ثورة الإمام زيد في وجه الطغيان الأموي “والله ما يدعني كتاب الله أن أسكت “
شهدت الساحة الإسلامية في تلك الفترة المتزامنة مع حكم بني أمية وجورهم متغيرات كثيرة
كان ملوك بني أمية يستخدمون أموال المسلمين على لهوهم ومجونهم وبسبب غرق هؤلاء الحكام في ملذاتهم انتشرت المفاسد بكل أوانها وأشكالها وكثرت الجواري وتنوعت معها ثقافات الفساد والإفساد ووصل عدوى فساد الخليفة الأموي إلى كل بلد دخله الإسلام.
ولكي يبرروا لفعائلهم الشنيعة تلك عمدوا إلى تحريف الدين والكذب على خير المرسلين فأحلوا ما حرم الله وحرموا ما أحل الله وبسطوا بالجبروت أيديهم وبالوعد والوعيد ألسنتهم حتى وصلوا إلى حالة جعلوا فيها عباد الله خولا وماله دولا ودين الله دغلا فقتلوا كل من يجدون فيه ريح الغيرة على الإسلام ودين الإسلام وكل من يشمون منه التنكر لفعالهم الشنيعة أو يجدون فيه ذرة من الحرية حتى وإن كان سبط رسول الله حتى وإن كان عابر سبيل أو طفل رضيع أو امرأة مسكينة أو شيخ صحابيا كان أو عربيا عبريا أو نصرانيا مادام ولديه اعتراض على فسادهم فإن القتل جزاؤه وإن كان في كعبة الله أو عند قبر رسول الله فلا حرمة ولا قداسة عندهم لشيء.
وقد أعانهم على ذلك علماء السوء الذين أفتوهم بكل باطل وزينوا لهم أفعال السوء وبرروا لهم إجرامهم وهم في كل تلك الحالات رضاء للحاكم يعمدون للكذب على رسول الله ويحرفون دين الله وينشرون الفرقة والخلاف بين أوساط المسلمين ويمزقون الدين فظهرت بذلك فرق كثيرة كالمرجئة والقدرية وغيرها من فرق الضلال والباطل وشاعت المذهبية والفرقة الدينية خاصة بعد أن سار حكام بني العباس على منوالهم
ومن بين ذلك الظلمات الدامسة من الفساد والضلال لايزال نور النبوة يضيء وبقية السيف تنموا وامتداد الحق متصل ودين الله محفوظ لديهم ومصون بهم ومن أوساطهم تحرك ثائراً عظيماً من بيت النبوية وعلم من أعلام الحق هو الإمام زيد بن علي (عليهم السلام) ليمخر ذلك الضلال ويجتث عروش الباطل التي نمت على السحت وليخط للحق دربا مهره بدمه الطاهر وروحه الشريفة وهذا الدرب هو ما سار عليه وفيه أعلام الهدى من بعده وسيبقى إلى يوم القيامة فإلى نبذة تعريفية بهذا الثائر الإسلامي العظيم وقدوة المستبصرين وقدوة الرجال الأحرار:
نسبه وكنيته
هو الإمام زيد بن علي (زين العابدين وإمام الساجدين) بن الحسين (سيد شباب أهل الجنة) بن علي بن أبي طالب عليهم السلام حفيد رسول الله صلوات الله عليه وعلى أله جدته فاطمة الزهراء بنت خاتم الأنبياء محمد صلوات الله عليه وعلى أله
كنيته : أبو الحسين
مولده ونشأته
ولد في المدينة النورة سنة 75هجرية ونشأ وترعرع في كنف والده العظيم الإمام زين العابدين عليه السلام نهل من علوم أهل البيت حتى صار أعلمهم كما يقول أخوه الإمام الباقرعليهم السلام {لقد أوتي أخي زيد علما لدنيا فسألوه فإنه يعلم ما لا نعلم}عكف على القرآن يتدبره ثلاثة عشر سنة حتى سمي حليف القرآن فتح عينيه من أول يوم على ظلم بني أمية وجبروتهم وعاصر طغاتهمومجرميهم ورأى ماوصلت إليه أمة جده رسول الله(صلوات الله عليه وعلى أله) من حالة مزرية جراء ظلمهم واضطهادهم فقرر تغير الوضع مهما كلفه الثمن
لا تؤذي جليسنا(واقع لم يتغير)
ما أشبه وضعنا الحالي وضع أمتنا في هذا الزمن بذلك الوضع حين يهم من يعتبرون أنفسهم حكام لهذه الأمة زعماء لهذه الأمة ويكون أهم شيء لديهم أن لا تجرح مشاعر اليهود ولو بكلام، ولو بكلام.. كيف وقفوا من الشعار موقفاً شديداً وحاربوا من أجل اسكات هذا الشعار حتى لا تجرح مشاعر اليهود بكلام، مه لا تؤذي جليسنا يا زيد.
