تقاطرت الحشود الجماهيرية رجالاً ونساءً كباراً وصغاراً إلى ساحة ميدان السبعين وأكثر من 20 ساحة أخرى في 14 محافظة حرة، حاملة اللوحات والشعارات المعبرة عن الاحتفاء بهذه المناسبة الدينية العظيمة (ذكرى المولد النبوي الشريف 1443هـ).. واضطرت اللجان المنظمة إلى فتح ساحات الاحتفال قبل الوقت المحدد بسبب التوافد الكبير إلى الساحات في مختلف المحافظات.

واعتاد اليمنيون على إحياء هذه الفعالية منذ سنوات بأن تكون بهذا الزخم الكبير من أجل إيصال العديد من الرسائل للعالم، أهمها أن هذا البلد حُر وأبي وأنه لا يقبل الذُل والمهانة والعيش في ظل ظروف صعبة مع استمرار العدوان الأمريكي السعودي الجائر على اليمن، وأن الحشود المليونية اليمنية من شأنها أن ترغم المجتمع الدولي على وقف العدوان وفك الحصار.

ويتحرك شعب الإيمان والحكمة على أعلى المستويات وبأقصى ما يستطيع لإحياء هذه الشعيرة المقدسة وعلى مستوى الشعوب العربية والإسلامية يعتبر الشعب اليمني هو الوحيد الذي يستعد بكل هذا الزخم عنوانا وبكل هذا الشوق فهو المتصدر وهو الشعب المتفوق بإحياء هذه المناسبة العظيمة وإن شاء الله تقتدي بقية الشعوب به وتحذو حذوه.

وانتشرت مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف لهذا العام (1443/2021) في العديد من دول العالم الإسلامي، حيث أقيمت العديد من الحفلات الدينية والتي تضمنت الكثير من الكلمات الرقيقة حول السيرة النبوية المشرفة، كذلك أيضا تم التغني بأجمل أنشودات دينية حول مدح الرسول الأعظم.

ومناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف ليست مناسبة عادية بل هو حدث عظيم له أهميته وله دلالته التي تجعل الأمة تعود الى نبيها وقائدها وقدوتها محمد صلوات الله عليه وآله وسلم.

يحيى المسلمون ذكرى المولد النبوي الشريف بمدائح تتلى عادة على أنغام الدفوف، وتم تنظم حفلات وحلقات للذكر والمديح يعدد فيها عشّاق النبي خصاله ويطلبون شفاعته ويعبّرون عن حَرّ شوقهم لرؤياه، ويجتمع البعض في حلقات حول منشدي السيرة النبوية.

وتختلف الطقوس التي تُقام لإحياء ذكرى المولد النبويّ الشريف من دولة لأخرى، كما تختلف مظاهر الاحتفال بهذا اليوم من بلد إلى أخرى، وفقا لعادات وتقاليد كل دولة، فيما يعتبر المسلمين هذا اليوم يومًا استثنائيًا وتتعدد به مظاهر الفرحة والبهجة.

ففي مصر تتنوع مظاهر الاحتفال بين صناعة الحلوى كـ عروسة المولد وحصان المولد، وإقامة الاحتفالات، وتنظيم مجالس الذكر، والإنشاد الديني في المساجد.. ويحرص المصريون على الاحتفال به مثل عيدي الفطر والأضحى، كما احتفظوا بالعادات والتقاليد التي اعتاد عليها آباؤهم وأجدادهم، وتعتبر حلوى المولد لها الدور الأساسي والحاضر بقوة في هذه المناسبة.

وهنأ شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وشعب مصر والأمتين العربية والإسلامية شعوبا وحكاما بأصدق التهاني وأطيبها بمناسبة ذكرى مولد رسول الإنسانية.

وقال الطيب: إن “هذه الذكرى التي تهل علينا تعانق ذكرى ملحمة نصر أكتوبر 1973، تلك الملحمة المصرية الخالدة التي ملأتنا ومازالت تملؤنا بمشاعر الفخر والزهو والاعتزاز بجيش مصر العظيم الذي فاجأ العالم بما لم يكن في الحسبان من نصر كاسح أذهل المعتدين وحط أساطيرهم وردهم على أعقابهم خاسرين”.

