الخبر وما وراء الخبر

لن يتنصل عن القتال إلا من ارتابت قلوبهم

18

بقلم عدنان الكبسي (أبو محمد)

قد يطمأن الإنسان ببعض الأعمال الصالحة، وقد يعتقد أن قلبه قد امتلئ بالإيمان، وإذا عمل بعض المواقف المهمة يظن أنه قد بلغ كمال الإيمان، هذا شئ جيد.

ولكن هذا لا يكفي إذا لم تصل بنفسك إلى درجة أن تبيعها لله وحده بيع صرم نافذ بدون قيد أو شرط، تتحرك لتخوض غمار الموت، لا يكفي الإنتماء دون التجسيد في الواقع الميداني.

المؤمنون هم الذين يستجيبوا لله مهما كانت الظروف فينطلقوا في الميدان حباً وعشقاً لله سبحانه وتعالى، المؤمنون هم المتلهفون في بيع أنفسهم لله، المؤمنون هم المشتاقون للقتال في سبيل الله، يرخصون أنفسهم في سبيل الله ولا يبالون بما تركوا ورائهم وإن كانت لديهم غالية وثمينة، المؤمنون هم الذين من شأنهم أن يقاتلوا في سبيل الله كمسؤولية وكفريضة دينية، يقول السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي (حفظه الله): (من شأن المؤمنين أن يقاتلوا في سبيل الله كمسئولية وكفريضة دينية لها أهميتها الكبيرة في القرب إلى الله وفي مصداقية الإنسان بانتمائه الإيماني وفي دفع الخطر عن الأمة).

ولكن عندما يتهرب الإنسان عن النهوض بمسؤوليته الجهادية ذلك ينبئ عن خلل في الولاء وزيف الإنتماء، ومصداقية الإنسان في انتماءه الإيماني هو أن يقاتل في سبيل الله.

ولن يتنصل عن الجهاد، ويتخلف عن القتال في سبيل الله إلا من ارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون، عديمي الثقة بالله، في قلوبهم مرضاً، وحسبوا أن لن يخرج الله أضغانهم، وسنكتفي في هذا بما ذكره السيد القائد عبدالملك حفظه الله حول هذا الموضوع، يقول السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي (رضوان الله عليه) بعد هذه الآيات {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31)}، قال (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ) من خلال الأحداث والمواقف التي يتحتم عليكم في مقابلها أن تجاهدوا، فَمَنْ جاهد أثبت مصداقيته مع الله، مَنْ جاهد وصبر أثبت مصداقيته، وتجلى ما يحمله في واقعه: من إيمانٍ راسخ، من قيم عظيمة، من أخلاق عظيمة، من مبادئ راسخة عظيمة، من التزام عملي، وصدق في الاستجابة لله -سبحانه وتعالى- ومن لم يجاهد، وتنصَّل عن المسؤولية؛ يتضح أمام الله أنَّه يعاني من ذلك المرض الذي مَثَّلَ عائقًا أمامه، مرض في مبادئه، في انتمائه، في عمق نفسه، عنده أضغان، عنده خلل معنوي كبير مَثَّلَ عائقًا ما بينه وبين أن يستجيب لله -سبحانه وتعالى-.وفعلاً، تجد ما يدل على هذا المرض، طبيعة الأحداث طبيعة تجلِّي كل شيء).