الوكالة الصينية: إعلان السعودية بتدخل عسكري في سوريا للتعويض عن خسائرها المتتالية في اليمن
الإعلان السعودي بتدخل عسكري في سوريا تزامن مع تقدم للقوات السورية على الأرض، مدعومة بهجمات جوية روسية، وللتعويض عن خسائر السعودية المتتالية في اليمن، ولتصدير مشاكلها الداخلية. هذا القرار “يقود المنطقة الى حرب عالمية ثالثة غير معروفة نهايتها على الإطلاق”
قالت وكالة “شينخوا” الصينية أن إعلان المملكة العربية السعودية استعدادها لإرسال قوات برية إلى سوريا لمحاربة (داعش)، أثار، ردود فعل غاضبة من قبل الحكومة السورية التي حذرت من مغبة القيام بذلك، معتبرة أن أي تدخل بري دون أخذ موافقتها هو “عدوان يستدعي مقاومته”.
ويرى مراقبون ومحللون سياسيون في سوريا أن التلويح السعودي بإرسال قوات عسكرية إلى سوريا، سيزيد من تعقيدات مشهد الأزمة السورية داخليا وإقليميا ودوليا، ويعمل على نسف محادثات جنيف 3 التي باءت جولتها الأولى بالفشل، قبل أن يتم تعليقها حتى 25 من الشهر الجاري، مؤكدين أن هذه التصريحات لو طُبقت فعلا فإن المنطقة ستكون على أبواب حرب عالمية ثالثة طويلة الأمد، بحسب “شينخوا”.
– رأي- المحلل الألماني راينَر زوليش: الرياض لديها “رغبة خطيرة” في المغامرة
وقال وليد المعلم وزير الخارجية السوري في مؤتمر صحفي عقده في العاصمة دمشق يوم السبت إن “أي تدخل بري من السعودية في الأراضي السورية يعني إعادة جنودها إلى بلادهم في صناديق خشبية”.
ورأى المعلم أن “التصريحات السعودية لها أساس”، مشيرا إلى أن “هناك مراكز أبحاث في الولايات المتحدة وتصريحات لوزير الدفاع الأمريكي تطالب بتشكيل قوات برية لمحاربة (داعش)، ولأن الولايات المتحدة لا تريد أن تتعاون مع الجيش العربي السوري الذي يكافح التنظيم فمن الطبيعي أن تستجيب السعودية”.
لكن وزير الخارجية السوري تساءل “ماذا فعلت السعودية في اليمن وهل أفلحت .. إنها دمرت ولم تبق حجرا على حجر”.
ومضى يقول إن “السعودية تنفذ إرادة أمريكية، ولكن يبدو بعد انتصارات الجيش العربي السوري يئس المتآمرون والممولون من أدواتهم في الميدان، وقرروا أن يدخلوا بأنفسهم وأنا أستبعد أن يشاركوا بما يقولون عنه بقوات برية ولكن في ذات الوقت أراجع قراراتهم المجنونة التي اتخذت ليس ضد اليمن فقط بل في مناطق أخرى ولذلك لا شيء مستبعدا”.
وجاءت تصريحات المعلم بعد يومين من إعلان العميد الركن أحمد عسيري المستشار بمكتب وزير الدفاع السعودي، يوم الخميس، أن بلاده مستعدة للمشاركة في “أي عمليات برية” ضمن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا.
وجاء الإعلان السعودي غداة تعليق مفاوضات السلام السورية في جنيف حتى يوم 25 فبراير الجاري، والتي تزامنت مع تقدم للقوات السورية على الأرض، مدعومة بهجمات جوية روسية، وذلك في مناطق بشمال وجنوب البلاد.
وقالت الدكتورة نهلة عيسى الأستاذة في كلية الإعلام بجامعة دمشق في تصريحات خاصة لوكالة (شينخوا) بدمشق إن “السعودية، وفي ظل التطور السريع للجيش السوري على الأرض سواء في ريف حلب أو في الجبهة الجنوبية، وفي ريف دمشق الجنوبي الغربي، تحاول العمل على إعادة خلط الأوراق”.
