الخبر وما وراء الخبر

مقتل بلعيدي واستكمال تسليم المحافظات الجنوبية للقاعدة (تقرير)

92

صدى المسيرة|إبراهيم السراجي

أن تقومَ الطائراتُ الأَمريكيةُ بدون طيار باستهداف زعيم تنظيم القاعدة جلال بلعيدي وتتمكّنَ من قتله في أبين ولا تمر إلا ساعات قليلة ويعلن التنظيم السيطرة على كامل محافظة أبين ويعلنها (إمارة إسلامية) ويكثف من نقاطه العسكرية في مدن المحافظة ويرفع إعْلَامه فوق المقار الحكومية فكل ذلك بحسب مراقبين يكشف عن فصل جديد من مؤامرة تسليم الجنوب للقاعدة حيث جرى ذلك بصورة تتنافى مع أي تنظيم يتعرض لهجمات جوية وتودي بحياة قائده وبدلاً عن أن يتحرك بسرية يقوم برفع درجة ظهوره العلني في أبين.

وأعلن تنظيمُ القاعدة عن سيطرته على محافظة أبين بعد أيام قليلة من سيطرته على مدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج وأيام أقل من سيطرته على مدينة عزان بمحافظة شبوة. وفيما تقع لحج وأبين على بُعد 27 كيلو و55 كيلو على التوالي من محافظة عدن، حيث تتواجد قوات الاحتلال تظهر الغطرسة السعودية بإعلان المتحدث باسم العدوان عن استعداد النظام السعودي لإرسال قوات برية إلى سوريا للمشاركة في التحالف الدولي بقيادة أَمريكا بغرض (محاربة داعش).

وقبل تناول الخطوة السعودية باتجاه سوريا يبقى من الأهمية بمكان كشف خيوط المسرحية (الأَمريكية-السعودية) مع القاعدة وانطلاقاً من إعلان القاعدة لمحافظة أبين كإمارة قاعدة تزامُناً مع مقتل جلال بلعيدي يظهر في تغطية بعض الوسائل الإعْلَامية الجنوبية والموالية للرياض قولها إن مسلحي القاعدة طردوا مسلّحي (المقاومة الجنوبية)، كما جاء في خبر نشره موقع صحيفة عدن الغد.

هذه التغطيةُ الإعْلَاميةُ التي تشرّعُ للعدوان السعودي تسليمَ المحافظات الجنوبية للقاعدة هي جزءٌ من مشروع انخرطت فيه بعضُ الفصائل الجنوبية وغرقت في أتون العدوان رغم معرفتها وما تلمسُه من نتائج اقصاء وتصفية ولذلك كانت المسرحية مليئة بالتناقضات حيث يجبُ على المتابع أن يقتنع ويتوقف عن البحث عند جملة (مسلحو القاعدة طردوا مسلحي المقاومة الجنوبية من أبين) وعلى المتابع أن يتوقف عن السؤال عن انتهاء دور تلك المقاومة عند ظهور طلائع القاعدة وألا يسأل أيضاً عن موقف طيران العدوان والطائرات الأَمريكية بدون طيار من انتشار القاعدة في الشوارع الرئيسية بنقاط التفتيش وإعْلَامها المرفوعة فوق المقار الحكومية وكذلك على المتابع ألا يسأل عن موقف (المقاومة الجنوبية) القادم من سيطرة القاعدة على ابين ولحج وشبوة وقبل ذلك حضرموت؛ لأنه وببساطة أن العدوان الأَمريكي السعودي يريدُ ذلك ولم يبذل مجهوداً لإخراج مسرحية أفضل من تلك الهزيلة بكثير.

 

  • فصلٌ مسرحيٌّ باهتٌ من الـيَـمَـن إلى سوريا

أعلن المتحدّثُ باسم دول العدوان على الـيَـمَـن أن السعودية على استعداد لإرسال قوات برية ضمن التحالف الدولي بقيادة أَمريكا لمحاربة داعش وعلى غرار الإعلان المسرحي من واشنطن عن العدوان على الـيَـمَـن وما أن انتهى المتحدث السعودي من إعلانه حتى جاء الردُّ الأَمريكي سريعاً، حيث أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يرحب بإعلان السعودية تعزيز مشاركتها في القتال ضد تنظيم “داعش”.

