كيف نقدم النصيحة ؟ الحلقة (٣)
ذمار نيوز || مقالات ||
[27 ديسمبر 2020مـ -12جماد اول 1442هـ ]
بقلم / فاضل الشرقي
ليس في منهجيتنا القرآنية شيء اسمه اطع الأمير وإن قصم ظهرك وأخذ مالك، وليس في ثقافتنا القرآنية شيء اسمه السكوت والصمت فمنهجيتنا وثقافتنا قائمة على الكلمة والحرية والعزة منذ يومها الأول، وتربى الناس فيها على قول الحق والصدع به وإن كان مُرّاً، والتواصي والتناصح بالحق والصبر، وعدم غضُ الطرف أمام الأخطاء والتجاوزات كبرت أم صغرت لأنّ ذلك يؤدي لتفاقمها وتوسعها، ويكون له تبعات سلبية وآثار خطيرة ترسّخ في نفوس الناس الذل والخضوع والإستسلام، وتُطبع الحياة والواقع بذلك، وتُهيأ الساحة للظالمين المجرمين المستبدين.
ولكن في نفس الوقت يجب أن يدرك الجميع أنّ الأمور ليست منفلتة، وأنّ الحبل ليس على الغارب، وأنّ المجال ليس مفتوحاً لمن هبّ ودبّ لينشر الفوضى باسم التصحيح والتغيير والنصح والإرشاد، لأنّ البعض ينطلق بعشوائية في الإنتقاد بدعوى الحرص والمسؤولية وسدّ الثغرات فيثير الفوضى والعداوات والأحقاد والفرقة والخلافات، ويهاجم ويتكلم على الآخرين وينتقصهم، ويصل إلى حد هتك اعراضهم وكرامتهم، ويبثّ الشائعات، و ينشر في الإعلام، ويشوّه، ويتحول إلى حاقد محرّض مغتاب نمّام همّاز لمّاز ، يتعاطى بعداوة وبغضاء وشنآن، وكيد وفجور وخصومة وكراهية، ويتعامل نفس تعامل المنافقين وإن لم يكن منافقاً، وحتى لو كان بحسن نية وإخلاص لكن طريقته ليست مقبولة أبداً، ولا يعبّر سلوكه وتصرّفه إلا عن مرض نفسي، وعُقد وعداوات شخصية، وأسلوبه وكلامه يهدم ولا يبني، ويضر ولا ينفع، ويفرّق ولا يجمع، وهو في نفسه يَكسَب الذنوب والخطايا والآثام، ولا يحقّق أيّ نتيجة، وليس لكلامه أيّ قبول عند المعنيّين والقيادة..
إذًا لا بد أن نلتزم بمنهجيتنا القرآنية في توجيه الإنتقادات، وتقديم النصائح لبعضنا البعض، وما خرج عن منهجيتنا القرآنية فهو نفاق كائناً من كان، ولو صدر بحسن نية، ويجب الإلتزام بالحق والصدق والقول السديد، وهذا يحتاج لتقوى الله، وقد أمر الله بذلك فقال (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما).
يقول السيد حسين – رضوان الله تعالى عليه – في محاضرة في ظلال مكارم الأخلاق – الدرس الثاني.
( لا بد أن ننطلق في القيام بالمهام التي أوجبها الله علينا: من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, والنصيحة فيما بيننا, والتواصي بالحق, والتواصي بالصبر على الحق، وأن نقول كلمة الحق، أن تنصح, وعندما تنصح ليكون كلامك مع أخيك مع صاحبك كلام الناصح وليس كلام الساخر، وليس كلام الفاضح، أظهر نفسك بأنك ناصح وسيقبل منك. أما إذا جئت لتقهره بكلامك, وأنت حتى تريد أن تنصحه فإنك من ستدفعه إلى أن يكون له ردة فعل سلبية تجاه نصيحتك، وأمام توصيتك، وأمام أمرك بالمعروف له, وأمام نهيك له عن المنكر).