الخبر وما وراء الخبر

كواليس تأريخية، تبين الخطر الإسرائيلي.

16

بقلم || عفاف البعداني

جميع المخلوقات مشتركة بعنصر الحياة تشرب، وتتغذى، وتنمو، وقد أودع الله إلهاما محدودا للنبات والحيوان، لا يتوازن بكينونة العقل البشري لكنه يكفيها للعيش، وهي بدورها استخدمت ذلك الإلهام في حدود حاجتها تبحث عن طعامها وتأوي لصغارها وتحافظ على سلامتها، ولكن الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي عرف معنى الحقيقة، ولكنه كان سببا بقتل الحقيقة، فالأغلب استهلك قدراته العقلية في قتل ونكاية الشعوب، أي أن فكرة الشر موجودة منذ زمن ولم تكن وليدة وإنما هي تتطور حسب جهل الشعوب، وفيسلوجية العصر، والأسس الفكرية التي تحيد القيم نحو الأسفل وتضر بالعقيدة بشكل أساسي.

ولكن مزاجية التأريخ لم تتحمل ابتلاع مزيدا من كواليس الإجرام الإسرائيلي المتفشي دون أن تنبس بكلمة، بل احتفظت بخيوط رفيعة وهي مؤقنة أن هناك عقول سوف تحرر تلك الأسرار وتكشفها مصرحة للعالم بالخطر الكبير الذي يكنه الفكر الإسرائيلي على المنطقة منذ زمن، فالنفسية التي تعيش فيهم متواترة من عصر الأنبياء، لم يتعضوا من غرق فرعون، ولا من عصا موسى ولا من رسالة سيدنا محمد الخاتمة والشاملة.

بل ظلت النفسية اليهودية الإسرائيلية متزامنة، ولكن يختلف دورها من عصر لعصر، ففي قديم الزمان عزموا على دعم الشرك و قتل الأنبياء وتغييب دين التوحيد، ولما جاء محمد وهدى البشرية وأصبح أكثر من نصفي العالم يؤمن بالله ومقر بعصمة الأنبياء ، أقروا بشمولية الإسلام ولكن مكرهم لم يتوقف بل لجوء للطريقة الآخرى : وهي وضع خطط دموية تستهدف جذور الإسلام، وتفتتهم من الداخل، تضعضع هذا الدين في قلوب المسلمين كحد أقصى في تغييب العقيدة، فتحركوا نحو التطور العلمي والطفرات الإحداثية، وكونوا لهم كيانا معتبرا بين العالم.

والأنكى أن كل انجازاتهم هي من ثروات العرب، ومن بواطن الجغرافية الإسلامية، وقائمة على التجسس والرصد كما بينت لنا تلك المشاهد الصادمة في الفليم الوثائقي، *”قضية الجاسوس الموساد”* فعندما توسعت حساباتهم، عمدت إلى الحرب الناعمة كدور أساسي في المنطقة، عن طريق رصدها الدقيق للوضعية التي وصلت لها الشعوب مع حكامها، سعت في تقسيم العالم إلى فئات فقيرة جدا، وفئات غنية جدا ، يتسنى من خلال ذلك زرع الهشاش التعايشي الذي حذر منه الدين الإسلامي، فكل فرد، وكل دولة، وكل طائفة، تكره وتحرض غيرها على الآخرى ؛حتى أنتجنا فرقة عرقية عنصرية لاتؤمن بالسلام وتلهث وراء فرض الرأي عن طريق الحروب وقمع الرأي العام.

إذا : النزعة الإسرائيلية لم تكتفِ باشعال فتيل الحرب بين الدول فقط، بل هي الآن تتوق لفصل التطور العلمي عن الدين، كيف ذلك؟؟ إنها تحاول أن تثبت لنا أن الحياة عبارة عن ثروات، عن سيادة، عن اقتصاد، عن مادة، وتبعدنا تماما عن العلاقة السامية بين العبادة والخلافة، تقلل من شأن الدين بروحنا وبعلاقتنا مع بعضنا البعض، تصور الحياة على أنها مادة تزينها وبعد ذلك تفتتها بين كل الدول ، وذرة منها كفيلة بأن تخرب مجتمعا بأكمله عن طريق الغزو الفكري، والثروات الضخمة التي تهدرها في زرع فكر منحط لايحمل أي قدرا من تحمل المسؤولية، ولا يعترف بقضية الجهاد، ومن خلال تشويشهم الدؤوب ستقل في نفوسنا هيبة المقدسات الإسلامية، فيصبح الجهاد شيء منفصل عن الدين ليتسنى لهم العبث والسيطرة على العالم، كيفما شاءت لهم نفسيتهم الخربة.

ولا أعلم هل التأريخ كان على علم أن العقل اليمن هو من سيصرخ بوجهها ويكشف الماهية الخبيثة! ؟ لا أعلم أيضا . أي حظ حالفنا وأي عز نلناها عندما كان السيد/ حسين… حاضرا معنا وفي عصرنا ،حتى صرخ وأعلنها كحد قاطع بين العلاقات التطبيعية، هل أدرك العالم إلى هذه اللحظة المخطط الكوني، و الصمود الأسطوري الذي واجهه شعبنا منذ ست سنوات، هل تدرك الشعوب أن صرخة السيد كانت سببا في تضعضع أحلام إسرائيل مع خالتهم الفاتنة أمريكا، هل سيعي العالم كل تلك المؤمرات ويكونوا صفا واحدا ضد النزعة اليهودية ويصرخوا كما صرخنا ، هذه الأسئلة تحتاج لسنين حتى نعرف لها نصا بالإجابة، وتبقى حكايات الشعوب مستمرة إلى أن حين موعد الكشف عن الحقائق .