الخبر وما وراء الخبر

“شهدائنا على خطاكم ماضون”

34

ذمار نيوز || مقالات || 

[1 يناير 2021مـ -15جماد الاول 1442هـ ]

بقلم / حمود اليوسفي

إن أعظم ما يمكن أن نقدمه لشهدائنا هو أن نسير بسيرتهم ونحذو حذوهم فهم عندما انطلقوا لم ينطلقوا لرغبات أو مطامع وإنما كان دافع انطلاقتهم هو أنهم كانوا يرون الله يعصى في أرضه ولم يحرك الناس ساكن ولكن الشهداء بتأملهم للقرآن وتدبرهم له استشعروا أهمية التحرك واستجابوا لله وسلموا له في دعوته لهم{ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَـمُونَ}.

لم يتحرك الشهداء لمطامع أو مكاسب دنيويه ولم يجعلوا العذر لقعودهم تجارة أو مال أو أي مكسب في الدنيا وإنماء تحركوا لنصرة دين الله واعلاء كلمته ونصرة المستضعفين في أرضه لأن المؤمنين بطبيعتهم يثقون بالوعود الإلهيه فقد وعد الله تعالى من يتحركون في سبيله{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} وفي الآيه التي بعدها حدد لنا ما هي تلك التجارة { تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَـمُونَ} خير في الدنيا ورفعة في الآخرة يوم لقاء الله.

هناك وعد إلهي آخر وعد به من يجاهدون بأموالهم وأنفسهم في سبيله قال { يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} مغفرة من الله ورضوان وفوز بالجنة وهي أعظم نعمة يسعى إليها المؤمن.

وقال تعالى { إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} يجاهدوا يقاتلوا من أمر الله بقتالهم في الدنيا بدون خوف أو ملل ويعلمون أن عاقبة جهادهم هذا وتلبيتهم لنداء الله وتسليمهم له هو النصر أو الشهادة والفوز بالجنة التي لطالما كرر الله وعده للمؤمنين المجاهدين في سبيله في عدة آيات وهو يبشرهم {وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} واذا تأملنا فقد كرر لنا في القرآن كلمة فوز في عدة مواضع ليبين لنا أن الشهادة في سبيله تعتبر فوز وليست خسارة ولا ينالها إلا المؤمنون الصابرون المجاهدون{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَـمَّا يَعْلَـمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَـمَ الصَّابِرِينَ} ونلاحظ أن الجهاد لن يكون إلا بصبر وأن الصبر لا يكون إلا لدى المؤمن وأن الشهادة لا ينالها إلا من انطبقت عليه كل الصفات التي ذكرها لنا الله في كتابه الكريم لمن يجاهدون في سبيله بصدق لأن الله قد حدد لنا قال { مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} فهم من صدقوا مع الله فقضوا نحبهم شهداء في سبيله والمجاهدين المقتفين لآثارهم هم من قال {ومنهم من ينتظر} وما بدلوا عن النهج الذي سار عليه الشهداء ومستشعرين المسؤلية التي حملوها على عاتقهم والخط الذي رسم لهم.

وقد أخبرنا الله في كتابه عن الشهداء الذين تحركوا في سبيله قائلا { وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}أحياء يرزقون وفرحين {فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَـمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}

وفي الأخير نسأل من الله أن ينصر المجاهدين في سبيله الصابرين الصادقين المخلصين وأن يشفي الجرحى وأن يفك أسر المأسورين وأن يرحم الشهداء الأبرار ويلحقنا بهم صالحين ويجعلنا مقتفين لآثارهم وسائرين على النهج الذي رسموه لنا وعلى الطريق الذي ساروا فيها وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله.