الخبر وما وراء الخبر

جبل الدود الأهمية الجيوعسكرية والتداعيات

115

بقلم / حميد منصور القطواني


يُعتبَرُ جَبَلا الدود والدخان، إحْدَى البوابات الرئيسية لمحافظات جيزان جنوب المملكة، وعليه فإن سيطرة القوات اليَمَنية عليهما بالأمس يعد انتصاراً كبيراً جدّاً وَتحولاً كبيراً في مسار المعارك في عُمق العدو السعودي لصالح المقاتلين اليَمَنيين.
ولعلَّ القصفُ السعودي الهستيري على المدن اليَمَنية والأحياء السكنية متجاوزاً كُلّ الخطوط الحمراء ما هي إلّا مؤشر للصفعة التي تلقاها قادة العدوان وحجم هزائمه النكراء التي تعرض لها جيشُه الذي عجز عن حماية مناطقه ومدنه ومواقعه العسكرية التي انهارت معنويات جنوده وضباطه قبل انهيار تحصينات مواقعه ومعسكراته، وآخرُ تلك المعسكرات الحصينة جدّاً والاستراتيجية التي سقطت بيد القوات اليَمَنية جبلي الدود والدخان.

إن سقوطَ تلك المعسكرات التي كنت طيلة العشرة الأشهر الماضية مصدراً للاعتداء على المواطنين اليَمَنيين في المناطق الحدودية وخُصُـوْصاً استهدفها للمسافرين النازحين وناقلات المواد الاغاثية والغذائية والدوائية. وعليه فقد تم تأمينُ القرى والمديرات الحدودية وَشبكة الطرق الرابطة بينها.
الأهمية العسكرية لجبلي “الدود والدخان” :
السيطرةُ عليهما تعني وقوع عدد من مدن العدو السعودي في شعاع النيران اليَمَنية أي تحت السيطرة النارية (مدفعية وصاروخية)، حيث أن أية تجمعات أو تحركات عسكرية للعدو في تلك المناطق سوف تكونُ مكشوفة للقوات اليَمَنية، وهذا يجعلها في مرمى الاستهداف المركز والدقيق.
بمعنى آخر أن السيطرةَ عليهما تجعل تجمعات وَتحركات العدو وخُصُـوْصاً حاميتها في وضعية انتحار تحت وطأة الكمائن التي سوف ترتفع وتيرتها بشكل مكثف لافتراس قوات العدو، وكذا القصف الصاروخي والمدفعي المركز والمسدد ببأس الله كذا ولا ننسى الأثمان الباهظة من جنود وضباط العدو في كُلّ محاولة لاستعادة تلك المواقع.
كما أن التضاريسَ الجغرافية الوعرة لتلك السلسلة الجبلية تمثّلُ بيئةً مثاليةً للمقاتل اليَمَني للقيام بمناوراته وتأمين تحركاته وإمداداته وَإعادة تموضع القوة الصاروخية والمدفعية في أكثر من نقطة ضمن نطاق تلك الجبال بما يمكنها من تفادي وامتصاص الضربات الجوية وَالصاروخية والمدفعية للعدو.
أيضا تضاريسها توفر حامية طبيعية يجيد المقاتل اليَمَني توظيفها في المواجهة دفاعاً وَهجوماً.. وهذا يعني أن قوات العدو التي سوف تكلف بالزحوفات لاستعادت تلك المواقع سوف تكون في حكم الهالكة.

