الخبر وما وراء الخبر

للسعودية: لا خَـلاصَ في الاستجداء.. هاكم مبادراتِ اليمن

20

بقلم / منير الشامي

مما لا شَكَّ فيه أن توازُنَ المجتمعات يولِّدُ فيها الاستقرارَ، والاستقرار يولِّدُ فيها التنميةَ، والتنميةُ تولِّدُ فيها النهضةَ، والنهضةُ تولِّدُ القوةَ، والقوةُ تفرِضُ استمراريةً التوازن والسلام.

هذه حقائقُ ثابتةٌ في المجتمعات الإنسانية، قديماً وحديثاً، وهذه هي المعادلة التي تُعتبَرُ جوهرَ المشروع الصهيو غربي أمريكي الذي ينفذونه ويطبقونه على الأُمَّــة العربية والإسلامية، من خلال خلق الصراعات الداخلية في كُـلّ دولة، ودعم الإرهاب ورعايته في الدول العربية والإسلامية، وإثارة وتوسيع الخلافاتِ الطائفية بين العرب والمسلمين، ومحاولة تحويلِها إلى صراع شيعي سُني على مستوى كُـلّ منطقة ومحافظة في كُـلّ دولة عربية أَو إسلامية.

ويعد الفكرُ الوهَّـابي أكثرَ المذاهب التي اعتمدوا عليها في تحقيق ذلك؛ كونه مذهباً منحرفاً، ومخرجاته أدوات إجرامية بحتة، تجسد الإسلام الصهيو أمريكي أَو الإسلام الأجوف والمنحرف والبعيد جِـدًّا عن إطار الدين الإسلامي الحنيف الذي جاء به سيدنا محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- والذي يريدون فرضَه على العرب والمسلمين؛ لأَنَّه النموذجُ الأمثلُ الذي يخدُمُ مصالحَهم، ويضمن استمراريتَها، ويضمن أَيْـضاً جعلَ حالة عدم الاستقرار حالةً دائمةً، ويبقي الأمة الإسلامية في حالة اللا توازن بصورة دائمة.

ويكفي للتأكيد والدلالة على ذلك أن نتأمَّلَ ونتدبَّرَ في واقع السعودية، فهي وإن كان نظامُها عميلاً وتابعاً للنظام الصهيوأمريكي إلا أنهم رغم ذلك استهدفوها أَيْـضاً ولم يتركوها ولن يتركوها أَو أية دولة عربية أُخرى حتى ولو دانت بدينهم جهاراً نهاراً كدويلة الإمارات، فهذا لن يشفع لها ولن تنجوَ منهم إطلاقاً.

لقد كانت السعودية قبل الحروب على صعدة دولةً مستقرةً نوعاً ما طوال عقود مضت، فأقحموها بالدخول في الحرب السادسة فاستجابت لهم لحماقة نظامها، وكانت تلك هي خطوتَهم الأولى لتوريطها مستقبلاً بالعدوان على اليمن، وهو ما أكّـده سفيرُها عادل الجبير في تصريحه الأولِ عن انطلاق العدوان على اليمن من واشنطن ليلَ الـ 26 من مارس 2015م بقوله: (إن المحادثاتِ مع أمريكا حولَ العدوان على اليمن استمرت لعدة شهور وإن عاصفة الحزم هي ثمرة تلك المحادثات الطويلة التي سبقتها واستمرت لعدة أعوام في الحقيقة وليس لعدة شهور)، كما ذكر الجبير.

وما قيام أمريكا بتدمير أسلحة الدفاع الجوي اليمنية منذ وقت مبكر في عهد المجرم عفاش وهيكلة الجيش إلا لإقناع السعودية بشن الحرب المستقبلية على اليمن.

هذه الأمور هي ما حذر منها الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- وأكّـد عليها وعلى أن اليمن هدفٌ استراتيجي للنظام الصهيوأمريكي منذ وقت مبكر، وقبل أن تبدأ أمريكا بأية خطوة.

وها هي السعودية بسَببِ حماقة نظامها تجني ثمارَ تلك الحماقة بضربات حيدرية من البأس اليمني بفضل الله تعالى وبفضل حكمة قيادتنا الثورية.

ها هو اليوم نظام الرياض ونحن على عتبات العام السابع من زمن العدوان الإجرامي يناشد العالم لوقف عمليات قواتنا المسلحة على منشآته ويشكو ويبكي ليلَ نهارَ، فلا يرى شيئاً ولا يسمعُ غيرَ الإدانات، ولنا أن نتخيل من كان مرعوباً من منظومات الدفاع الجوي اليمنية القديمة وطائراته الحربية التي لم تعد تُستخدم في العالم، فكم سيكون حجمُ رُعبِه اليوم وقد صنع الجيشُ اليمني منظوماتٍ صاروخية حديثة وطائرات مسيّرة فعالة تضاهي أحدثَ منظوماته الدفاعية الحديثة ويرَى بأسَها وقوتها في أهدافه الاستراتيجية كُـلَّ يوم تقريبًا.

فهل حماه النظامُ الصهيوأمريكي من هذه الأسلحة؟! وهل وفى بوعده؟!، ما يعني أن هذا نظام الاستكبار العالمي يستهدفُ السعودية كما يستهدف اليمن، والفرق الوحيد هو أنه يصفُ السعودية بالحليف ويصفُ اليمن بالعدوّ، وهذا ما يجب أن يدركه نظامُ الرياض بعد أن خسر ثرواته وجنودَه وخسر استقرار بلده وخلق له أعداءً يحيطون به من كُـلّ جهة كان في غنىً عنهم ولو كان يعقل.

بدلاً عن أن يناشد العالم لوقف الهجمات اليمنية يكفيه أن يفكِّرَ بطريقة صحيحة، وسيعرف كيف يستطيعُ وقفَها فورًا وبدون أي جهد أَو استجداء من أحد، ويكفيه واحدةً من مبادرات السيد القائد يحفظه الله لو كانت له ذرةٌ من عقل.