اليمن وعمان .. السلطنة والسلطان
بقلم / عبدالفتاح علي البنوس
ظلت وما تزال العلاقات الثنائية التي تجمع بين بلادنا وسلطنة عمان انموذجا يحتذى به بين دول المنطقة ، وظلت وما تزال المواقف العمانية ىسابقا ولاحقا متصفة بالحميمية ومجسدة للروح الأخوية ومعززة لروابط الإخوة وحسن الجوار التي تربط بين البلدين والشعبين الشقيقين ، فلم نسمع عن تورط سلطنة عمان في أي مخطط أو مؤامرة تستهدف اليمن واليمنيين أو تتهدد المصالح والمكتسبات والسيادة اليمنية ، حتى خلال عملية ترسيم الحدود التي تربط البلدين الشقيقين ، تمت بسلاسة وهدوء وتفاهم منقطع النظير ، ولم تحصل أي إشكالات ولم نسمع عن أي خلافات تذكر بين الجانبين حيث تم التوقيع على اتفاق ترسيم الحدود في أجواء يسودها الإخاء والود والإحترام المتبادل والرغبة الصادقة في تعزيز أواصر المحبة وحسن الجوار .
ويحسب لعمان السلطنة والسلطان عدم انجرارها مع الكيانين السعودي والإماراتي في عدوانهما على اليمن وتورطهما في حصار الشعب اليمني ، حيث رفضت المشاركة فيه ، وفضلت لعب دور الوسيط والقيام بتقريب وجهات النظر بين بلادنا ودول العدوان من خلال تحركاتها الدبلوماسية ورعايتها للكثير من اللقاءات والاجتماعات والمشاورات والمفاوضات الهادفة إلى إيقاف العدوان ورفع الحصار ووضع حلول ومعالجات للأزمة اليمنية والتي زادها العدوان والحصار تفاقما .
ففي الوقت الذي تحالفت السعودية والإمارات ومن معهما على تدمير واحتلال اليمن ونهب ثرواته وانتهاك سيادته وقتل وحصار وتجويع أبناء شعبه ، كانت عمان السلطنة والسلطان تفتح ذراعيها لليمن واليمنيين وتقدم المساعدات وتمنح التسهيلات للوفد الوطني وللجرحى والعالقين في موقف أخوي سيظل محط تقدير وإجلال واحترام كل اليمنيين الشرفاء ، ونجدها دائما صاحبة المبادرة في إنعاش فرص التوصل إلى حلول توافقية من شأنها الدفع نحو حلحلة الملف اليمني والذهاب نحو إيقاف العدوان ورفع الحصار وحل كافة ملفات الأزمة اليمنية بكل انعكاساتها وتداعياتها وتأثيراتها .
تجلى ذلك الحرص من خلال زيارة وفد المكتب السلطاني للعاصمة صنعاء والتي تندرج ضمن الجهود التي تبذلها سلطنة عمان الشقيقة للتخفيف من المعاناة الإنسانية التي يكابدها أبناء الشعب اليمني جراء الحصار والعدوان الأمريكي السعودي ، ولعبها دور الوسيط النزيه الذي يسعى للتوصل لحلول مرضية لكل اليمنيين الشرفاء ، حيث أظهرت نتائج اللقاءات التي عقدها الوفد العماني مع قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي وفخامة الرئيس مهدي المشاط ورئيس الوزراء والوفد الوطني، مدى حرص الأشقاء في سلطنة عمان على التوصل لاتفاق ينهي العدوان والإحتلال ويرفع الحصار .
فالوفد العماني بغض النظر عن مضامين المبادرة أو التصور السياسي الذي حمله معه لحل الأزمة اليمنية ، لم يغفل الجوانب الإنسانية ، فكان أكثر تفهما للطرح اليمني المشروع للقيادة الثورية والسياسية المجسِّد للإرادة والرغبة الشعبية بضرورة عدم ربط الحل السياسي بالملفات الإنسانية ، فلا يمكن الشروع في النقاش حول أي مقترحات للحل السياسي في ظل استمرار العدوان وفرض الحصار على مطار صنعاء وميناء الحديدة ، وهذا هو منطق العقل والصواب ، ومن يرغب في التوصل إلى حلول بين طرفين عليه تهيئة المناخات المشجعة والمحفزة للحوار والتفاوض ، وفي مقدمة ذلك إيقاف المواجهات وفتح الطرقات المغلقة وتطبيع الأوضاع ليتسنى له الشروع في مناقشة القضايا والملفات مثار الخلاف والعمل على معالجتها أولا بأول ، أما أن يتفاوض المتفاوضون على أصوات قصف الطيران والمدافع والصواريخ فهذا غير مجدٍ على الإطلاق وخصوصا مع الكيان السعودي المعروف بغدره ومكره وإجرامه .
بالمختصر المفيد، سلطة صنعاء التي تمثل الشرعية اليمنية الحقيقية أكدت لوفد المكتب السلطاني ، ما أكدته للمبعوث الأممي وللمجتمع الدولي وهو أنها مع السلام ومع أية مبادرة تحقق ذلك ، ولكن لا حديث عن ذلك إلا بعد إيقاف العدوان ورفع الحصار ، ولا قبول بأية مبادرة لا تتضمن خروج كافة القوات الأجنبية من اليمن ومنع كافة أشكال التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية اليمنية ، وأعتقد جازما أن الأشقاء في سلطنة عمان يستوعبون ذلك جيدا وستكون لهم بصمة في هذا الجانب .
فشكراً لعمان السلطنة والسلطان ، وشكراً لكل الأحرار في العالم الذين وقفوا إلى جانب اليمن واليمنيين وعملوا على نصرة المظلومية اليمنية ووقفوا في وجه تحالف الإجرام والتوحش والبغي والعدوان .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله