داعش والمليشيات حوّلت المحافظات الجنوبية إلَى محافظات طاردة للعمالة.. العدوان السعودي يستهدف الأيادي العاملة وتسبب بفقدان الملايين لفرص أعمالهم
إستهدَفَ العُـدْوَانُ السعُوديُّ البُنيةَ التحتيةَ والإنتاجيةَ والخدمية للاقتصاد الوطنيّ بشراسة العدوِّ الحاقد المنتقم، ومع كُلّ استهداف لتلك البُنية يستهدفُ العدوُّ مصدرَ رزق الآلاف من العاملين في تلك القطاعات
الذين يفقدون فُرَصَ أعمالهم التي تمثل مصادرَ الدخل الرئيسي لإعالة أسرهم وذويهم، وإن لم يدرك العُمَّالَ الموتُ بغارات العدو يجدون أنفسهم في رصيف البطالة يكابدون شطَفَ العيش وغلاءَ المعيشة.
وعلى الرغم من قيامِ الجهاز المركَزي لإحصاء بالتعاوُن مع منظمة العمل الدولية بإجراء مسح ميداني لقياس إثر العُـدْوَان والحصار وتداعياته على شريحة العمال العاملين في القطاعَين المنظّم وَغير المنظَّم إلَّا أن التقديرات الأولية تشير إلَى أَكْثَــر من مليون عامل يعملون في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية والانشائية فقدوا أعمالَهم؛ بِسَبَبِ الحصار والعُـدْوَان الذي يفرضه العدو السعُوديّ الأمريكي على الشَّـعْـب الـيَـمَـني منذ عشرة أشهر دون توقف في ظل صمت العالم.
البطالة تتصيّد الصيادين
وخلال الأشهر الماضية من العُـدْوَان تعاظمت خسائرُ قطاع العمالة في بلادنا التي تعد من أَهمّ القطاعات الفاعلة في عملية الإنتاج والمحرك الرئيسي للنشاط مختلف القطاعات، فمنذُ اللحظات الأولى للعُـدْوَان السعُوديّ على الـيَـمَـن أعلنت قواتُ تحالف العُـدْوَان البحرية الحربَ على الصيادين التقليديين بإعلانها حضْرَ الصيد التقليدي في الشواطئ الـيَـمَـنية، مروراً بتدمير البيئة البحرية وانتهاء باستهداف تجمعات الصيادين ومراكز الانزال وقوارب الصيد على امتداد شاطئ البحر الأحمر.
وتعمّدت استهدافَ الصيادين لتقتل العشرات بكل بشاعة، وهو ما دفع عشرات الآلاف إلَى التوقف عن ممارسة نشاط الصيد، ووفق المصادر مؤكدة فَإن نصف العاملين في مجالِ الصيد التقليدي في شواطئ البحر الأحمر فقدوا فرص أعمالهم؛ جَـرَّاء الاستهداف المباشر من قبل بوارج العُـدْوَان، كما توقف الآلاف من الصيادين عن ممارسة مهنه الصيد؛ نتيجة انعدام المشتقات النفطية الناتج عن الحصار الذي تفرضه دول العُـدْوَان على بلادنا، ويبلغ إجمالي العاملين في مجال الصيد التقليدي أَكْثَــر من نصف مليون مواطن، يتوزعون على مهنة الصيد والتسويق والتغليف..
وزارة حقوق الانسان في تقريرها السنوي الثاني الذي أطلقته الأسبوع الماضي حول جرائم وانتهاكات العُـدْوَان السعُوديّ الاميركي في بلادنا، أكدت بفقدان 12 ألف صياد في محافظة الحديدة لفرص أعمالهم وتوقف 146 جمعية عن العمل.