ثائر من بيت النبوة
الإمام زيد عليه السلام كانت ثورته امتداداً فعلياً في المبدأ والموقف لثورة جده الإمام الحسين عليه السلام وكانت ثورته أيضاً تعتبر امتداداً حقيقياً لمنهج الإسلام العظيم، في درب جده المصطفى محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آلهعندما تحرك في وجه الطغيان الأموي المستحكم الظالم للأمة المفسد المضل إنما كان يتحرك طبقاً لتوجيهات الله طبقاً لتعاليم الإسلام ومن خلال تلك المبادئ العظيمة والمهمة التي تجعل للإسلام قيمته في هذه الحياة إذ ليس مجرد طقوس مفرغة لا أثر لها في الحياة ولا قيمة لها في الواقع.
ليبقى للحق مساره
واصل الإمام زيد (عليه السلام) ذلك المشروع بروحه ومبادئه ومواقفه وأخلاقه وحمل لواءه في الأمة مناديا ليبقى للحق صوته وليبقى للحق امتداده وليبقى للعدل حملته وليبقى للنور الإلهي من يعملون على نشره في الأمة وليبقى طريق ونهج الإصلاح لواقع الأمة والتصحيح لمسارها قائمًا وممتداً عبر الأجيال لا يوقفه زمن ولا تقف بوجهه وتؤده تحديات أو أخطار لأن له حملةً عظماء حملوا روحيته، حملوا مبادئه حملوه نورًا في قلوبهم وحملوه إيمانًا راسخًا في قلوبهم وحملوا لواءه ورايته بكل ما هناك من تحديات وأخطار ونكبات كبيرة ومصائب مؤلمة وجارحة بثباته بصلابته بوهجه وقوته كانوا يتحركون من عصرٍ إلى عصر من جيلٍ إلى جيل من زمن إلى زمن في مواجهة ألف يزيد وألف يزيد وألف هشام وألف هشامولذلك يجب أن تعي شعوبنا المنتمية للإسلام حقيقة هذه المبادئ المهمة جداً لأن الوعي بها والالتزام بها والتحرك على أساسها هو أمر مهم جداً في أن تغير الأمة واقعها في أن تتخلص من الظلم الذي تعانيه والذي عانت منه على مر التاريخ.
القرآن والمواجهة (والله ما يدعني كتاب الله أن أسكت )
تحرك الإمام زيد (عليه السلام) مع قلة الناصر وقلة العدد والعدة كما تحرك جده الحسين (عليه السلام) مقتبسًا أثره سالكًا في دربه في ظل راية الإسلام ونور الإسلام تحرك (عليه السلام) وهو ذلك الذي كان يحمل كل الألم وكل التوجع على أمة جده حينما يرى ظلم الظالمين وجور الجائرين ويستشعر مسؤوليته العالية مسؤوليته الكبيرة تجاه ذلك فيقول: ( والله ما يدعني كتاب الله أن أسكت والله ما يدعني كتاب الله أن تكف يدي ) يتحرك من واقع الشعور بالمسؤولية لا ملتمسًا لشيءٍ من حطام الدنيا ولا هادفًا إلى سلطة ولا إلى مغنمٍ مادي
شركاء في الإجرام
علماء السوء
تحرك الإمام زيد عليه السلام ليواجه حكام الجور وليواجه أيضاً علماء السوء ووجه نداءه للأمة يستنهضها ويعمل على أن يحركها فيقول: ( يا علماء السوء أنتم أعظم الخلق مصيبة وأشدهم عقوبة إن كنتم تعقلون ذلك بأن الله قد احتج عليكم بما استحفظكم إذ جعل الأمور ترد إليكم وتصدر عنكم, الأحكام من قبلكم تلتمس والسُنن من جهتكم تختبر يقول المتبعون لكم أنتم حجتنا بيننا وبين ربنا فبأي منزلةٍ نزلتم من العباد هذه المنزلة فو الذي نفسُ زيد بن علي بيده لو بينتم للناس ما تعلمون ودعوتموهم إلى الحق الذي تعرفون لتضعضع بنيان الجبارين ولتهدم أساس الظالمين ولكنكم اشتريتم بآيات الله ثمناً قليلاً وأدهنتم في دينه وفارقتم كتابه) إلى أن يقول عليه السلام:
( فأَمْكَنْتم الظّلَمَة من الظلم وزينتم لهم الجور وشددتهم لهم ملكهم بالمعاونة والمقاربة فهذا حالكم ).
