كيف قضت حركة النهضة على مستقبلها السياسي وما عوامل نجاح اجراءات الرئيس سعيّد ؟
بقلم المستشار / عبدالله عامر
الاجابة على هذين السؤالين تستدعي القراءة والتمعن في الاتي :
اولاً : فيما يتعلق بالسؤال الاول:
*****************
١- الاسلوب المألوف عن الاخوان المسلمين عندما يصلون الى السلطة يتنكرون لكل شعاراتهم ووعودهم وحلفاءهم ويتقوقعون على ذاتهم باسلوب فج.
2- اقدام حركة النهضة في 2014 على ايجاد دستور غير منضبط شتت طبيعة النظام السياسي لتونس وميع شكله فلا هو نظام رئاسي ولا نظام برلماني وانما نظام مزدوج مما فتح مجال لاعاقة عمل السلطة واوصل الوضع الى درجة مخيفة.
3- طبيعة حركات الاخوان التنظيمية التي يتغول فيها قرار الحركة وقيادتها على اداء الدولة حتى لو كانت قد اصبحت في قمة السلطة، وذلك بادارة الدولة بعقلية الجماعة لا عقلية الدولة وهذا ما احدث فجوة كبيرة بين متطلبات الحكم واستحقاقات الشعب ومطالب ومصالح الحركة.
4- تغليب الحركة مصالحها ومصالح اعضاءها على مصالح الشعب من حيث الاستئثار بالوظيفة العامة والامكانات العامة وتعاملها وكانها مسئولة فقط عن اعضاء الحركة وهذا ما ساد ابان حكم الاخوان المسلمين في مصر وادى الى ثورة شعبية عارمة اطاحت بهم وقذفت بهم الى خلف القضبان والشتات.
5- محاولة الحركة تدجين المؤسسات السيادية وتطويعها للحركة وكذلك فرض اراءها وافكارها على الشعب بالترغيب والترهيب ولجوءها للاغتيالات.
6- انغماس كبار قياداتها في الفساد والعمالة للخارج واخذ الاموال من تركيا وانسلاخها عن الشعب التونسي وتهديدها لسيادة الدولة وقبولها بالتدخل الخارجي ما دام انه ياتي من ما يسمى خليفتهم اوردغان.
7- محاولتها تطويع الرئيس لرغباتها ومصالحها وابتزازه بالاغلبية وبما تم تدجينه في الدستور الذي فصلته على مقاسها في العام 2014 ، وهو ما ادى الى التصادم ووصول الرئيس الى قناعة بان هذه الجماعة كارثة وطنية ويتعذر اصلاحها بالحوار السياسي وان الحل هو العلاج بالكي .
8- تعمد حركة النهضة اعاقة تشكيل المحكمة الدستورية.. حيث عملت على اعاقة ترشيح البرلمان للاعضاء المخول له ترشيحهم للمحكمة الدستورية وعددهم 4 اعضاء من مجموع 12 عضواً رغم تسمية الرئيس ال 4 الاعضاء المخول له اختيارهم، وتعمد الحركة ذلك كان بهدف حماية تصرفاتها ولم تفكر ان تلك الحفرة التي حفرتها ستقع فيها الاّ يوم امس .
9- تعمد الحركة الاضرار بمصالح الشعب واعاقة الحلول الاقتصادية والسياسية والصحية ومحاولة فرض عناصر في الحكومة مشهورة بالفساد وعليها ملفات فساد كما حدث في حقيبة الصحة، وهو ما رفضه الرئيس، وادى الى احتقان شعبي كبير وغضب ضد النهضة باقرار الكثير من قياداتها مؤخراً وبعد فوات الاوان.
10- مراهنتها على سيطرتها على بعض النقابات والاتحادات العامة بما فيها الاتحاد العاد للشغل والذي يملك ثقل كبير وتاثير جماهيري بدلاً من مراهنتها على الرضا الشعبي، واليوم تتفاجأ بانه حتى الاتحاد العام للشغل لم يعد مناصراً لها بسبب ما ترتب على سياستها من وضع معيشي صعب طال كافة التونسيين.
11- اخذها العزة بالاثم عند جميع محطات الحوار السياسي والنقد الذي وجه لها من الرئيس والاحزاب والناشطين والاكاديميين واخذت بشعار لا راي الاّ ما ارى حتى اوصلت نفسها الى المأزق الحالي .
ثانياً: فيما يتعلق بعوامل نجاح اجراءات الرئيس:
****************
1- تزامن الاجراء المتخذ من الرئيس مع حالة غضب شعبي كبير ضد الاغلبية البرلمانية والاخوان بالذات وسبق الدعوات العامة والواسعة لحل البرلمان وحل النهضة.
2- حدوث تعرية واسعة لسياسة النهضة في فترة ال 10 السنوات الماضية التي اعقبت اسقاط نظام بن علي، وما ترتب عليها من اضرار ومخاطر على الشعب.
3- التفاف الجيش والامن حول الرئيس وتعذر اختراقه باي شكل وفي اي مستوى حتى المستويات الدنبا.
4- الصلاحيات الممنوحة للرئيس بموجب الدستور وغياب الفهم لدى النهضة للتاويل.. حيث راهنت على استحالة استخدام الرئيس للفصل 80 الا بموافقة رئيس البرلمان ورئيس الحكومة، مع ان النص الدستوري تحدث عن احاطة- اي انه ليس وجوبياً- وهو ما اتبعه الرئيس، فضلاً على ان الرئيس وضع اداء وفساد وزراء النهضة واعضاءها في البرلمان ضمن المبررات الموجبة للاجراء وهو ما يعفيه من بقاء البرلمان منعقداً وساعده في ذلك وجود ملفات كبيرة ضد النهضة ستمثل القاضية عليهم عند اعلانها وتحريكها للقضاء.
5- وجود تاييد سياسي كبير لاجراءات الرئيس حتى من احزاب البرلمان بل واعضاء برلمانيين حاليين، وفوق ذلك من الشعب والنخب المستقلة .
6- كما ان من عوامل نجاح اجراءات الرئيس انه رئيس منتخب من الشعب وحصل على 72% من اصوات الناخبين وهو ما يفوق بكثير. مجموع اصوات ائتلاف الاغلبية ( النهضة وحزب فلب تونس).
7- ما يحظى به الرئيس من قبول شعبي كرجل دستوري ومناضل مجمع عليه. ونظيف اليد ولا ينتمي لاي حزب وانما يستند الى دعم شعبي.
8- ذكاء الرئيس بابقائه البرلمان معلق وهذا التعليق في ظل عدم تشكيل المحكمة الدستورية سيستمر الى الزمن الذي يقرره الرئيس .
9- رفع الحصانة عن جميع اعضاء البرلمان وهو بذلك اعطى رسالة للشعب بان الفاسدين لن يستفيدون بعد الآن من الحصانة وانه بصدد محاكمتهم وهذه نقطة قوية سجلها الرئيس سيما انه تولى مهمة النائب العام وهو ما سيساعده على تحريك الدعاوى الجزائية ضد الفاسدين من النهضة وغيرهم.