الدوافع التي حركت الشهيد القائد – طبيعة المرحلة وواقع الأمة على المستوى الدولي والمحلي ؛؛ الحلقة (الثالثة)
بقلم / علي عبد الرحمن الموشكي
جرت السنة الإلهية أن يصطفي الله رسول او نبي او علم هدى ، يكون منزة وصادق ومن خيرة خلقة ، في مرحله تكون الأمة تائهة ضائعه يستشري فيها الظلم والبغي ويكون الظلم في أعلى ذروته ، والفساد منتشر ، ويكون الناس قد خرجوا عن خط الهدايه ، حيئذٍ تقتضي الرحمة الألهية بعلم هدى يعيد الأمه الى منهجية الله ويقيم عليهم الحجة ويرشدهم ويوجههم وينذرهم من عذاب الله ، رأفة بهم ، لأستقامتهم على خط الله كي تستقيم الحياة ، وتكون الأمة في محط رعاية وتأييد الله ، ويتحقق على أيديهم قهر الظالمين وكسر شوكتهم ، كما هو حاصلاً اليوم فضل الله من صمود تجاوز الست السنوات ، وأنتصارات عظيمة في كافة الميداين ، وصناعات عسكرية ، ورعاية إلهية كبيرة جداً ، من أمن وآمان ، وحفظ للكرامة وصيانة للأعراض ، وعزة من عزة الله ، وأصبحنا رقم لا يستهان به أمام كل دول الأستكبار .
دعونا نستذكر سوياً من خلال بعض النصوص الذي تم الإعتماد عليها في قولبة الورقة البحثية التي حاولت أن ألم وعبر مصادر دقيقه ، طبيعة المرحلة التي تحرك فيها الشهيد القائد -رضوآن الله عليه .
طبيعة المرحلة التي تحرك فيها الشهيد القائد – رضوآن الله عليه :
يقول السيد القائد عبد الملك – يحفظه الله (لقد كان سيدي ومولاي القائد الشهيد السيد /حسين بدر الدين الحوثي (رضوآن الله عليه) نعمة أنعم الله به علينا وعل. الأمه كلها ، ومن الله به على الجميع في مرحلة خطيرة جداً ، مرحلة لم تمر الأمة بمثلها في ما مضى من تاريخها ، المرحلة الأخطر ، المرحلة الأسوا ، المرحلة التي تمثل خطورة بالغة كاملة على دين الأمة ، على عزتها ، على مجدها ، على وجودها الحضاري ، المرحلة التي كانت تمثل مرحلة بالغة الخطورة لدرجة أنه كان يمكن أن تخسر الأمة فيها كل شيئ فلا يبقى لها شيئ) .
من السمات البارزة لتلك المرحلة التي تحرك فيها الشهيد القائد ، مايلي :
أولاً :غياب الحق وهيجان الطغيان :
عندما نستذكر المرحلة التي بدأ فيها تحركة وصدع فيها بالحق ، مرحلة قريبة لم يمر بنا وقت طويل حتى يمكن أن نكون قد تناسينا تلك المرحلة وذلك الواقع وتلك الظروف ، إنها المرحلة التي إستفحل فيها الشر وهاج فيها الطغيان وتحركت كل قوى الكفر ، كل قوى الطغيان ، كل قوى الإجرام ومعها كل قوى النفاق من داخل الأمة لتسير في نهجها وتلحق بركبها.
ثانياً : التحرك تحت راية أمريكا وإسرائيل :
تحرك الكل تحركاً عالمياً لم يسبق له مثيل في تاريخ العالم ، تحرك تحركاً عالمياً بقيادة أمريكا وإسرائيل ، تحت هذه الراية الكافرة ، راية الكفر ، راية الطغيان ، راية الفراعنة ، راية المستكبرين ، تحركت دول العالم بإجماع غير مسبوق تخت تلك الراية وتحت ذلك اللواء بهيجان وبطغيان وبإستكبار.
ثالثاً: أنظمة خائنة وشعوب حائرة :
تحركت قوى الشر مجتمعة تحت ذلك اللواء بكل إمكاناتها ، بكل عتادها وعدتها ، وأتت الى أرض الإسلام الى بلاد المسلمين الى الأمة الإسلامية في مرحلة عاشت فيها شعوب هذه المنطقة حالة مأساوية ، حالة مهينة ، حالة من الضعف والعجز والحيرة والشتات ، فكان الموقف السائد في واقع هذه الشعوب وهي ترى ذلك التحرك العالمي بقيادة أمريكا وإسرائيل ومعه كل الحكومات والأنظمة العربية التي مثلت قوى النفاق والعمالة ، كان الموقف موقف حيرة ، موقف عجز ، موقف ضعف ، الكل يتفرج وينتظر وهو يتوقع التوقعات ويتكهن التكهنات عما سيلحق بهذه الأمة ، عما سيدور بهذه الأمة ، عما سيجري على شعوب المنطقة.
