الخبر وما وراء الخبر

عصا “العدالة الدولية” تربك السعودية: عسيري يجرّب أن “يأسف” لقتل اليمنيين!

117

صنعاء – خبر للأنباء – خاص:

متراجعاً – قليلاً فقط – عن حالة الإنكار والنفي على مدى عشرة أشهر، أقر المتحدث باسم تحالف الحرب على اليمن بقيادة السعودية – السعودي أحمد عسيري، بسقوط مدنيين يمنيين، كما أقر بواحدة من حالات أربع استهدفت بالقصف خلالها مستشفيات ومرافق صحية تابعة لمنظمة أطباء بلا حدود، ضمن مئات المشافي والمراكز الصحية التي تعرضت للتدمير.

التحوُّل في نبرة وتصريحات المتحدث العسكري السعودي، جاء بعد أيام من صدور تقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة حول اليمن، والذي تضمن إدانات واتهامات صريحة لقوات التحالف السعودي بارتكاب انتهاكات خطيرة وكبيرة في اليمن، واستهداف واسع للمدنيين والأعيان المدنية والمنشآت المدنية والإنسانية، ومنها المستشفيات والمدارس، علاوة على الخدمات الأساسية والبنية التحتية والخدمية والطرقات… وغيرها.

وزعم عسيري، خلال مؤتمر صحفي تلفزيوني بُث مساء الأحد 31 يناير/ كانون الثاني 2016، أن سقوط ضحايا من المدنيين “أمر غير مقصود”، مبدياً “أسف دول التحالف” لسقوط مدنيين في اليمن، وأن التحالف “يحقق” في الأمر وسيشكل “لجنة تقييم” (..) وسيعمل على “تحسين” آليات الاستهداف.

يُذكر أنه، وعشية صدور تقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة، كان عسيري ينفي بطريقته في تصريح لشبكة “بي بي سي” الأمريكية، مسئولية التحالف عن قصف منزل سكني بصنعاء، وقتل القاضي ربيد وستة من عائلته بينهم نساء وأطفال. وزعم، بنوع من التهكم والسخرية: “نحن نقصف صواريخ سكود فقط”!

وفي واحدة من النتائج الرئيسية، يقول تقرير خبراء الأمم المتحدة: وثقت اللجنة أن التحالف الذي تقوده السعوية، استهدف في ضرباته الجوية: المدنيين والأعيان المدنية، بما في ذلك مخيمات المشردين واللاجئين، والتجمعات المدنية، بما في ذلك حفلات الزفاف. السيارات المدنية، بما في ذلك الحافلات. المناطق السكنية المدنية، المرافق الطبية، المدارس، الجوامع، أسواق ومصانع ومستودعات تخزين المواد الغذائية. والبنية التحتية المدنية الأساسية الأخرى، مثل: مطار صنعاء، ميناء الحديدة، وطرق العبور المحلية. مما يشكل انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي.

وبحسب الأمم المتحدة، فإن عدد الضحايا في اليمن منذ مارس/ آذار الماضي، ومعظمهم من المدنيين، وعدد كبير منهم هم من النساء والأطفال، بلغ 6000 شخص. وتعطي نتائج تحقيقات وتقارير يمنية رقماً أعلى من هذا بكثير.

إلا أن متحدث التحالف السعودي لا يزال يجادل: “لا نتغاضى عن الأخطاء في عمليات القصف، إن حصلت” (..) ويستشهد أن “الحكومة اليمنية” نفسها “أحياناً تطلب التحقيق في بعض الادعاءات”. لكنه لم يشر إلى أية حالات أو نتائج من أي نوع.

ووثق التقرير الأخير للجنة الأمم المتحدة الخاصة باليمن، الذي صدر في أكثر من 50 صفحة، بحسب ما أحصاه الخبراء، 119 غارة شنها التحالف واستهدفت 146 هدفاً، وهي متعلقة بانتهاكات القانون الإنساني الدولي.

في السياق، أيضاً، فإن عسيري الذي كان نفى – بالتتابع- المسئولية عن قصف مستشفيات أطباء بلا حدود في حوادث أربع متتابعة وثقتها المنظمة في بيانات رسمية – إحداها (الأولى) استهدفت مستشفى حيدان بصعدة الذي دمر كلياً- عاد مساء الأحد ليقول، إن القصف في حيدان “استهدف هدفاً متحركاً قرب مستشفى أطباء بلاد حدود كان في قائمة بالمناطق المحمية”، لكنه ـ أيضاًـ زعم أن “مستشفى أطباء بلا حدود في حيدان تعرض لأضرار جانبية” في القصف (..) و”نبحث مع أطباء بلا حدود سبل تفادي هذه الحوادث في المستقبل”.

وتقول الصحافة البريطانية، إن التقرير الأخير للجنة الخبراء الأمميين الذين أوصوا مجلس الأمن الدولي بتشكيل لجنة تحقيق، سوف يقود بالضرورة إلى مسئوليات ومشاركة دول كبرى من بينها المملكة المتحدة في جرائم الانتهاكات الإنسانية في اليمن، من خلال دعمها للسعودية، ومشاركة خبراء عسكريين، وتصدير صفقات كبيرة من الأسلحة والذخائر القاتلة تستخدم في الحرب وقتل المدنيين في اليمن.

وتلفت التحليلات والتقارير إلى أن المملكة السعودية، التي باتت محاصرة أخلاقياً وقانونياً وتستشعر خطورة الإدانات وما تستتبعه في القانون الدولي، أمامها أكثر من سبب لتتحسس رقبتها إزاء إدانات متعاقبة تشد الحبل أكثر فأكثر، وهي تحاول التخفيف من وقع الإدانات الدولية والأممية، عن طريق مناورات إعلامية دشنها عسيري في تصريحاته مساء الأحد. في الوقت الذي تواصل الضربات الجوية استهداف المدن والمدنيين وقتل الأبرياء. علاوة على أن العسيري نفسه محل اتهام وتستهدفه مطالب بالعدالة والمحاسبة القضائية.

جدير بالذكر، أن حملة نشأت من قبل ناشطين وحقوقيين يمنيين وعرب وغربيين، تتبنى المطالبة بتقديم متحدث التحالف السعودي أحمد عسيري إلى القضاء أمام محاكم أوروبية في المشاركة والتبرير والدفاع عن جرائم الحرب والانتهاكات وقتل المدنيين وإعلان المدارس ووسائل الإعلام والصحفيين أهدافاً مشروعة. وقال لوكالة خبر، في وقت سابق، ناشطون يمنيون إنهم ينسقون مع نظراء لهم من دول أوروبية عدة لبلورة أفكار وآليات العمل بهذا الصدد.