وكان وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة، قد افتتح احتفال وزارة الأوقاف قائلا: إن “البشرية لم ولن تعرف عبر تاريخها طويل إلى أن تقوم الساعة إنسانا خُلق أو سيُخلق أنبل ولا أشرف ولا أعظم وأكرم ولا أعز على الله عزو جل من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم”.. مشيرا إلى أن البشرية لن تعرف معلما تأديبا وتطبيقا عمليا للسماحة والرحمة غير محمد صلى الله عليه وسلم.

ويحتفل العديد من نجوم الفن، بذكرى المولد النبوي الشريف، ولكن كلُ منهم على طريقته، فمنهم من قرر أن يحتفل من خلال إحياء حفل غنائي، يقدم من خلاله باقة مختارة من الابتهالات الروحانية، ومنهم من يطرح أغنية جديدة، تحمل في كلماتها مدح عن الرسول الكريم، والباقي يشاركون جمهورهم بالتهنئة.

أما في بلاد الشام، فتتنوع مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، حيث تقال في فلسطين جلسات الذكر وبعض حفلات الإنشاد وتُقدّم الحلويات الشرقيّة، وتنتشر الأعلام والزينة في مدينة نابلس ومختلف المدن للاحتفال بتلك المناسبة وتخرج فرق الإنشاد بزي خاص ومميز إلى الشوارع تردد الأناشيد والابتهالات لمدح المصطفى بمشاركة الأطفال، وخلال الاحتفالات يوزع التجار الحلوى على المارة في الشارع.

أما في الأردن فيعد المولد النبوي إجازة رسمية في البلاد يجتمع فيها المسلمون على قراءةِ القرآن وحضور جلسات الذكر، وفي سوريا تزين الشوارع بالأضواء والأعلام، وتقدّم أطعمة وحلويات بيضاء اللون متنوعة، كوجبة الشاكرية وحلوى البالوظة، وتُقام حفلات الإنشاد والذكر في المساجد

أما في تونس، فالاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف يكون بطريقة مميزة، حيث يعدون “عصيدة الزقوقو” وهي مكونة من حبات الصنوبر المطحون تزين بطبقة من الكريمة والفواكه الجافة وحلوى ملونة خاصة.. وتُصنع وجبة العصيدة كوجبة رئيسية في هذا اليوم، وتُقام مجالس الذكر والابتهالات في المساجد، وتُزار أضرحة أولياء الله، وتتبادل الأسر الزيارات العائليّة.

وشارك آلاف التونسيين في احتفالات المولد النبوي بمدينة القيروان (وسط) بعد غيابها العام الماضي بسبب تفشي كورونا- أجواء الاحتفالية كانت مزيجا من الفرح بالتعافي من كورونا والاحتفال بالمولد- توافد الزوار من أنحاء تونس على القيروان أنعش سوق المنتجات التقليدية فيها.

أجواء الفرحة باحتفالات المولد التي شهدتها القيروان بمعالمها ومنتجاتها التقليدية وأزقتها ورائحتها العتيقة وروحها الصوفية، كانت مزيجا من الفرحة بالتعافي من كورونا والاحتفال بذكرى الرسول الأكرم محمد.

وتنوعت عروض مهرجان المولد بين الثقافية والأناشيد الصوفية والمديح النبوي، في عدد من المعالم التاريخية مثل مقام أبي زمعة البلوي، أحد صحابة الرسول محمد، وبطحاء الجرابة بالمدينة العتيقة، إضافة إلى الساحات المحاذية لجامع عقبة، وفي ساحة الشهداء المعروفة بساحة “باب الجلادين”.

كما تضمن برنامج الاحتفالية مسابقات تراثية لصنع الحلويات والعصائد والخبز المنزلي، وأيضا مسابقات معلوماتية حول السيرة النبوية، وأخرى في تجويد القرآن الكريم.

وحضرت عديد الفرق الصوفية والجمعيات الدينية إلى القيروان كذلك ونظمت تظاهرات ثقافية وأبرزها “الخرجة الصفاقسية”، وهي فرقة إنشاد صوفي يشارك فيها حوالي 150 منشدا قامت بجولة وسط المدينة العتيقة بحضور عدد كبير من الجمهور المحتفل.