المتعاونونو الساكتون
هناك فئتان في الأمة مكنت الجائرين والمستكبرين والمفسدين ليتحكموا في مصائر الأمة في واقع الأمة في إدارة الأمة في التحكم بالأمة: الفئة التي وقفت مع الطغاة وناصرتهم سواء بالقتال أو بالمقال أو بأي أسلوب أو بأي حال والفئة التي صمتت وسكتت وخضعت وهادنت وجمدت ولم تنهض بمسئوليتها كانت شريكاً أساسياً للفئة المناصرة المباشرة للنصرة المباشرة للخدمة للطغاة والمستكبرين والجائرين.
وللطغيان ركائز
ركائز الظلم التي يقيم من خلالها الظالمون سلطانهم ومن خلالها يتمكنون من استعباد الأمة والسيطرة عليها هي ثلاث ركائز:-
الركيزة الأولى:التضليل والخداع
ويتحركون بوسائل كثيرة في ظل هذه الركيزة من مثل علماء السوء الذين يشرعنون ظلمهم ونرى كيف تحرك كثير من علماء السوء على مر التاريخ ليقولوا للأمة دائمًا أنه من الواجب عليها طاعة الظالم والإذعان للظالم والخضوع للظالم والاستسلام للظالم بل جعلوا ذلك عبادة وقربة إلى الله سبحانه وتعالى الله الذي لعن الظالمين
الركيزة الثانية :البطش والطغيان
وهي التي تحرك من خلالها وتمكن من خلالها الطغاة والظالمون في استحكام أمرهم على الأمة وفي السيطرة على الأمة واستعباد الأمة يقتلون ويسجنون ويدمرون ويخربون ويستبيحون الدماء فيسفكونها بغير حق ويزهقون الأرواح بغير حق فاستعملوا البطش بقسوة كبيرة وفظاعة ووحشية لا نظير لها
الركيزة الثالثة :التخويف و الترويع
الإمام زيد عليه السلام حينما خضعت الأمة وهانت ورهبت سطوة الأعداء وقبلت بالذل والهوان لم يقبل بالذل والهوان واستنهض الأمة وعمل على أن يحيي فيها روح المسئولية والشعور بالعزة وأن يستنهضها بكل ما يستطيع وكان يدرك حالة الرهبة السائدة في أوساط الأمة وهي من أخطر الحالات التي تستحكم بها سطوة الظالمين الرهبة والخوف ولذلك كان يقول: ( ما كره قوم قط حر السيوف إلا ذلوا )
مواجهة الطغاة(مبدأ الثائرين)
كانت ثورته عليه السلام تعبيراً حركياً وعملياً عن حقيقة مبدأ الإسلام العظيم عن حقيقة الإسلام كمشروع عدالة مشروع كرامة مشروع حرية لبني الإنسان وكانت استجابة فعلية لتوجيهات الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم وعلى لسان رسوله محمد (صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله). ولذلك يجب أن تعي شعوبنا المنتمية للإسلام حقيقة هذه المبادئ المهمة جداً لأن الوعي بها والالتزام بها والتحرك على أساسها هو أمر مهم جداً في أن تغير الأمة واقعها في أن تتخلص من الظلم الذي تعانيه والذي عانت منه على مر التاريخ. في المقابل كانت هناك ثقافة تحرك من خلالها حكام الجور وعلماء السوء استحكمت من خلالها قبضتهم على الأمة سيطرتهم على الأمة, لقد قُدمت طاعة الجائرين والطغاة والخضوع للظالمين والاستسلامُ للمستكبرين والمفسدين والإذعان لهم قدمت ديناً قدمت باسم الدين قدمت على أنها محسوبة على الإسلام ومن تعاليم الإسلام قدمت إلى الأمة لتتعبد بها الأمة, لتتعبد الله تعالى بطاعة الظالمين بالخضوع للمفسدين بالخضوع التام والمطلق لكل ما يفعلونه بها, فكانت النتيجة رهيبة جداً جداً جداً هي النتيجة التي نشاهدها اليوم. لأن واقعنا اليوم ـ كما نكرر كثيراً وكثيراً ـ ليس وليد اللحظة إنه نتاج الماضي إنه امتداد للماضي الذي حول الأمة الإسلامية من أمة قوية كبرى كان لها حضورها العالمي البارز والعظيم والمؤثر إلى واقع لا أسوأ منه في العالم. اليوم وقوى الطغيان مجتمعة في هذا الزمن قوى الطغيان والشر والظلم والجور من داخل أمتنا من المحسوبين على المسلمين تحت الراية الأمريكية تحت الراية الإسرائيلية عبيداً وخدماً وعملاء ومرتزقة يتحركون مجتمعين لتدمير المنطقة واستعباد الشعوب وقهرها وإذلالها فنحن اليوم في حاجة إلى هذه المبادئ إلى هذه القيم القرآنية إلى هذه الروح إلى هذه العزيمة إلى هذا الصبر إلى هذا المستوى العالي من الاستعداد من للتضحية إلى هذا الإباء إلى هذا الصمود إلى هذه القيم العظيمة إلى هذا الإيمان إلى هذا الوعي لنتحرك به في مواجهة هذه التحديات والأخطار.
