الخبر وما وراء الخبر

صنعاء تجدد تثبيت معادلات الحرب والسلام: الردع مستمر حتى إنهاء العدوان والحصار

19

كثّـفت القواتُ المسلحة ضرباتِها ومفاجآتِها العسكريةَ النوعيةَ خلال اليومين الماضيين، حَيثُ نفذت هجومًا جويًّا على مرابضِ مقاتلات العدوّ في مطار أبها الدولي، وقصفت قاعدة خالد الجوية في خميس مشيط بصاروخ بالستي لم يُكشَفْ عنه بعدُ، كما تمكّنت من إسقاط طائرة مقاتلة بدون طيار نوع (CH4) بصاروخ أرض جو لم يكشف عنه أَيْـضاً، وقد حملت هذه العمليات رسائلَ عسكرية وسياسية مهمة لتحالف العدوان ورعاته في الغرب، خُصُوصاً في هذا التوقيت الذي تحاولُ فيه الولايات المتحدة وبريطانيا خلق ضغوطات على صنعاء لإيقاف عملياتها العسكرية ضد العمق السعودي وضد المرتزِقة في مأرب.

ضرباتٌ نوعية ومفاجآت:

التصعيد الصاروخي – الجوي الجديد دُشِّـن، الأربعاء، بهجوم شنه سلاح الجو المسير بأربع طائرات من نوع (صماد3) وَ(قاصف 2k) على مرابض الطائرات الحربية في مطار أبها الدولي الذي يستخدمه العدوّ السعودي لأغراض عسكرية، في محاولة منه للتمترس بالمدنيين، وهو الأمر الذي جدد ناطق القوات المسلحة، العميد يحيى سريع، التنبيه عليه، حَيثُ أوضح أن “النظام السعودي المعتدي يتجاهل كُـلّ تحذيراتنا المتكرّرة حول استخدام المطارات المدنية لأغراض عسكرية”.

وحقّق الهجوم الجوي على مطار أبها الدولي إصابة دقيقة، لم يستطع العدوّ السعودي إنكارها، فعلى الرغم من أنه زعم في بداية الأمر “اعتراض وتدمير الطائرات” إلا أنه سرعان ما أقر بنشوب حريق في المطار، محاولاً التغطية على فشله وخسائره بالحديث مضلل عن “استهداف للمدنيين”، على أمل كسب تعاطف دولي.

بعد أقلَّ من 24 ساعة، أعلن ناطق القوات المسلحة عن استهداف قاعدة “خالد” الجوية في خميس مشيط، بصاروخ باليستي “مناسب لم يكشف عنه بعد”، وقد أصاب الصاروخ هدفه بدقة أَيْـضاً.

ويأتي الإعلانُ عن الضربة الصاروخية البالستية، فجرَ الجمعة، بمثابةِ صافرةِ البدءِ لعمليات أوسع وباستخدام خيارات ردع أُخرى، حيث نفذت القوات المسلحة خلال ساعات متفرقة من يوم أمس الجمعة، سلسلةَ عمليات نوعية استهدفت مواقع عسكرية حساسة في مطار أبها الدولي وقاعدة خالد بخميس مشيط.

وقال متحدثُ القوات المسلحة، أمس الجمعة، في بيان مقتضب: “تمكّن سلاح الجو المسير بفضل الله من استهداف مواقع عسكرية حساسة في مطار أبها الدولي وقاعدة خالد بخميس مشيط بثلاث طائرات مسيرة نوع قاصف 2K وكانت الإصابة دقيقة”.

وأوضح العميد يحيى سريع أن عمليات الاستهداف توزعت خلال ساعات متفرقة من يوم أمس الجمعة.

وجدد العميد سريع التأكيد على ثبات المعادلة اليمنية المحتومة بقوله “يأتي هذا الاستهداف في إطار الرد على تصعيد العدوان وحصاره الشامل على بلدنا”، وهو ما يؤكّـد استمرار العمليات طالما استمر العدوان والحصار.

ومن العمق السعودي إلى الأجواء اليمنية، حَيثُ فجرت القوات المسلحة مفاجأة جديدة، أول ساعات يوم أمس الجمعة، بالإعلان عن صاروخ (أرض – جو) جديد لم يكشف عنه بعد، وذلك بعد أن تم استخدامه في استهداف مقاتلة معادية بدون طيار من نوع (CH4) صينية الصنع، أثناء تنفيذها مهامًّا عدائية في سماء مديرية مدغل بمحافظة مأرب، وقد أصابها الصاروخ بشكل دقيق وأسقطها على الفور.

رسائلُ للولايات المتحدة وبريطانيا:

هذه الضربات والمفاجآت العسكرية المتتالية شكّلت صفعاتٍ مدويةً للعدو، في هذا التوقيت الذي يتعلقُ فيه بأستار تحَرّكات أمريكية بريطانية تحاول الضغط على صنعاء لإيقاف هجماتها على العمق السعودي وعلى المرتزِقة، سواء بنبرة “تهديد” كما هو الحال مع التصريحات البريطانية، أَو بواسطة “المغازلة” بالنسبة لسلوك الإدارة الأمريكية الجديدة.

وقد جاءت العمليات الأخيرة على العمق السعودي تزامناً مع وصول مبعوث إدارة بايدن لليمن إلى السعودية ولقائه بمسؤولين سعوديين ومرتزِقة، في إطار “الجهود” المزعومة التي تدّعي الإدارة الأمريكية بذلها لـ “وقف الحرب”، في الوقت الذي لا تزال هذه الإدارة نفسُها تؤكّـدُ على التزامها باستمرار دعم السعودي تحت مبرّر “حماية أمنها”.

وهكذا، فقد أضافت الضرباتُ اليمنية على قاعدة خالد، ومرابض طائرات العدوّ في مطار أبها، ردًّا عسكريًّا على التحَرّكات الأمريكية البريطانية، إلى جانب الردود السياسية التي أعلنتها صنعاء خلال الفترة الماضية، ويلتقي هذا الرد العسكري مع الردود السياسية في إعادة تثبيت شروط السلام الحقيقي، والتأكيد على الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى إيقاف هذه الهجمات وهو ما عبر عنه ناطق القوات المسلحة بقوله: “عملياتنا مستمرة طالما استمر العدوان والحصار” أي أنه لا وزن لأية مشاريع أَو خطوات لا تتمحور حول أولوية الوقف النهائي للعدوان والحصار قبل كُـلّ شيء آخر.

كما أن استخدام صواريخ جديدة لم يكشف عنها بعد، يوجه رسالة واضحة باستمرار تصاعد مسار الردع على كُـلّ المستويات، أي أن الوقت ليس في صالح تحالف العدوان ورعاته؛ لأَنَّ كلفة استمرار العدوان تتضاعف بشكل متواصل.

هذا أَيْـضاً ما أكّـده رئيس الوفد الوطني وناطق أنصار الله، محمد عبد السلام، حَيثُ كتب: “سيستمر دفاعنا المشروع بكل ما نستطيع متوكلين على الله جل شأنه حتى يتوقف العدوان والحصار تماماً”، مُشيراً إلى أن “جرائم تحالف العدوان الأمريكي ضد الشعب اليمني غير مسبوقة عالميًّا، وهي جرائم من البشاعة والإرهاب ما يجعل من السعودية والإمارات دولتين ملاحقتين حقوقياً ومنبوذتين إنسانياً وحتى سياسياً”.

وبحسب وزير الإعلام بحكومة الإنقاذ وناطقها، ضيف الله الشامي، فقد شكلت الضربات الأخيرة على العمق السعودي ردًّا عمليًّا على تضليلات الأمريكيين وأتباعهم بخصوص الدور الإيراني في اليمن، حَيثُ قال الشامي إن: “أمريكا وأدواتها وأبواقها ابتداءً من رئيسها ‎بايدن مُرورًا بمبعوثها غريفيت وأبواقها المرتزِقة، حرصوا على توحيد اللعبة وتقاسم الأدوار لخداع العالم وتصوير ‎إيران بأنها المتحكمة في اليمن، فلم يكن الأمر يستحق الردود الإعلامية، حَيثُ كان الرد عمليًّا بالبالستيات والمسيَّرات”، وذلك في إشارة إلى توجّـه غريفيث مؤخّراً إلى إيران تحت يافطة “حل الأزمة اليمنية”، في محاولة لتكريس الدعاية الأمريكية البريطانية السعودية التي تظهر الجمهورية الإسلامية كـ”طرف” متحكم في الملف اليمني، وبالتالي فقد جاءت الضربات العسكرية لتؤكّـد عمليًّا على أن القرار العسكري والسياسي بيد صنعاء.

وقد أسهمت الضربات الأخيرة في تجديد التأكيد على زيف الدعايات الغربية حول “إيقاف الحرب”، حَيثُ سارعت الولايات المتحدة وبريطانيا إلى “إدانة” استهداف “مطار أبها” ومطالبة صنعاء بإيقاف هذه الضربات، متجاهلتين استمرار العدوان والحصار على الشعب اليمني، وهو الأمر الذي يوضح مجدّدًا أن كُـلّ التصريحات والتحَرّكات الشكلية التي ترفع شعار إيقاف الحرب، ليست إلا محاولات لخلق مسارات بديلة لإطالة أمد العدوان وتجزئة المعادلات مع تجنيب السعودية ومرتزِقتها العواقب.