80% من عمال المصنع بدون عمل
في أحدث بيان للاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية أشارَ فيه إلَى أن نحو 80% من العاملين في المصانع البالغ إجمالي عددهم 100 ألف عامل وعاملة فقدوا أعمالهم؛ بِسَبَبِ العُـدْوَان الذي استهدف المصانع وأوقف عملية الإنتاج المحلي فيها، بالإضَافَـة إلَى توقف المصانع؛ بِسَبَبِ انعدام المشتقات النفطية نتيجة الحصار الذي يفرضه العدو منذ أواخر مارس الماضي، وأشار التقرير إلَى أن العُـدْوَان تسبب بفقدان 950 عَامِلاً لفرص أعمالهم؛ جَـرَّاء استهداف مصنع الإسمنت التابع للشركة الوطنية للإسمنت بمحافظة لحج، وفقدان 563 عاملاً؛ بِسَبَبِ استهداف مصنعَين لإنتاج المياه والعصائر والمشروبات الغازية والزيوت في الحديدة، كما أكد تقرير الاتحاد إلَى أن فقدان 4830 عَامِلاً فرص أعمالهم؛ بِسَبَبِ استهداف العُـدْوَان السعُوديّ في أبريل الماضي لمصنع الألبان والمنتجات الغذائية بالحديدة، بالإضَافَـة إلَى فقدان 6000 عامل من مصانع إخوان ثابت لفرص أعمالهم؛ جَـرَّاء استهداف المصنع والمزرعة التابعين لشركة اخوان ثابت، كما فقد 1500 عامل وعاملة لفرص أعمالهم؛ جَـرَّاء استهداف طيران العُـدْوَان السعُوديّ لمصنع كوكا كولا في العاصمة، فقرابة 1000 عامل فقدو أعمالهم؛ جَـرَّاء استهداف مصنع السواري في بني مطرن بالإضَافَـة إلَى الآلاف من العمال الذين فقدوا أعمالهم؛ جَـرَّاء استهداف مصانع الأدوية في محافظة صنعاء مؤخراً والمجمعات الغذائية ومصنع العاقل للصناعات الخفيفة وغيرها من المصانع الأخرى حوّلها العُـدْوَان إلَى أَهْدَاف عسكرية لعملياته العُـدْوَانية بحق الشَّـعْـب الـيَـمَـني وتسبب بتوقف عجلها إنتاجها وفقدان الآلاف من العاملين فيها لفرص أعمالهم وتحويلهم من منتجين إلَى عاطلين عن العمل.
عمال المصانع والأجر اليومي
العاملون في المصانع الحكومية وفي القطاع المشترك لم يكونوا في مأمن من العُـدْوَان والحصار، بل فقد 5000 عامل فُرَصَ عملهم؛ جَـرَّاء استهداف العُـدْوَان السعُوديّ لمصنع اسمنت عمران، وفقد 4000 عامل لفرص أعمالهم؛ جَـرَّاء استهداف العدو لمصنع اسمنت البرح في تعز مطلعَ النصف الثاني من العام الماضي، كما تسبب استهداف العدو لمصانع الاسمنت الحكومية بفقدان المئات من العاملين في النقلِ والتسويق لفرص أعمالهم، بالإضافية إلَى عمال مصنع ملح الصليف الذين يتجاوز عددهم الإجمالي الـ 400 عامل، وجميعهم فقدوا أعمالهم؛ بِسَبَبِ استهداف المصنع، وفي ذات الاتجاه فقد المئاتُ من العاملين في المنافذ البرية لفرض أعمالهم؛ جَـرَّاء استهدافها من قبل طيران العدو، وفقد المئاتُ من العاملين في مجال السفر والطيران لفُرَصِ أعمالهم؛ جَـرَّاءَ استهداف المطارات والمنافذ البحرية وغيرها من المنشأة الحكومية الخدمية وخُصُـوْصاً العاملين بالأجر اليومي في تلك الجهات التي تسبب العُـدْوَان والحصار بتوقف خدماتها.
ربع مليون عامل
وفقَ الاحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة السياحة فَإن رُبعَ مليون عامل في القطاع السياحي خسروا فرَصَ أعمالهم، وأشار التقرير إلَى أن العاملين في مختلف مجالات العمل السياحي وغالبيتهم العاملون في مجال النقل السياحي ومنشآت الطعام والشراب والإيواء باتوا عاطلين عن العمل منذ بدء العُـدْوَان في مارس الماضي الذي تسبب بفقدان أسرهم لمصادر دخلها الرئيسي، وأشار التقرير إلَى أن كُلَّ عامل يعول نحو أربعة أشخاص كأقل تقدير بمتوسط دخل نحو ١٠٠-١٥٠ دولاراً شهرياً.
وَأكد تقرير صادر عن مكتب السياحة في محافظة حجة أن العُـدْوَانَ السعُوديّ تسبب في حرمان ألف و782 عاملاً من العمالة غير المباشرة في القطاع السياحي من وظائفهم بمختلف مديريات المحافظة.
