وجه سويدي إلى اليمن.. هل تتغير أجندة التحالف
بقلم// محمد الحاضري
بعد فشل مهمة ثلاثة مبعوثين أممين إلى اليمن ها هي الأمم المتحدة تقرر إرسال الدبلوماسي السويدي هانز غروندبرغ مبعوثا جديدا، فهل يستطيع إحداث خرق في جدار الحرب والحصار أم أن أجندة تحالف الدول المعتدية ستتغلب عليه كما فعلت بسابقية.
ويعد غروندبرغ، الذي يشغل منصب سفير الاتحاد الأوروبي لدى اليمن منذ سبتمبر 2019، رابع مبعوث أممي إلى اليمن منذ 2011 عقب المغربي جمال بنعمر، والموريتاني إسماعيل ولد الشيخ، والبريطاني مارتن غريفيث.
وبالعدوة إلى أداء المبعوثين السابقين إلى اليمن وكيف انتهت مهامهم نجد أن المبعوث الأول جمال بن عمر قدم أو أجبر على تقديم استقالته منتصف إبريل 2015من منصبه، إي في الشهر الأول على بدء العدوان الأمريكي السعودي على اليمن بضغط من التحالف، ولم تخفي السعودية حينها غضبها منه بسبب رفضه الانخراط معها في تبرير العدوان، ونتذكر هنا أنه أكد في إفادته الأخيرة لمجلس الأمن أن القوى السياسية في اليمن كانت على وشك التوقيع على اتفاق ينهي الأزمة السياسية في البلاد لكن الحرب التي شنها التحالف أفشل هذا الاتفاق.
بعد ذلك عين مجلس الأمن ولد الشيخ والذي اعتبره مراقبون مفاوضا وممثلا للسعودية أكثر منه وسيطا عن مجلس الأمن، فقد كان أداة طيعة لتنفيذ ما أراده تحالف الحرب على اليمن ومحاولا إجبار صنعاء لتنفيذ ما عجز عنه عسكريا، متجاهلا الحرب العدوانية والجرائم بحق الشعب اليمني.
وفي نهاية المطاف وضعت صنعاء حدا لتمادي ولد الشيخ ورفضت التعامل معه وهو ما اضطر الأمم المتحدة إلى استبداله بعد ثلاثة أعوام من الفشل الذريع، ليحل محله البريطاني مارتن غريفث في فبراير 2018 والذي كان أقل فجاجة من سابقه لكنه لم يخرج كما سابقة عما أرادته الرباعية الأمريكية البريطانية السعودية الإماراتية، في محاولة كسب بالسياسة ما فشلت في تحقيقه بالحرب.
كما أن الإنجاز الوحيد لمارتن غريفث وهو اتفاق السويد في ديسمبر 2018ظل يراوح مكانة دون تنفيذ إلا ما التزامت صنعاء بتنفيذ طواعية من تحويل إيرادات ميناء الحديدة لصالح المرتبات في البنك المركزي فرع الحديدة، وفتح المجال للجان التفتيش الأممية في موانئ الحديدة.
في حين “مرت ثلاثة أعوام ونيف على الاتفاق الخاص بالحديدة وما يزال طرف التحالف ممتنعا عن تنفيذه وبعكس ما قضى به الاتفاق يواصل حجز السفن وشن الغارات الجوية، كل ذلك على مرأى ومسمع من الأمم المتحدة ومن دون أن يصدر منها أي إدانة… الأمر الذي يجب علينا أن نيأس تماما من أية حلول عبرها واعتبار هذا النوع من الآمال مجرد آمال كاذبة -على الاقل- لحين خروج أمريكا والدول الغنية من الملف” الكلام هنا لنائب وزير الخارجية اليمني صلاح العزي.
في المجمل كانت الأسباب الحقيقية لرفض القوى الوطنية في العاصمة اليمنية صنعاء التعامل مع المبعوثين (الموريتاني والبريطاني) هو تجاهلهما الأسباب الحقيقة للحرب والحصار في اليمن، ودور تحالف الدول المعتدية في إبقاء قواعدها وقواتها العسكرية وفرض واقع جغرافي يقسم اليمن وكذلك الاستيلاء على الجزر والمناطق الاستراتيجية في البلاد، وفرض الهيمنة الخارجية على الدولة اليمنية.
في المقابل أكدت القوى الوطنية في اليمن غير مرة انفتاحها على السلام العادل الذي يحفظ لليمن كيانه وحريته وكرامتها، وأن من يعيق السلام هم تحالف العدوان المستمرون في الحصار الخانق والحرب والقصف، مشددة على أن عملياتها العسكرية ما هي إلا رد فعل طبيعي ومشروع على من يشن الحرب والغارات ويحتل أجزاء واسعة من اليمن.
بعد تجارب مريرة مع منظمة الأمم المتحدة الرازحة تحت هيمنة نفوذ وأموال من يعتدون على اليمن على مدى سبع سنوات لم تعد صنعاء تعلق آملا كبيرة على دور إيجابي لهذه المنظمة، والعبرة ليست بتغيير الوجوه لكن العبرة هي في أجندة الأمم المتحدة هل تريد حقا إحلال السلام أم أنها ستستمر كأداة وغطاء لتحالف الدول المعتدية وتنفيذ أجندتها فلن يتغير تعامل صنعاء مع مبعوثها الجديد عن تعاملها مع المبعوث السابق.
وفي هذا السياق يعبر رئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبدالسلام موقف صنعاء بقوله إن “تعيين مبعوث جديد لا يعني شيئا ما لم يكن هناك إعلان صريح بوقف العدوان ورفع الحصار، ولا جدوى من أي حوار قبل فتح المطارات والموانئ كأولوية وحاجة وضرورة إنسانية، على دول العدوان أن تدرك ما سببه عدوانها وحصارها من معاناة ومن دمار، وأن تعي أن استمرار تعنتها سيكلفها أكثر وأكثر”.
ميدانيا يمضي الجيش اليمني واللجان الشعبية بخطىً ثابته لتطهير ما تبقى من الأرض اليمنية من المحتلين، وبات تحرير مأرب قاب قوسين أو أدنى وهو ما يجعل تحالف الدول المعتدية يرمي بكل ثقلة للحؤول دون ذلك وبشتى الوسائل كونه يعلم أهمية المحافظة الاستراتيجية الغنية بالثروات والتي كان السيطرة عليها وسلخها عن الجسد اليمني من أهم أهداف التحالف قبل سبع سنوات، وبالتالي فإن حسم المعركة وتطهير مأرب من الغزاة والقاعدة وداعش سيكون بوابة لنهاية العدوان والحرب وهو ما سيعزز فرص السلام والأمن ليس في اليمن فقط بل في المنطقة.