رابعاً: أمريكا ترتكب أبشع الجرائم :
وأقبل الطغيان بجبروته وعدوانيته ووحشيته الى أفغانستان قطر من أقطار الإسلام وسرعان ماسيطر وسحق هذا الشعب واستولى عليه ، واستولى على مقدراته ، وارتكب بحقه أبشع الإجرام ، ثم طال قطراً وبلداً آخر من بلدان الإسلام هو العراق ليفعل فيه أسوأ مما فعله في أفغانستان ، وهكذا بصولة وجولة ، وطغيان إجرام ، وتوحش وإستكبار ، أمام حالة من الأستضعاف، العجز ، من التفرج على الواقع ، من الأنتظار لما سيحصل ، الكل يفكر في الإستسلام والصمت والأنتظار لماسيجري عليه ، حالة رهيبة ، حالة مؤسفة ، حالة مؤلمة ، حالة بالغة الخطورة على الأمة ، في كل شيئ ، في الدين والحياة والأرض ، والعرض والشرف ، لأن ذلك الشر العالمي المتكالب على شعوب هذه المنطقة اتى مستهدفاً كل شيئ ، ومستبيحاً كل شيئ ، ومسترخصاً كل شيئ .
خامساً: إمتهان الإنسان المسلم وإستهداف شرفه وكرامته :
أسترخص الإنسان المسلم ، أسترخص شرفه واسترخص دمه واسترخص عرضه واسترخص مقدساته ، ولم يكن أمام قوى الطغيان والشر والإجرام اي مبالاة ولا أي إعتبار ، لايعطون لهذا الإنسان المسلم أي قيمة ولاحتى في مستوى كلب من كلابهم ، ولا حتى مستوى قطه من القطط في أوروبا أو أمريكا.
الإنسان المسلم العربي لم يكن له عندهم حرمة لدمه، او حرمة لعرضه، او حرمة ، لشرفة
، أو تقديراً لمشاعره ، او إعطاءه أي إعتبار ولابمستوى الكلب في أمريكا أو حيوان آخر.
إسترخاص واهتضام وإحتقار واستهانة ودوس على الكرامة وسفك للدماء بكل جبروت وبكل وحشية وامتهان للعرض لدرجة ، فضيعة ، لدرجة أن يمتهن العرض ، عرض الرجال وعرض النساء كماحصل في العراق في أبو غريب وغيره وتنشر الصور أمام العالم والمشاهد المشينة التي فيها إنتهاك للكرامة ودوس للكرامة وإمتهان للعرض ، تنشر أمام العالم مشاهد مصورة .
سادساً : الحيرة والعجز والخضوع :
كلنا يعرف تلك المرحلة التي بدأ بالتحرك فيها، مرحلة قائمة من الصمت والإستسلام والعجز والخضوع والحيرة والإرتباك ، تحرك وصدع بالحق ونادى في اوساط الأمة وبذل جهده ليلاً ونهاراً ، وهو يبصر بهدى الله ، وأطلق مشروعه العظيم ، المشروع الموفق والمسدد ، المشروع الذي تأمله عرف فيه من الأسرار ومن الأهمية ومن الفاعلية ومن التأثير مايشهد له على أنه مشروع مسدد من الله ، كان بتوفيق الله ، كان بهداية الله ، كان بتسديد من الله ، كان بإلهام من الله، لأن الله رحيم بعباده ، رحيم بعباده ، وتجسيد مظاهر رحمة الله سبحانه وتعالى وفي هذا الرجل العظيم وفي المشروع العظيم التي أتى به في أخطر مرحلة على الأمة .
واقع الأمة على المستوى الدولي وعلى المستوى المحلي :
من كل ماسبق شرحه وتفنيدة يتضح لنا بأنه على المستوى الدولي الخطر الأمريكي والإسرائيلي تزايد ، والمؤامرات بها توظيف التكفيريين لنشرهم كذرائع والاستفادة منهم في تدمير البنية الداخلية للأمة ، أشياء كثيرة والمخاطر التي نتجت عن صمت الكثير وتنصُّلهم عن المسؤولية وتواطؤا الأنظمة أشياء كثيرة تحققت في الواقع مما كان قد نبَّه الشهيد القائد – رضوان الله عليه – عليها وحذَّر منها.