ولم تستبعد عيسى إقدام السعودية على مثل هذه الخطوة، ولكن ليس من أجل ضرب مفاوضات جنيف فحسب، كونها “مجضهة” قبل أن تبدأ، بحسب تعبيرها، وإنما “للتعويض عن خسائرها المتتالية في اليمن، ولتصدير مشاكلها الداخلية”.
وأشارت عيسى إلى وجود “تناغم” في المواقف بين الرياض وأنقرة حول النية في التدخل العسكري البري في سوريا، مبينة أن “الحلم العثماني” بدأ يتلاشى بعد أن أحكم الجيش السوري الطوق على مدينة حلب (شمال سوريا)، مؤكدة أن حلب هي “رمانة الميزان بالنسبة للحكومة التركية”، في إشارة إلى أهميتها الإستراتيجية.
وأضافت “لا أستبعد أن تقوم السعودية وحلفاؤها بالتنسيق مع تركيا باتخاذ مثل هكذا قرار أحمق”، مؤكدة أن هذا القرار “يقود المنطقة الى حرب عالمية ثالثة غير معروفة نهايتها على الإطلاق “.
ورأت عيسى أن محادثات مؤتمر جنيف 3 التي تم تعليقها الأسبوع الماضي كانت تعاني بشكل مسبق من “تعقيدات”، مؤكدة أن المبعوث الأممي الخاص الى سوريا ستيفان دي ميستورا تسرع في الإعلان عن بدء المحادثات، مشيرة إلى وجود عدة مشاكل منها “عدم الإتفاق على تشكيل وفد موحد يمثل المعارضة في المحادثات، وعدم تحديد قائمة التنظيمات الإرهابية المسلحة، إضافة لعدم وجود أوراق بيد وفد الرياض (المنبثق عن اجتماع المعارضة في العاصمة السعودية) يفاوض أو يساوم عليها”.
وفيما يتعلق بمحادثات جنيف 3 حول الأزمة السورية، قال المعلم إن “سوريا مستعدة للعودة إلى مؤتمر جنيف لإجراء حوار سوري – سوري دون شروط مسبقة” ، مضيفا أن بلاده لن تضع شروطا مسبقة للمشاركة في محادثات جنيف وكذلك “لن تلبِ أي شرط مسبق” .
ولفت الوزير السوري إلى أن “(المبعوث الأممي ستيفان) دي ميستورا هو ميسر الحوار ونحن لا نعترف إلا بما ينتج عن الحوار السوري السوري ، وكل من يتحدث عن ضمانات فهي تعنيه فقط وهو واهم”.
وتبادلت الأطراف المشاركة في المحادثات الاتهامات حول المسؤولية عن إفشال المفاوضات.
وتتمسك المعارضة السورية بتنفيذ مطالبها المتمثلة بوقف القصف وإطلاق سراح المعتقلين وإيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة للدخول في مفاوضات.
واتفق وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف، خلال محادثة هاتفية جرت يوم الخميس الماضي، على استئناف المحادثات السورية في جنيف بسويسرا، في أقرب وقت ممكن.
من جانبه، قال علي الأحمد مستشار وزير الإعلام السوري في تصريحات لوكالة (شينخوا) بدمشق إن “إعلان السعودية استعدادها التدخل أو إرسال قوات برية إلى سوريا لمحاربة (داعش) سيعقد مشهد الأزمة السورية”، مشيرا إلى أن السعودية تسعى إلى دفع الأتراك نحو التدخل البري.
وتساءل الأحمد ، وهو يعمل في أحد مراكز الدراسات الإستراتيجية في سوريا، “كيف يمكن للسعودية أن تتدخل بريا في سوريا ؟”، مبينا أن “تدخلها سيتم إما عن طريق العراق أو عبر الأردن أو الدخول عبر تركيا”، مؤكدا أن السعودية تحاول أن “تحرض الأتراك على ذلك”.
وأضاف الأحمد أن “ما تفعله السعودية يعقد المشهد الإقليمي إن كان في التدخل ما يجري في سوريا، أو عن طريق تدخلها في اليمن” .
واستبعد المحلل السياسي أن تقوم تركيا أو السعودية بالتدخل العسكري البري في سوريا، مؤكدا أن التقدم الذي أحرزه الجيش السوري في حلب جعل السعودية تدلي بهذه التصريحات بهدف رفع معنويات مقاتليها الذين تدعمهم داخل سوريا.
*وكالة خبر