وفي مقارنة سريعة لإدراك حقيقة ذلك لنا أَن نأخذ تجربة 2009 عندما سيطر المقاتلون اليَمَنيون على تلك الجبال ولم تستطيع قوات العدو السعودي والأولوية المشاركة من دول كثيرة منها الأردن أَن تستعيدهَا رغم ما استخدمه العدو من قصف جوي وصاروخي.
وكذلك تجربة حاضرة تجسدت في مأرب وبالأخص تبة المصارية وَحجم الخسائر الكبيرة والكلفة الباهظة التي دفعها العدو، المئات من جنوده وضباطه ومرتزقته وعشرات المدرعات في أكثر من ثلاثين زحفاً خلال شهرين للسيطرة على تبة لا تتعدى الطابقين رغم القصف الجوي والمدفعي والصاروخي على تلك المنطقة بالكامل التي جعلت منها ارض محروقة ورغم ذلك صمد المقاتل اليَمَني بفضل الله وجعل العدو يدفع ثمن باهظ، لم تستطِع قوات الغزو الإماراتية تحملها، بل وجعلتها تقرر سحبَ قواتها.
ولأن العدو السعودي ليس أمامه إلّا محاولة استعادة تلك المواقع وسوف يستميت في ذلك لكم أن تتخيلوا حجمَ الخسائر المتوقعة من جنوده وضباطه وقادة جيشه وآلياته.
سوف تكون مجازر بما تعنيه الكلمة لجيش العدو ومحارق لآلياته على يد القوات اليَمَنية وبأس الله الشديد.
ان ما تملكه قيادة القوات اليَمَنية ممثلة في قائد الثورة وقادة الجيش واللجان الشعبية من خبره ودراية بعقلية العدو السعودي الأمريكي، يمكنها من توقع وَإدراك ردود فعل وَخيارات العدو ومسار أولوياته العسكرية وطرقه التي سوف يتبعها في المواجهة، وهذا يفقد العدو المبادرة وإحداث الصدمة للقوات اليَمَنية في تلك المناطق وهذا بحد ذاته يوفر للقيادة اليَمَنية السيطرة على سير المعارك القادمة بل واختيار المكان والزمان لتلك المعارك بما يناسب العقيدة العسكرية للقوات اليَمَنية.
كل أوراق العدو باتت مكشوفة ومستخدمه وأثبتت فشلها في وضعية وظروف أقل مثالية للقوات اليَمَنية.
وليس أمام العدو إلّا إفراغ جعبة حقده وقهره من قصفٍ بطائراته وصواريخه وَأسلحته المحرمة وغير المحرمة بهدف إعاقة منع تموضع المظلة النارية للقوة الصاروخية والمدفعية اليَمَنية في تلك المناطق، وهذا يأتي ضمن ما تتوقعه القيادة العسكرية اليَمَنية وتضعه ضمن حساباتها..
إن سيطرة القوات اليَمَنية على جبلي الدود والدخان سوف يخضع مدن رئيسية في محافظات جيزان للسيطرة النارية مما يؤدي الى زيادة حجم الضغط على قيادة العدو نتيجة لتذمر المواطنين وخوفهم المتزايد، كما حصل في مدينة نجران التي تحولت إلى مدينة أشباح، وعليه فان احتواء هذه التداعيات ليس بالأمر السهل أمنياً، خُصُـوْصاً وان النزوح سوف يحدث فوضى توفر غطاء لتحرك وتنقل عناصر التنظيمات التي تريد الانتقام من آل سعود وعلى رأسها القاعدة وَداعش، أَيْضاً الملف الاجتماعي الذي يقتضي نزوح مدن بأكملها بشكل منظم او عشوائي في مجتمع يعاني من التفرقة العنصرية وَالمناطقية والمذهبية يجعل هذا الملف عباء كبيراً نتيجة لتداعيات النزوح على الجانب الاقتصادي والجانب الاجتماعي.
أضف إلى ذلك أن تلك السيطرة تؤمن غطاء نارياً لخطوط التماس المتقدمة، وَهذا يوفر ظروفاً مثالية لعمليات الاقتحامات القادمة وفق مسار الخيارات الاستراتيجية وخُصُـوْصاً إذا اتخذت القيادة اليَمَنية قرار السيطرة على مدن جيزان الرئيسية في الوقت والظروف التي تراها مناسبة.
أمام القوات اليَمَنية المؤيد بالله المتوكلة عليه ملحمة عظيمة سوف توصل العدو فعلاً إلى مهالك ومجازر ومحارق لجنوده وضباطه ومرتزقته المستجلبين من أرجاس البشرية وآلياته التي لن يقوى العدو على تحملها بملياراته وسوف نسمع أصوات طائراته اشبه بعواء وبكاء وقنابله دموع حقد وقهر وهزيمة وذل تنهمر على الأطفال والنساء سوف تزداد وتيرتها.
ولأن اللهَ الغالبُ على أمره نثق أنه مع هذا الشعب اليَمَني المستضعف وَالمظلوم وَلن يحمّله ما لا يطيقه.
في الختام نثق أن الأمر لله من قبلُ ومن بعدُ، المؤيد لجُنده وَالمعز لأنصاره والصادق بوعده وَنصره والغالب على أمره في مواجهة عدو فرعوني الجرائم وشيطاني التكبر والغرور.