والواقع مليئ بالشواهد ، مثلاً فلسطين ماذا وصل إليه الوضع فيها خلال عشر سنوات ؟ ساذ الوضع كثيراً المخاطر التي تتهدد المقدسات وعلى راسها المسجد الأقصى الشريف مخاطر كبيرة ومتقدمة ، العدو الصهيوني الإسرائيلي حقق تقدماً في أشياء كثيرة هناك ، النشاط الإستيطاني متزايد ، والتراجع في الواقع العربي تجاه القضية الفلسطينية تزايد ، وشعور الشعب الفلسطيني بالخذلان العربي يتزايد أيضاً ، إشكالات كثيرة مخاطر كثيرة تحديات كثيرة ، في مجمل الأمر أن الوضع يسوء أكثر فأكثر .
ماحصل في سوريا ما يحصل في العراق مايحصل في ليبيا ، ما حصل ويحصل في مصر وفي أفغانستان ، التهديدات المستمرة ضد إيران ، مايلحق بالمسلمين في دول أخرى في بقاع أخرى من العالم ، في آسيا وفي أفريقيا من قتل جماعي وتهجير وجرائم إبادة .
وعلى مستوى الساحة المحلية على مستوى بلدنا اليمن ،التحذيرات الكبيرة التي كان يطلقها الشهيد القائد وهو يحاول أن يستنهض الشعب اليمني ليدرك طبيعة المخاطر والتحديات المستقبلية ليتحرك تحركاً استباقياً فيدفع الكثير من الأخطار قبل أن تتحقق .
نجد خلال هذه الفترة الماضية أشياء كثيرة وسيئة مما حذر منها تحققت ، آنذاك كان البعض يسخرون ويقولون (( أين هي أمريكا ؟ لا توجد أمريكا ، أساساً لا تريد أن تستهدف اليمن ليس هناك أي خطر أمريكي على اليمن)).
وخلال العشر السنوات تحققت كثير من الشواهد على أرض الواقع ولكن للأسف ، أن يصمت الكثير ، ويتخاذل حتى تتاح الفرصة للأمريكيين ومن معهم أن يحققوا هذا التقدم الكبير فيما فيه شر وخطر على شعبنا وعلى أمتنا.
دوافع إنطلاقة الشهيد القائد – رضوآن الله عليه – في إرساء دعائم المشروع القرآني :
أولاً :استشعار المسؤولية :
كان من أهم دوافع تحرك السيد حسين (رضوان الله عليه) هو استشعارة للمسؤولية أمام الله بعدما رأى بأن وضعية الأمة تستدعي التحرك يدفعه في ذلك إستبصاره بكتاب الله وتوجيهاته في القرآن الكريم الذي عاش قريناً له حيث يقول في محاضرة [الصرخة في وجه المستكبرين ] مبيناً دوافع تحركة (( عندما نتحدث ايضاً هو لنعرف حقيقة أننا أمام واقع لا نخلو فيه من حالتين ، كل منهما تفرض علينا أن يكون لنا موقف .. نحن أمام وضعية مهينة : ذل ، وخزي ، وعار ، استضعاف ، إهانة ، إذلال ، نحن تحت رحمة اليهود والنصارى ، نحن كعرب كمسلمين أصبحنا فعلاً تحت أقدام اليهود ، هل هذه تكفي إن كنا لا نزال عرباً ، إن كنا لا نزال نحمل القرآن ونؤمن بالله وبكتابه وبرسوله وباليوم الآخر لتدفعنا الى أن يكون لنا موقف.
الحاله الثانية : هي مايفرضه علينا ديننا ، ما يفرضه علينا كتابنا القرآن الكريم من أنه لابد أن يكون لنا موقف من منطلق الشعور بالمسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى . نحن لو رضينا – أو أوصلنا الآخرون الى أن نرضى – بأن نقبل هذه الوضعبة التي نحن عليها كمسلمين ، أن نرضى بالذل إن نرضى بالقهر ، أن نرضى بالضعة ، أن نرضى بأن نعيش في هذا العالم على فتات الأخرين وبقايا موائد الآخرين ، لكن هل يرضى الله لنا عندما نقف بين يديه السكوت ؟ من منطلق أننا رضينا وقبلنا ولا إشكال فيما نحن فيه سنصبر وسنقبل )).
وهكذا أنطلق السيد حسين في حركته الجهادية من رؤية قرآنية واستقراء دقيق ل
لأحداث نابعاً من فهم عميق للقرآن الكريم ..يقول في محاضرة [ اشتروا بآيات الله ثمنا قليلاً ] : (( بين أيدينا الكتاب الكريم القرآن الكريم ، وبين أيدينا في واقع الحياة أحداث كثيرة ، هذا الكتاب الكريم يكشف عن حقائقها ، ويكشف عن واقعها ؛ لأنه كما قال الرسول ( صلوات الله عليه وعلى آله) ، فيه : ((نبأ ما قبلكم ، وخبر ما بعدكم )).