وفي ليبيا توضع الأطعمة على جوانب الطرقات، وتتجوّل فرق الإنشاد وملقو الموشحات في الشوارع والميادين.. أما المسلمون في المغرب فيحتفلون بذكرى المولد النبوي الشريف بتحضير طبق الكسكسي التقليديّ، وإقامة مجالس الذكر والموشّحات الدينيّة في المساجد

وفي باكستان يحتفل المسلمون بهذه الذكرى بالعزف، والمسيرات الشعبية التي تهتف الشعارات الدينيّة، وبتوزيع الطعام على الفقراء والمساكين، وتقام الاحتفالات بذكرى مولد النبي في المدن الباكستانية المختلفة، بالأناشيد الدينية وتعليق الزينات.. أما في تركيا فيبدأ الاحتفال بذكرى المولد النبويّ بعدَ صلاةِ العشاء، حيث يحتشد آلاف المسلمين في الميادين لتبادل التهاني.

وفي السودان يبدأ الاحتفال منذ بداية شهر ربيع الأول بهذا اليوم وحتى يوم الـ12، وفي مدينة أم درمان وتحديدًا منطقة الخليفة تقام الشوادر والخيام لبيع الحلوى وأشهرها هناك “السمسمية”، فضلًا عن مجالس الذكر والإنشاد الديني وتقديم الطعام للمحتفلين ومن أشهر الأكلات في هذه المناسبة “الثريد”.

أما في الجزائر، فيمثل الاحتفال بالمولد النبوي الشريف هوية الشعب الجزائري، حيث يبدأ الاحتفال به فور غروب الشمس، إذا تقوم العائلات بطهي الأكلات الجزائرية خصيصا لهذه المناسبة مثل الرشتة والشخشوخة والتريدة، وتتجمع الأسر ليلا لاحتساء الشاي وأكل الحلوى كأحد طقوس هذه المناسبة وسط نور الشموع وعبق العنبر الذي لا يكاد يخلو منه أي بيت جزائري في هذا العيد.

في ماليزيا يتم الاحتفال بالمولد النبوي عادة بمهرجان هائل تتخلله المواكب الضخمة في الشوارع، وتتزين فيه المنازل والمساجد.. وفي هذا اليوم تنتشر الاحتفالات في شتى أنحاء ماليزيا، حيث يُذكر المسلمون أنفسهم بتعاليم الرسول الأكرم ويتشاركون فهمهم وتقديرهم للحياة البسيطة التي عاشها عليه الصلاة والسلام، وتتميز مظاهر الاحتفال بالكرنفالات تتخللها المواكب الضخمة في الشوارع وتتزين المنازل والمساجد بالزينات والأنوار، ويتم توزيع الصدقات والأطعمة فيما يقدم طلاب المدارس وصلات شعرية يتغنون فيها بسيرة الرسول الكريم ومنها قصيدة البُردة.

وهناك من المسلمين من يعد أكلات غير الحلوى احتفالا بالمولد النبوي، مثل اندونيسيا التي يطبخ فيها الكاري التقليدي بكميات كبيرة ويوزّع للعموم.

ويحتفل العراقيون بالمولد النبوي الشريف عن طريق أكلة تسمى “الزردة” وهي طبخة مكونة من الأرز والسكّر وماء الورد والحبهان وتزين بالقرفة.

وتحتفل بعض الأوساط في السعودية بالمولد النبوي الشريف بتلاوة الخطب الدينية وإضاءة 16 حزمة ضوئية ببرج الساعة للحرم المكي للاحتفال بتلك المناسبة، فيما يتبادل المواطنين الزيارات والتهاني أيضا، وإعداد بعض الوجبات السعودية.

وهنا نتساءل.. كيف لا نحتفل -نحن كمسلمين- بأعظم منة منَّ الله بها علينا وأعظم من أحسن إلينا صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله؟!.. وهو الذي أنقذنا الله به -صلى الله عليه وسلم- من الجحيم، وجاءنا بالقرآن الكريم، وأخرجنا من الضلالة إلى النور، ودلنا على طريق الهداية، ألا وهو السيد الأكرم والحبيب الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.. لهذا فإن لزوم احترامه وتعظيمه – صلى الله عليه وسلم- واجب على كل مسلم.