الخبر وما وراء الخبر

كلمة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي خلال فعالية “المنبر الموحد” لإحياء يوم القدس العالمي 23 رمضان 1442هـ

14

أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ

بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ

الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمدٍ وعلى آله الطاهرين، ورضي الله عن أصحابه الأخيار المنتجبين.

أيُّها الإخوة والأخوات

السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

والسَّلام والتحية والإكبار لشعب فلسطين، ولأحراره المجاهدين، وللمرابطين في المسجد الأقصى والقدس.

إنَّ يوم القدس هو مناسبةٌ مهمةٌ لاستنهاض الأمة، وشحذ الهمم، ورفع مستوى الوعي، والإحساس بالمسؤولية تجاه القضية المركزية للأمة: فلسطين، والمقدسات في فلسطين، وعلى رأسها المسجد الأقصى الشريف.

وفي يوم القدس يوم التأكيد على الثوابت، يوم التأكيد على التمسك بالموقف الحق، يوم التأكيد على العهد والوعد، فإننا نؤكِّد على ما يلي:

أولاً: إنَّ شعبنا اليمني بانتمائه الإيماني، وهويته الإيمانية، ماضٍ بكل ثباتٍ في تمسُّكه بالموقف الحق في مناصرة الشعب الفلسطيني، والسعي لتحرير فلسطين والمقدسات، وعلى رأسها المسجد الأقصى الشريف، وكذلك سائر الأراضي العربية المحتلة، وهو يتطلَّع في ذلك إلى دورٍ فاعل، وإسهامٍ كبير، بالتكامل مع كل أحرار الأمة، ومحور المقاومة، ويسعى عملياً للقيام بهذا الدور، مهما كان حجم المعاناة، ومستوى الاستهداف الذي تنفذه أدوات العمالة والخيانة، للضغط عليه لموقفه المبدئي، ومسلكه التحرري.
وإن هذا الموقف ينطلق من المبادئ الإيمانية، القيم الدينية والإنسانية، ولا يمكن التفريط به، ولا التراجع عنه، وإن شعبنا يعتبر العدو الإسرائيلي يشكِّل خطراً على الأمة بكلها، وعلى الأمن والسلم والاستقرار الإقليمي والدولي، وهو كيانٌ إجراميٌ غاصب، لا مشروعية له، وغدةٌ سرطانية يجب استئصالها، وتطهير بلاد المسلمين منها، وإنما تقوم به بعض الأنظمة التي افتضحت بعمالتها وخيانتها، ومسارعتها إلى الولاء للصهاينة اليهود، والتحالف معهم تحت عنوان التطبيع، هو ارتدادٌ عن الموقف المبدئي الطبيعي الحق، وخيانةٌ للإسلام والمسلمين، وانضمامٌ مكشوفٌ ومفضوحٌ إلى صف الأعداء، ونفاقٌ بكل ما تعنيه الكلمة، وفق النصوص القرآنية، قال الله “سبحانه وتعالى”: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[المائدة: من الآية51]، وقال تعالى: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ}[المائدة: من الآية52]، إن هذا الفرز والانكشاف في أمتنا يمثل عاملاً مساعداً في صناعة تحولٍ كبير، ونقلةٍ نوعية، في مسار القضية الفلسطينية، بعد إنقاذها من أولئك الذين كانوا مساهمين في فرض نمطٍ باردٍ، وغير فاعلٍ ولا جاد، في التعامل مع هذه القضية، وكانوا مكبلين للأمة عن الخطوات الأكثر فاعلية، ويلعبون دوراً سلبياً، ويفرضون أجندةً تخدم العدو، وهم في أدائهم وطريقة تعاطيهم كما قال الله “سبحانه وتعالى”: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ}[التوبة: من الآية47]، ويبقى أن يسعى الأحرار والأوفياء من كل أبناء الأمة إلى مواصلة المشوار، بالاستعانة بالله “سبحانه وتعالى” والتوكل عليه، وكفى بالله ولياً، وكفى بالله وكيلاً ونصيراً، وكفى بالله وكيلاً ونصيراً، وبتكثيفٍ للجهود، وتنسيقٍ للمواقف، وبالسعي المستمر لاستنهاض شعوب أمتنا، ولبناء القدرات، وتفعيل الطاقات بكلها في هذا المسار.

ثانياً: إن شعبنا اليمني هو اليوم بكل وضوحٍ وثبات في قلب هذا الصراع، حاضرٌ للقيام بدوره، على كل المستويات، وبكل ما يستطيع، ولن يكون محايداً في معركةٍ هي معركة الأمة بكلها، وتجاه قضيةٍ هي قضية المسلمين أجمع، ولمواجهة عدوٍ هو عدو المسلمين بكلهم.
ثالثاً: إننا نشيد بما يقوم به أحرار القدس المرابطون، من تصدٍ للعدو الصهيوني، في استهدافه للمسجد الأقصى، وممارساته العدوانية، من اقتحاماتٍ ومضايقاتٍ وغيرها.
رابعاً: نقول لقادة العدو ومجتمعه، أنتم اليوم في مأزقٍ كبير، فقد أصبحت المواجهة بينكم وبين الصادقين الجادين المعتمدين على الله من أبناء الأمة، وتحرر ملف هذه القضية من المتواطئين المستهترين العابثين، وهذه مقدمةٌ للنصر الحاسم، الآتي حتماً، ولتحقق الوعد الإلهي، {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا}[الإسراء: من الآية7].
خامساً: فيما يتعلق بالمخطوفين الفلسطينيين لدى النظام السعودي، فلقد بذلنا الجهد، وعرضنا للنظام السعودي خياراتٍ متعددة، سعياً للإفراج عنهم، ومن ذلك عرضنا عليه صفقةً تشمل الأسرى الطيارين مع ضباطٍ آخرين من أسراه لدينا، ولكنه إلى حد الآن متعنت، واختار لنفسه أن تبقى عملية خطفه للفلسطينيين من حركة حماس وصمة عارٍ، وشاهداً على عمالته وخيانته، ومن الواضح أنه يتودد بذلك إلى العدو الصهيوني، ويجعل من اعتقالهم، ومحاكمتهم، قرباناً يتقرب به إليه.
وإننا في هذا المقام، نجدد دعوتنا للنظام السعودي، إلى سرعة الاستجابة لما عرضناه عليه، ليخرج نفسه أولاً من وحل هذه الخيانة، والظلم الذي يمارسه بحق هؤلاء الفلسطينيين، بدون أي وجه حق، وليؤثر مصلحة نفسه وضباطه وطياريه ثانياً على مصلحة العدو الصهيوني، فإثاره للعدو الإسرائيلي، إثارٌ في غير محله.

وختاماً: نسأل الله “سبحانه وتعالى” أن ينصر أمتنا الإسلامية، وشعب فلسطين المرابط، وأن يوفقنا للقيام بمسؤولياتنا، ويعيننا على ما يرضيه عنا، إنه سميع الدعاء.

والسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