كما كان يركز على موضوع الوعي في تحمل المسؤولية حيث يقول في محاضرة [الإرهاب والسلام] : ((لا بد أن نكون واعين ، أن نكون فاهمين ، علينا أن نتحمل المسؤولية القرآنية بوعي ، أما إذا أصبحنا الى درجة لا نعي ولانفهم مايعمل الآخرون ، ولا نعي ولا نفهم خطورة مايدور من حولنا فإن ذلك يعني أننا سنعيش في حالة أسوأ مما نحن فيه . أوليس كل واحد منا يعرف أن مايدور في هذا العالم من أحداث كلها تدور على رؤوس المسلمين ، وكلها حرب ضد الإسلام والمسلمين ؟ أليس هذا شيئ مفهوم لدينا جميعاً ؟ )).
ثانياً : استجابة لله :
أيضاً كانت أنطلاقة الشهيد القائد – رضوآن الله عليه – من موقع الاستجابة لله سبحانه وتعالى وتحرك على ضوء التوجيهات الربانية ورؤية القرآن الكريم فكان موطناً نفسه على الإستجابة لله مرسخاً هذا المبدأ في نفوس طلابه واتباعه ومحبيه وكان يعتبر ذلك من القضايا الأساسية يقول (رضوان الله عليه ) : (( توطين النفس على الاستجابة لله والاهتمام بمعرفته قضية أساسية لأن الإستجابة الجزئية لا تحقق الرشد ولا يستجاب معها الدعاء {لعلهم يرشدون} )) ويقول أيضاً : (( جانب الطاعه لله ، والسمع ، والاستجابة الصادقه له وكذلك التقوى ؛ هذه الأمور لها علاقة بالنصر ، والإنسان بفطرته حريص على النصر )).
ثالثاً : غيرته على أمة جده :
أمام هذه الحالة تحرك الشهيد القائد -رضوان الله عليه ، حالة فظيعة ورهيبة وخطرة تحرك هذا الرجل العظيم وأنعم الله به على الأمة ليتحرك وفعلاً يحقق في واقع الأمة الحديث النبوي (صلوات الله عليه وعلى آله) ((أهل بيتي أمان لأهل الأرض ))، فعلاً تحقق من خلاله في هذا في واقع الأمة ، تحقق غيوراً عليها من الظلم والضيم والقهر ، لم يرى نفسه مثلما رأى الآخرون لأنفسهم أن يسكت أو يصمت أو يتفرج أويتهاون أو ينتظر بواقع الأمة أن يتحقق فيه للغطاة والمستكبرين العالميين كل مايريدون ، لم يسكت ولم يتجاهل ، ولم يتهاون ، ولم يغفل ، بل تحرك بحمية الإيمان وعزة الأيمان ورحمة جده محمد ( صلوات الله عليه وعلى آله) غيوراً على أمة جده أن تستباح ، أن يستباح دمها ، أن يستباح عرضها ، أن يستباح شرفها غيوراً على أمة جده أن تذل وتسحق وتقهر وتستعبد من دون الله، ورحيماً بالمستضعفين يعز عليه أو جاع هذه الأمة في كل قطر من أقطارها ، في كل بلد من بلدانها ، يعز عليه أن يرى دماء هذه الأمة أن تسفك وتسيل في الشوارع والطرقات ، يعز عليه أن يسمع آهات وتأوهات وصراخ نساء هذه الأمة وهن يستنجدن في فلسطين في العراق في أفغانستان في بلدان متعددة ولا من مجيب ، يعز عليه أن يرى دموع الأطفال على وجوهها بكل براءتها ، ودموع الثكالى والنساء المقهورات جارية بكل حرقة بكل ألم بكل ضيم بكل قهر فيتجاهل هذا الواقع ، يعز عليه أن يرى الأمريكيين وهم يسحقون بأرجلهم وأحذيتهم رؤوس وجباه ووجوه أبناء هذه الأمة أمة جده، يعز عليه كل ذلك ، لأنه حمل روحية الإسلام ، روحية الإيمان .
.
.
المراجع :
– مقتطفات من الهدى (محاضرات ودروس الشهيد القائد – رضوان الله عليه ).
– مقتطفات من الهدى (كلمات ودروس ومحاضرات السيد القائد (يحفظة الله ) .
المصادر :
– (مجلة “وعي ” العدد الثاني – تصدر عن الدائرة الثقافة الجهادية) ص(٢).
– كتيب ” المشروع القرآني إنطلاقته ” إصدار ” المناهج والبحوث بالدائرة الثقافية لأنصار الله ” ، ص (٤١) .
– مجلة (“الثقافه الجهادية”- تصدر عن ” دائرة الثقافة الجهادية” ) ص (١٦ ،١٧).