وبتجاوز الدعم المكشوف من قبل النظام السعودي للقاعدة وداعش في سوريا فإن ادعاءَها الاستعداد لمقاتلة الإرهابيين في سوريا يجعل من أي متابع يحكم أن الأولى أن تبدي السعودية استعدادها لمواجهة الإرهابيين الذين يسيطرون على المحافظات الـيَـمَـنية على بعد امتار من مقرات قواتها في عدن وتحت أعين طائراتها التي تقصف الـيَـمَـن شرقا وغربا وشمالا وجنوبا باستثناء مواضع سيطرة القاعدة من حضرموت إلى لحج التي تقع فيها قاعدة العند حيث مقر قوات الاحتلال السعودي الاماراتي… إلخ.

يمضي نظامُ آل سعود في مسرحيته وجريمته برعايته ودعمه لسيطرة القاعدة على المحافظات الجنوبية ظناً منه أن ما يقدمه من تبريرات ستنطلي على العالم لكنه –أي النظام السعودي- يبدو معزولا أَوْ أن هناك من يعزله ويجعله خارج دائرة الإدراك التي تفيد بوعي دولي لدور السعودية في دعم القاعدة بالـيَـمَـن.

في وقت مبكر اكتشف الإعْلَام الغربي ومراكز الدراسات حقيقة العلاقة بين القاعدة وداعش مع السعودية التي لا تدرك أَوْ لا تريد أن تدرك أن مسرحيتها مكشوفة منذ بداية فصولها الصغيرة. ففي يوليو الماضي نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الأَمريكية تقريراً أكدت فيه أن عناصر القاعدة يقاتلون جنباً إلى جنب مع التحالف السعودي في عدن قبل أن يصدر بيان عن زعيم القاعدة يؤكد تواجد مسلحي التنظيم في مجمل الجبهات التي فتحها تحالف العدوان بالـيَـمَـن.

بعد ذلك بأقل من شهر تساءلت صحيفة ذي ناشيونال انترست الأَمريكية: لماذا السعودية لم تهاجم المحافظة الوحيدة “حضرموت” الذي يتحكم فيها تنظيم القاعدة الإجرامي؟

وأضافت: حضرموت هي المنطقة الوحيدة في الـيَـمَـن التي تركت دون مضايقة من قبل السعوديين؛ لأنها تستخدم القاعدة في حضرموت، كانطلاقة للعمليات ومن خلالها يتم التخطيط لشن الهجمات.

وقالت الصحيفةُ في حينه: إن القصفَ السعودي على الـيَـمَـن لم يحقّق سوى تعزيز وتمكين الجماعات المتطرفة وما حدث من عملية اقتحام عدن، ومشاركة التنظيمات الإجرامية مع السعودية يشبه إلى حد مخيف ما حدث في سوريا.

ما تحاول السعودية أن تخفيه هو واضح من أي شيء آخر، ولعل غطرستها وعدم إتقانها للدور، هو ما دعا وزارةَ الخارجية الروسية، الجمعة الماضية، للسخرية من الإعلان السعودي باتجاه سوريا.

جاء ذلك من قبَل المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا والتي علّقت بالقول: “السعودية مستعدة لعمليات برية في سوريا ضمن جهود التحالف الدولي الذي تقوده أَمريكا. جاء هذا على قناة العربية عن مستشار وزارة الدفاع، أحمد العسيري.. أخاف أن أسأل: هل غلبتم الجميع في الـيَـمَـن؟”.

ويجدُرُ التذكير بأن السعوديةَ وكعادتها مؤخراً باتخاذ القرارات الكبيرة في ساعات متأخرة من الليل، وكان نجل الملك السعودي في 14 ديسمبر الماضي قد أعلن عن تحالف إسلامي لمكافحة الإرهاب مكون 34 دولة بقيادة بلاده، وبغض النظر أن دولاً كبرى بينها باكستان وإندونيسيا وغيرهما ممن أعلنوا عدم علمهم بتحالف بن سلمان إلا أن التخبط السعودي يظل سمة نظام سلمان الذي أعلن استعدادَه لمكافحة الإرهاب بقيادَة أَمريكا فأين ذهب التحالف الإسلامي المذكور؟.