العدوان الأشدُّ ضرراً وفتكاً
بقلم / د. مهيوب الحسام
لم يبدأِ العدوانُ الأنجلوصهيوأمريكي الأصيل بأدواته الأعرابية وتحالفه على الشعب اليمني العظيم في 26 ما رس2015م بل منذ زمن بعيد، وما هذا العدوان المباشر إلا نتاج طبيعي لعدوان سابق استهدف الشعبَ اليمني وشعوبَ الأُمَّــة كُلَّها بحربٍ أشدَّ فتكاً وأكثرَ تدميراً وخطراً، وتأثيرُه يفوق هذا العدوانَ بأضعاف وبعشرات المرات، ولولاه لما حصل هذا العدوان أَسَاساً.
لقد شن الطاغوت “المستعمر” عدوانَه على شعوب الأُمَّــة، ومنها الشعب اليمني، بحرب عدوانية ثقافية وفكرية استهدفت العقول، مما أَدَّى إلى حَرْفِ الأُمَّــة عن مسارها وأبعدها عن مفاهيم هديها وقِيم دينها، مدمّـراً كثيراً من قيَمها وأخلاقها، مستهدفاً روحَ إيمانها الرافعة لعزتها وكرامتها، مصوباً سهامَه على هُــوِيَّتها الإيمانية؛ بغرض طمسها وإبدالها بهُــوِيَّات مسخية تُضعِفُ الأُمَّــةَ للحد الذي يحقّق فيه أطماعه في السيطرة عليها واستعباد شعوبها ونهب ثرواتها، محاولاً سحقَها تماماً ونهائياً.
ولقد بلغ تأثيرُ ذلك العدوان الذي يتصدَّرُه اليهود والنصارى على شعوب الأُمَّــة مبلغاً وصل فيه إلى أن صنع لهم أصناماً من تراث أسماها ديناً لهم، فاتبعوه وعبدوه ومنه استخرج لهم علماءَ وجماعاتٍ دينية ومثقفين ومفكرين احتضنهم وعلّمهم فتاواه لمن صنع من حكام له عليهم يعملون في شعوبهم بأمره لإذلالهم وتركيعهم تحت أقدام ذلك الطاغوت.
لقد بلغت هيمنة الطاغوت بمن صنع من الحكام على الأُمَّــة أن قام بتقسيمها عام 1917م بما سمي “سايكس-بيكو” إلى دويلات وكنتونات وضع لها حدوداً عازلةً عن بعضها، وبهم نفّذ مخطّطاتِه الشيطانيةَ ومشاْريعَه الإجرامية القذرة في شعوب الأُمَّــة، دون إدراك منها، بل وسوّق بأن التقسيمَ نوعٌ من الحرية والاستقلال، وعبّر كثيرٌ من قادتها في أحيان كثيرة عن امتنانهم للمستعمر، ونذكر ما قاله ياسين نعمان ومسؤولون آخرون بعد عام 2011 وما كالوه من مديح للمستعمر البريطاني وأفضاله ومحاسنه إلى أن تمنى بعضُهم عودتَه من جديد حتى ذهبوا إليه بأنفسهم!.
ذلك العدوان عمل على إذلال شعوب الأُمَّــة وتعبيدها وبحكام منها عبيداً للطاغوت أسموهم بولاة أمرهم وأوجبوا طاعتهم وهم عملاء تابعون للطاغوت يحكمون بأمره ويخضعون له خضوعاً كاملاً، وهو ما أفقد الأُمَّــةَ قوتَها ومَنَعَتَها وأوصلها للعدوان المباشر اليوم والذي رغم فداحته وفظاعته يظَلُّ أقلَّ ثمناً وكلفة للأسباب التالية:
1) إن الصدمة الناشئة عن هذا العدوان المباشر قد أَدَّت لصحوة لدى شريحة واسعة من أبناء الشعب جعلتهم يعيدون النظر في ما هم فيه.
2) في هذا العدوان أدرك كثيرٌ من أبناء هذا الشعب والأمة مَن هو عدوهم، وبرز الشرفاء منهم لمواجهته، وبتوكلهم على الله صبروا وثبتوا وانتصروا عليه في مَواطِنَ كثيرة.
3) إن هذه المواجهة قد أحيَت في نفوس كثيرة إيمانَها وهداها بعد دهر من ضلال وانحراف عن هدى الله وصراطه المستقيم بعدما اتَّبع كثيرٌ منهم السُّبُلَ فتفرَّقت بهم عن سبيله.
4) لقد أحيت هذه المواجهةُ روحَ الجهاد في نفوس المواجهين وعززت الإيمانَ بالله في قلوبهم، رافعاً المعنوياتِ عِنانَ السماء، ورسَّخَ ثقتَهم بأنفسهم وبقدراتهم وبالله وبنصره لهم وبهزيمة الطاغوت، وهم بعون الله يمضون من نصرٍ إلى نصر، وهذا لم يكن ليتأتَّى قبل هذا العدوان.