وفي ذات السياق فقد قُرابة 50% من العاملين في مجال تقديم خدمات الأَيَادِي العاملة والحج والعمرة في العاصمة والمحافظات فرص أعمالهم واجبر الركود الناتج عن الحصار والعُـدْوَان تلك المكاتب على تسريح المئات من العاملين فيها؛ بِسَبَبِ تراجع الطلب على خدماتها.
العاملون في القطاع النفطي
وعلى الرغم من تركُّز الاهتمامات خلال مارس ــ أبريل الماضي حول إجلاء العمالة الأجنبية التي كانت تعمل في الشركات النفطية الدولية في الـيَـمَـن، إلَّا أن الآلافَ من العمال الـيَـمَـنيين العاملين في تلك الشركات وجدوا أنفسهم ضحايا لعدم التزام تلك الشركات أكانت العاملة في تشغيل قطاعات نفطية أَوْ في الاستكشاف النفطي بحقوقهم، وأعلنت أَكْثَــر من 40 شركةً نفطيةً منها كنديان نكسن وتوتال الفرنسية إيقاف كافة أعْمَـالها في الـيَـمَـن ورحلت دون أن تلتزم بحقوق العمال الـيَـمَـنيين الذين فقدوا مصادر عيشهم، وكان متوسط دخلهم الشهري يتباين ما بين الـ 700 إلَى 2000 دولار في الشهر، ومع ذلك وجدوا أنفسهم في قارعة الرصيف بعد أن أوقفت تلك الشركات أعْمَـالها لأسبابٍ أمنية وغادرت البلاد.
طرد العمالة من الجنوب
على مدى الأشهر الماضية وعقب انسحاب الجيش واللجان الشَّـعْـبيَّة من محافظات عدن ولحج والضالع في أغسطس الماضي تعرّض الآلاف من العاملين في القطاعات الحرة والعشوائية في محافظات عدن ولحج والضالع والذين ينحدرون من المحافظات الشمالية إلَى انتهاكات جسيمة من قبل المليشيات الموالية لهادي والمسنودة سعُوديّاً ومن قبل داعش والقاعدة أَيْـضاً، وهو ما دفع بالآلاف منهم إلَى الفرار من عدن؛ خوفاً من أن تطالهم تلك الانتهاكات التي مورست بحق المئات من العمال بشكل جماعي أَوْ فردي، وتباينت تلك الانتهاكات ما بين اقتحام المحلات التي يعملون فيها تحت مبرر البحث عن أسلحة والانتماء لجماعة أَنْـصَـار الله وَالتعاون مع الجيش واللجان الشَّـعْـبيَّة.
وبلغت تلك الانتهاكات التي استهدفت شريحة العمال من أبناء المحافظات الشمالية من قبل المليشيات أعلى مستويات الشهر الماضي، حينما أقدمت تلك المليشيات المتطرَّفة التي تفرض وجودها في عدن باعتقال جماعي طالت 400 مواطن يعملون في منشآت صغيرة ينتمون إلَى الشمال ووجهت لهم اتهامات متباينة منها أن عدداً كبيراً منهم مجرد خلايا نائمة لصالح والحوثيين، كما طالبت تلك المليشيات بنقل المحتجزين إلَى أثيوبيا للتدريب في معسكرات تموّلها الإمارات وإعادتهم إلَى جبهات القتال في تعز ومأرب، وهو ما قوبل باستياء شعبي واسع النطاق، وتكرر نفسُ السيناريو في لحج والضالع التي تحوَّلت من مناطقَ جاذبةٍ للأَيَادِي العاملة من المحافظات الشمالية إلَى محافظات طاردة لها.
ولم يكن عُمَّالُ الجولات أفضل حالاً، بل تسبب الركود وتراجع الاستثمارات المحلية وتراجع حركة البناء والإنشاءات إلَى تراجُع فرص العمل أَمَــام العمالة الغير منظمة إلَى أدنى المستويات، وهو ما انعكس سلباً على الحياة المعيشية لعشرات الآلاف من الأسر في الريف والحَضَر التي يعتمد ويعمل عائلها في سوق العمالة الحر.
* صدى المسيرة/ رشيد الحداد