الخبر وما وراء الخبر

مسلسل السقوط

17

بقلم / د. فاطمة بخيت

الإنسان هو الإنسان، ولكن ما يميز إنسان عن آخر هو سلوكه وتصرفاته، وقيمه الدينية والإنسانية، فقد يرتقي بها إلى الأعالي، وقد يهوي بها إلى الحضيض، ولا شيء آخر يمكن أن يرفعها مهما امتلكت من الإمكانات ووسائل الرفاه، فما هي إلا شكليات مصيرها إلى الزوال، ولكل إنسان في هذه الحياة أن يختار ما يلائمه، فإما أن يرتقي بنفسه، وإما أن يحطها.

والشعب اليمني منذ القدم شعب له تاريخ وحضارة، وشخصياته التي تميزت بالرقي الإنساني والأخلاقي، وهذا ما تنقله صفحات التاريخ لا نحن، حيث سطرت أنصع المواقف، وتحدثت عن أروع الشخصيات وصولاً إلى عصرنا الحاضر الذي أثبت فيه الإنسان اليمني تمسكه بالدين والقيم والمبادئ في الوقت الذي يعصف الانحطاط الديني والقيمي بمعظم أبناء الأمة، على الرغم مما يعانيه من ويلات العدوان والحصار، ذلك الإنسان الذي كان ولا يزال رافضاً للذل والخنوع والهوان والاستسلام مهما بلغ حجم التحديات، فكيف إذا ما كان ذلك مساساً بأعراض طاهرة، حافظت على طهارتها على مر الأزمان.

كنت أراقب قبل أيام ردود الأفعال تجاه ما بثته قناة mbc على أحد مسلسلاتها الهابطة (رشاش)، الذي تكلم فيه أحد ممثليها المنحطين عن نساء اليمن، وكأنهن مجرد وسيلة للمتعة والوناسة له ولغيره من السفلة والمنحطين، فكانت تلك العبارة التي وردت على لسانه القذر مثار غضب الكثير من أبناء هذا الشعب، وخطت أيادي الكتاب الأحرار الكثير من المقالات والردود على هذا الاستهداف الممنهج لنساء اليمن الطاهرات العفيفات اللواتي يشهد لهن التاريخ منذ القدم بذلك، ولن يستطيع هذا السافل وأمثاله من النيل من شرفهن وعفتهن، سواء عن طريق هذا المسلسل أو سواه من الوسائل، فمن حين لآخر تتبين الأهداف الحقيقية من العدوان المتعدد الأبعاد على هذا الشعب.

وإن كان مرتزقتهم قد سكتوا عن مثل هذا النوع من الاستهداف للأعراض اليمنية، فإنّما يدل على أنّ من تعاون على احتلال أرضه، قد يرضى بانتهاك الأعراض، ومثل هذه المواقف لا تمت لأحرار هذه الأرض الطيبة بأي صلة، كما رأينا سكوتهم على انتهاك الأعراض في المناطق المحتلة، في الوقت الذي تحركت فيه الغيرة اليمنية العارمة في مختلف المحافظات والمناطق المحررة.

أما السعودي ممثل أو غير ذلك فإن كان قد فتح لنسائه دور السينما والملاهي والفجور فلا يتوقع منه إلا ما هو أشد وأنكى، وقد عبر هذا السعودي في هذا المسلسل أنّ السكر والعربدة والانحطاط الأخلاقي أصبح جزءًا من ثقافته المنحرفة المتأثرة بثقافة أعداء الدين، تلك الثقافة التي هي في الأساس خدمة للمشروع الشيطاني في المنطقة لمسخ الدين والقيم والمبادئ، وقد عبر عن الوضع الذي اختاره لنفسه بالتوغل أكثر وأكثر في مستنقع الرذيلة والفساد.

وأما الشعب اليمني فسيظل ذلك الشعب الحر الغيور، الشعب الأبي الصامد رغم كل التحديات، وسيظل صخرة صماء تتفتت عليها كل المخططات والمشاريع الشيطانية، وستظل نساؤه النساء الطاهرات العفيفات اللواتي اتخذن من نساء بيت النبوة خير أسوة وقدوة، ومما يشهد بذلك أنهن ضربن خلال سنوات العدوان السعودي- الأمريكي على اليمن أروع الأمثلة وأشجع المواقف التي لم يشهد لها التاريخ المعاصر مثيلاً، على رغم المعاناة وشدة الألم، ولن يستطيع النيل منه أيّ منحط وسافل، فالشامخ يبقى شامخاً مع وجود أقسى التحديات، سجية تجري منه مجرى الدم، يموت ولا يتخلى عنها، وضع اختاره لنفسه ولن يرتضى لسواه بديلاً.