ونستفيد من الإمام زيد
أن نوجه مواقفنا إلى رأس الهرم
الشر الكبير الذي تعاني منه الشعوب والمعاناة الكبيرة التي تعاني منها الشعوب هي من الحكومات والسلطات المتجبرة والظالمة سواء في منطقتنا, الحكومات التي هي عميلة وتعمل لصالح الأنظمة والحكومات المتسلطة والدول المستكبرة أم في بقية العالم ولذلك نجد أن البعض ممن يتهربون من المسئولية ومن ضعيفي الإيمان والوعي هم لا يعون جيداً مسئوليتهم في الوقوف ضد الظالمين والجائرين والمستكبرين وسيكون في الحد الأقصى وليس الأدنى إذا أراد أن يحس بمسئولية لإقامة العدل أو للوقوف ضد المنكر ضد الظلم ضد الفساد للأمر بالمعروف للنهي عن المنكر فهو سيوجه مواقفه على الآخرين, الناس العاديين!. أما ضد المتجبرين والسلطات والحكومات والدول المقتدرة المتمكنة فهو يخافها ويرهبها.
أن نثبت مهما كان حجم الظروف
اليوم نجد أن الشر الكبير الذي تعاني منه الشعوب والمعاناة الكبيرة التي تعاني منها الشعوب هي من الحكومات والسلطات المتجبرة والظالمة سواء في منطقتنا, الحكومات التي هي عميلة وتعمل لصالح الأنظمة والحكومات المتسلطة والدول المستكبرة أم في بقية العالم ولذلك نجد أن البعض ممن يتهربون من المسئولية ومن ضعيفي الإيمان والوعي هم لا يعون جيداً مسئوليتهم في الوقوف ضد الظالمين والجائرين والمستكبرين وسيكون في الحد الأقصى وليس الأدنى إذا أراد أن يحس بمسئولية لإقامة العدل أو للوقوف ضد المنكر ضد الظلم ضد الفساد للأمر بالمعروف للنهي عن المنكر فهو سيوجه مواقفه على الآخرين, الناس العاديين!. أما ضد المتجبرين والسلطات والحكومات والدول المقتدرة المتمكنة فهو يخافها ويرهبها.
البصيرة ثم القتال
عبارة أطلقها الإمام زيد (عليه السلام) من رؤية قرآنية نافذة يعلم خطورة الجهل وغياب الوعي وما يؤدي إليه من اختلالات في سلمية التوجه وصحة المسار النابع من صميم الإسلام المحمدي الأصيل ذلك لأن التوجه الخاطئ أو الناقص ـ حتى وإن كان تحت عنوان (في سبيل الله) ـ إنما ينتج عنه أخطاء كارثية ويعود بخسارة كبيرة في مقدمته خسارة عظماء وأعلام ورجال مؤمنين. لذلك الإمام العظيم زيد بن علي (عليهما السلام) ـ كما يقول الشهيد القائد (رضوان الله عليه) ـ كان يقول في ذلك الوقت (البصيرة البصيرة) يدعو أصحابه إلى أن يتحلوا بالوعي، ألم ينهزم الكثير ممن خرجوا معه؟ ألم يتفرقوا عنه؟ لأنهم كانوا ضعفاء البصيرة،كانوا ضعفاء الإيمان، كانوا قليلي الوعي،أدى إلى أن يستشهد قائدهم العظيم، أدى إلى أن تستحكم دولة بني أمية من جديد).