الحرب الناعمة تغزو حياة الشباب، وتستعمر أفكارهم.
بقلم || رويدا البعداني
تعد سنوات الشباب من أهم المراحل في حياة الإنسان منذ ولادته وحتى موته، فهي المرحلة الأساسية والتي لابد من أن تُبنى على غرار أخلاقي ثقافي ثابت؛ كونها أهم مرحلة وأشدها خطرًا فالأزمنة تغيرت، والمقاييس تبدلت، والأخلاق انسلخت، أزمنة وعرة؛ فيها المرغوب حُلل، والمكروه جُمِّل، وماعاد شباب اليوم كشباب الأمس!
ففي خضم واقعنا المرير، ومائهِ العكر كان شباب اليوم هم الضحية؛ نراهم قد انزلقوا في مستنقع المحاكاة والتقليد مُتبنين فكرة إسقاط الهُوية الدينية والقومية والأخلاقية لمجتمعنا؛ والتي يعمل عدونا عليها ليلًا نهارًا.
حيث نجد أن الغالبية العظمى أضحى يعيش على الفتات الغربي، تراهم غربيين من الطراز الأول بامتياز واجتياز، لكنهم في الحقيقة يعيشون الخواء الفكري الثقافي وماإلى ذلك، مثل هذه الظواهر قد تتطلب ركوز فكري، تحتاج لعقل واعٍ واسع الأفق.
وشوارعنا الإسلامية خير شاهد ومتحدث لكل مايدور في الساحة الإسلامية؛ فذاك يرتدي ملابس ليست لائقة بمبادئنا، من ألوان زاهية متبلورة ناهيك عن قصات الشعر المتعرجة والسبب أنه بذلك معجب بفاسق غربي فأحب أن يقلده، وهنا الحلقة الأضعف-التقليدالغربي-.
نأتي لتلك التي يجدر بها أن تكن كفاطمة وزينب وعائشة وأمثالهن في الطهر والعفاف كُثر، ولكن للأسف تمكنت الحرب الناعمة من نصب وتد خيمتها في قلب ساحتنا العربية وبصورة شاسعة؛ واسعة الأفق وأنا هنا لاأعني الكل وإنما من خرجت عن إطار الحشمة والأدب، نلحظ أن غالبية النسوة تكثر من الخروج في الأسواق بلا معنى أو هدف، ناهيك عن عباءتها المزركشة، وكأنها تذهب لكرنڤال أو ماشابهه؛ أيضًا ثمة عادات من المفترض تعديلها فالمرأة نصف المجتمع، وكي لايتهاوى هذا المجتمع ويتخبط ينبغي الاعتدال والمشي وفق ضوابط مشروعة نافعة.
إن هذه المعتقدات الخاطئة والثقافات المغلوطة لم تتنامى عبثا وإنما نمت وتغلغلت بفعل عوامل مساعدة من ضمنها
١/ سيولة شبكات الانترنت واستخدامه بطريقة غير مرضية لله ولرسوله والذي بدوره عزز من ولادة هذه المخاطر وتبني صفات الغرب في أوساط عالمنا العربي الإسلامي.
٢/ استخدام الهواتف الذكية بغباء تام، وكم هو مخزٍ أن يتغلب على عقلك الذي فضلت به عن سائر المخلوقات جهاز جامد لاحول له ولاقوة، لكنه تمكن من أخذ وقتك بلافائدة، فبدل أن تهم بقراءة كتب ثقافية تزيد من وعيك تجده يجرك إلى مستنقع قد لاتستطع الخروج منه.
٣/ القنوات الفضائية التي مافتئت تغزوا الكبار والصغار معًا، ترى طفل صغير قد تلوثت سليقته دون ذنبه، يرتكز أمام الدراما الغير لائقة وعلى مرأى أسرته والأشد أسفا من ذلك عدم علمه بأنه يدمر طفولته ومستقبله بهذا الفعل الشنيع، أيضا عزيزي القارئ لو شاهدت قنوات الأطفال لوجدت شذوذ في الأخلاق والمبادىء رغم أنه لابد من مراعاة عقلية الطفل بما يناسبه وينفعه، ولكن خباثة الحرب أشد وطأة وخزي، وهنا رسالة لكل الآباء والأمهات((أولادكم أمانة لديكم فأحسنوا الرعاية)) أيضا ابتعدوا عن مايشتت فكركم، عما يذهب العقل بعيدًا فالعين محاسبة، وكل عضو محاسب والحياة زائلة لامحالة.
٤/ هنا نصل للمهم والأكثر أهمية ألا وهو تغيب ولي الأمر عن الضحية، فالأب لايعرف عن صحبته ابنه شيء، أين خرج ومع من؟ هل نفذ واجبه المدرسي؟ كيف هي أيامه هل بخير أم يشكو الحزن والتعب؟ تغيب تام وحجته أنه لايجد الوقت الكافي فالعمل بات كل همه؛ أيضا اهمال الأم نحو ابنتها وعدم تقوية العلاقة بينهما كلما غزاها الكبر، لاتدري هل هي بخير؟ ماذا ينقصها؟ ماذا تريد؟ بل تبتعد عنها بحجة الأشغال وثقل المسؤولية، متى يفهم الأهل أن القضية ليست انجاب فحسب بل هي مراعاة واهتمام.
لذا من الأجدر بنا الالتزام بتعاليم ديننا الحنيف، والعمل الجاد في القضاء على هذه الظواهر الفتاكة بأجيال مستقبلنا الواعد، التي إن سمحنا لها بالتمدد والافتراش، فحتمًا ستكن العواقب وخيمة.