الخبر وما وراء الخبر

المعارض السعودي علي آل أحمد لـ “المسيرة نت”: الأشهر القادمة ستكون مهمة في تاريخ الجزيرة العربية

166

توقع المعارض والناشط الحقوقي السعودي والخبير في الشأن الخليجي علي آل أحمد بأن “الأشهر القادمة تحمل إشارات تمرد واسع في الداخل السعودي بما فيها المؤسسة العسكرية”.

وتعليقاً على تحرير الجيش واللجان الشعبية عشرات الكيلو مترات في المناطق الحدودية، قال آل أحمد إن “وجود أراضي محررة من النظام السعودي ستشكل منطلقاً لتحرير كافة مناطق البلاد من الاحتلال السعودي”.

جاء ذلك في حوار أجراه موقع “المسيرة نت” مع آل أحمد أكد فيه الحاجة إلى منهج وشخصية كالشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي حتى يتنسى “تجاوز الولاءات القلبية إلى فكر تقدمي يغير الواقع” حد قوله.

مشيراً إلى أن “أمريكا وبريطانيا لا تهتمان لحقوق شعب الجزيرة العربية أو رخائه بل العكس فسياساتهم تنطلق من عقائد دينية وثقافية ترى في شعوبنا خصوم”.

حاوره: إسحاق المساوى

المحور السياسي

ما هو تحليلك لحالة النظام السعودي على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي؟
النظام السعودي يعيش قلقاً كبيراً هذه الأيام بعد سلسلة تراجعات داخلية وإقليمية ودولية فقد خسر حليفه ترمب وضامنه نتانياهو وقهره اليمنيون بعد 6 سنوات من الحرب المدعومة من أمريكا وبريطانيا وغيره من دول الخارج، بينما يعيش تراجعاً اقتصادياً وتململاً شعبياً واسعاً، ومظاهر احتجاجات واسعة في الأشهر القادمة. يحاول رأس النظام بن سلمان إظهار الهدوء لكنه يبدو مرتبكاً ويحاول أن يعيد علاقاته مع دمشق ويسترضي طهران ويصالح صنعاء بأقل الخسائر.

ما الذي ترشح للأستاذ علي الأحمد من توقعات لخاتمة النظام السعودي؟
الأشهر القادمة ستكون مهمة في تاريخ الجزيرة العربية؛ لأنها تحمل إشارات تمرد واسع في الداخل وحتى من داخل المؤسسة العسكرية بعد فشل غزو اليمن وقهر إرادة شعبه رغم الدعم الأمريكي البريطاني المستمر لحد اليوم عسكرياً وسياسياً. ربما نرى هزيمة داخلية كبيرة للنظام وتقلص سيطرته على البلاد. لا أرى مظاهر إنهيار حالياً، لكن أرى تراجعاً كبيراً في “شرعية” النظام وقبوله محلياً.

العدو الإسرائيلي أظهر إلى الواجهة مشروع التطبيع، ما هي استراتيجيات المعارضة في السعودية للتصدي للتطبيع؟
لاتوجد أي أطراف في المعارضة السعودية ولو تلميحاً دعت إلى التطبيع أو قبلت به. وليس هناك أي أمل أن يقبل الشارع بجهة تدعو للتطبيع مع الإسرائيليين فإسرائيل هي خصم للشعب في الجزيرة أيضاً لأنها دعمت النظام السعودي ضد الشعب. بمعنى آخر حتى لو غفر البعض لإسرائيل جرائمها ضد الشعب الفلسطيني لن يغفر لها جرائمها ضد شعب الجزيرة والشعوب العربية الأخرى.

البعض يتجنب المعارضة من منطلق ديني، بينما خصوصية السعودية (دينية) بامتياز. ما هي رؤيتكم كمعارضة بشأن المقدسات الإسلامية؟
المقدسات الإسلامية هي لكافة المسلمين وليس حكراً على طرف أو بلد فينبغي أن يتشارك كافة المسلمين في رعايتها. تشكل المقدسات الإسلامية منطلقاً استراتيجياً لتعاون المسلمين في مواجهة الأخطار وفي الرقي بأنفسهم.

المحور العسكري

السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي أكد سابقاً لأبناء الجزيرة العربية (الجنوب بالتحديد) أنه يمد لهم يد العون، بالمقابل هناك تحرير لمناطق واسعة على الحدود، كيف تقرأ هذه التطورات؟
لعل الله يوفق بعض أبناء بلادنا اقتفاء آثار صحابة الرسول الذي خرجوا من مكة ولجأوا إلى الخلاء وشاركوا في هزيمة مشركي قريش. وجود أراضي محررة من النظام السعودي ربما تشكل منطلقاً لأبناء شعبنا لتحرير كافة مناطق البلاد من الاحتلال السعودي. إن مشاركة اليمن في تحرير بلادنا من الاحتلال السعودي ستكون علامة فارقة في تاريخ العرب واستكمالاً لتاريخ اليمنيين المجيد في نصرة أخوتهم العرب.

في عملية (نصر من الله) أعلنت اليمن عن تحرير الجبال والمواقع العسكرية المطلة على مدينة نجران، ثم عملية في جيزان قبل أيام حررت 40 موقعاً وقرية. ما هو تعليقك على ذلك؟
دليل على شكيمة الإنسان اليمني واستكمالاً لتاريخه المجيد في تحقيق المعجزات ضد جيش تدعمهم أمريكا وبريطانيا وغيره من دول الغرب. تحرير المزيد من أراضينا يساهم في سقوط أسرع للنظام السعودي.

وكالة أنباء روسية كشفت قبل ثلاثة أعوام عن مشروع تفويج من قبائل يام في نجران للقتال مع الجيش على الحدود.. لماذا التفويج وهناك جيش نظامي ولماذا من يام بالتحديد؟
تفويج القبائل يحصل عندما تحس الدولة السعودية بالخطر الداهم وعند فشل مؤسساتهم الرسمية والجيش النظامي في معالجة أزمة ما. اختيار يام لقتال أخوتهم سببه أن السعوديين يرون التضحية بالإسماعيلية يخدمهم، فهم سيتخلصون من خطر عليهم ويعلمون أن الاسماعيليين ليس لديهم العدد الكافي لاسقاط النظام على عكس القبائل السنية الممتدة في الرياض ومؤسسات الحكومة والجيش. تفويج القبائل هو أيضاً محاولة للسيطرة على شباب القبيلة بضمهم إلى كيانات عسكرية تحت سيطرته وشراء ذمم بعض شيوخ القبيلة.

ما تقييمك لمواقف مشايخ قبائل نجران وتحديداً يام (جشم، آل فاطمة، مواجد، المكارمة)؟
مشايخ نجران طموحاتهم محدودة ولاتتجاوز العيش الكريم ولم تصل إلى الطموح بحكم نجران بأنفسهم. هذا يجب أن يتغير ولو كنت أشير على اليمن لأطلقت إذاعة باسم “نجران” تذكّر شباب نجران بتاريخهم وحكمهم العريق. كما تجاوز اليمنيون الهيكلية القبيلة لصالح العقيدة فيمكن لشعب نجران فعل ذلك بمساعدة اليمنيين.

تاريخياً تعرضتم في جنوب الجزيرة لاحتلال عثماني، ثم تدخل بريطاني، ثم تدحرجت الأحداث من بعدهما، ما هو تقييمك لهذين الحدثين؟
على شعوبنا أن تتعلم رفض الاحتلالات الخارجية والتدخل الأجبني في بلادنا من أي طرف كان. لو لم تحصل هذه الاحتلالات والتدخلات لتحولت بلادنا إلى دول متقدمة ومستقلة وقوية. الأجانب خصوصاً في الغرب لايحملون تجاهنا سوى الحقد النابع من عقائدهم وثقافتهم العنصرية وعلينا أن نعي لهذا ونتعامل معهم على هذا الأساس.

1926- م، 1934م، 2000م، هذه محطات صعبة خلت فيها ساحة جنوب الجزيرة لبطش النظام السعودي، هل يُخشى اليوم من بطش أشد في حال دخلت السعودية مع اليمن باتفاقية سلام؟

نعم بعد هزيمة النظام من الخارج يتوجه إلى الداخل في حرب جديدة ضد الشعب وهذا ما سيحصل لو توقفت الحرب فهو يخشى انفلات الأوضاع والتمرد العسكري. نهيب باليمنيين أن لا ينسوا أخوتهم في مفاوضات أيقاف العدوان.

لماذا حتى اليوم لم تحسم السعودية قضية الجنوب على الرغم من محاولاتكم للحسم طيلة العقود الماضية؟
من مصلحة اليمنيين أن يمدوا يدهم إلى الداخل “السعودي” لكسب حلفاء ضد النظام السعودي. هذا يمكن تحقيقه عبر إبراز معاناة المواطنين في بلادنا ودعوة النظام السعودي مثلاً للإفراج عن المعتقلين، أو إعادة جثث المعدومين وإدراج ذلك في ملف المفاوضات.

ثمة معادلة عسكرية جديدة أعلنها محور المقاومة وأكدت اليمن أنها جزء لا يجزأ منها (التهديد للقدس، يعني حربا إقليمية) هل تتوقع موقعاً للمعارضة في السعودية في المعادلة؟
موقع المعارضة لا يخوله عمل على الأرض حالياً. هناك تصريحات لكن تأثيرها على الأرض محدود رغم أن غالبية الشعب ضد التطبيع. ويجب التأكيد على أن الدعم الأمريكي الإنجليزي الغربي والاسرائيلي للنظام من أسبابه هو خوفهم من نظام جديد يعادي إسرائيل على بعد 10 كليومترات منها.

المحور الحقوقي

الملف الحقوقي في السعودية مكتظ بالانتهاكات، وبالمقابل الانفراجات منعدمة.. لماذا؟
لا يوجد ضغط أمريكي أو بريطاني أو أوروبي على النظام السعودي لتحسين وضع حقوق الإنسان. كل ما يقال هو لتبييض الصورة ويساهم في القمع أكثر من مساهمته في تخفيف حدة الأزمة.

هناك حراك حقوقي ملموس بالتزامن مع انتهاكات النظام، لكن هل هناك تكافؤ؟
لا.

برأيك ما الذي يجعل العملية متكافئة؟
الانشغال بالملفات الحقوقية هي استراتيجية غربية لتجنب الحديث عن التغيير السياسي. تحولت قضية حقوق الإنسان لعملية تخدير.

المال ركيزة أساسية في أي جهود لمعارضة النظام، ما هي الصعوبات المالية التي تواجهكم؟
غالبية المعارضة هي معارضة ممولة ذاتياً وليس هناك دعم سوى لجهتين ربما في المعارضة أحدهما من مسؤول سعودي سابق سرق المليارات وله تاريخ في دعم الإرهاب وتفجير المساجد حتى في اليمن. المعارضة عملية تحتاج إلى دعم مالي فهي ليس مصنعا ينتج ويربح. تمويل المعارضات عادة تقوم به دول لكن الخطر هنا هي التبعية، والتمويل التجاري حالياً صعب بسبب تعاون أمريكا مع السعودية في إيقاف أي عمليات تمويل من رجال أعمال مثلا إن وجدوا أصلا.

لماذا تبدو القضية الحقوقية في جنوب الجزيرة مغيبة عن قائمة القضايا المتصدرة للساحة الدولية؟
تهميش وقمع جنوب الجزيرة ملف طويل وحاولت العمل عليه عدة مرات لكن انعدام الكفاءات في المنطقة تسبب في عدم الحصول على المعلومات الكافية لنشر تقارير. وكنت أول من نشر مثلاً عن منطقة نجران في سنة 2002 في تقرير بعنوان “نجران: القصة التي لم تحكى” ذكرت فيها بعض جوانب معاناة شعب نجران والاسماعيلية وقبيلة يام. هذا ملف مهم لكم والتركيز عليها يساهم في إضعاف النظام السعودي وقبل ذلك توعية أبناء الجنوب بتهميشهم وقمعهم على يد النظام السعودي.

في قضية الحقوق والحريات كانت محافظة صعدة القريبة من نجران تتعرض لما تعرضت له نجران (تغيير ديمغرافي -حرب مذهبية وتكفيرية -طمس للهوية، اعتقالات، تهجير، تشكيك بالولاء، غياب خدمات…الخ. برأيك ما الذي جعل صعدة تنتصر لحقوقها ثم لحقوق اليمن، بينما نجران عجزت عن الانتصار لحقوقها؟
شباب صعدة تجاوزوا هيكلة القبيلة إلى الفكرة بفضل حركة أنصار الله، بينما نجران لازالت القبيلة هي السائد ولهذا نشر الوعي عبر إذاعة وبرامج إعلامية مهم لتجاوز الولاءات القبلية إلى اعتناق فكر تقدمي يغير الواقع. نجران متأخرة عن صعدة بعشرات السنين في الوعي السياسي والثقافي. يحتاجون حسين حوثي.

تراهن معارضة سعودية على أمريكا أو بريطانيا، لكنك شككتَ بأي دور إيجابي تقومان به.. لماذا؟
أمريكا وبريطانيا لا تهتمان لحقوق شعبنا أو رخائها بل العكس فسياساتهم تنطلق من عقائد دينية وثقافية ترى في شعوبنا خصوم. هناك فرق أن تتعامل مع أمريكا وبريطانيا وأن تصدق أنهم يريدون حرية شعبنا واستقلاله ورخائه.

لكنك تعارض من بلد الحليف الأول للسعودية، وغيرك من بلد الراعي الأول للسعودية، وسبق وطالبتَ تركيا بحرية أوسع للمعارضين السعوديين ليتخذوها منطلقاً، لماذا خياراتكم محدودة بهذا المثلث أو بحلفائه؟
نعم ربما وجودنا في أمريكا هو سلاح ذو حدين فواشنطن مكان مهم للتأثير في السياسة لكن في نفس الوقت مارسوا الكثير من الضغوط والحصار ضدنا لكن بعون الله نواصل علمنا إلى أن نصل إلى هدف التحرير.

– هل من كلمة أخيرة؟

شاكرين لكم تواصلكم ولشعب اليمن الصامد كل التحية والشكر والإعتذار أننا لم نوقف الطاغوت السعودي عن العدوان عليكم وقتل أطفالكم وتجويع نسائكم. سامحونا وغفر الله لنا تقصيرنا.