الخبر وما وراء الخبر

قدس2 مجموعة أهداف محقّقة

25

ذمار نيوز || مقالات ||
[ 25 نوفمبر 2020مـ -10 ربيع الآخر 1442هـ ]

بقلم / علي الدرواني

كالعادة تأتي الضرباتُ النوعيةُ ضد أهداف حسَّاسة في السعودية في ظروفٍ أكثرَ ملاءمةً يتم اختيارُها بدقةٍ وبعنايةٍ مدروسة، وهذا المرة يدُكُّ صاروخُ قدس2 المجنح هدفًا جديدًا في جدة العاصمة السعودية الاقتصادية والتجارية، بالتزامن مع زيارة بومبيو العلنية للسعودية والزيارة المعلَنة من جانبِ العدوِّ الإسرائيلي لنتنياهو أَيْـضاً.

كذلك لم يعد الحديثُ جديدًا عن مقدرة ومديات ودقة الصواريخ اليمنية في إصابة الأهداف، وتنامي تلك القدرات، وتضاعفها، رغم الحصار البري والبحري والجوي، ورغم الحالة الاقتصادية المتردية، وفشل الدفاعات السعودية في التصدي لها، بعد أن أنفقت عليها مليارات الدولارات دون جدوى، وهي أمورٌ يجبُ أن تؤخذَ في الحسبان في كُـلّ مرة؛ لما تحملُه من مؤشرات الهزيمة السعودية الأكيدة، والنصر الكبير الذي ينتظر اليمنَ وشعبَه المظلوم.

الضربة التي هدفت بالأَسَاس للرد على العدوان السعودي المستمر منذ ستة أعوام، قتلًا وإجرامًا وحصارًا، والتي كانت ترجمةً لتحذيرات القوات المسلحة اليمنية قبل أَيَّـام باتِّخاذ خطوات عسكرية تصعيدية ضد السعودية، ونصحت الشركات الأجنبية والمواطنين بالابتعاد عن المناطق الحسَّاسة في العمق السعودي، حملت أَيْـضاً رسائلَ هامةً أثناءَ زيارة مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكية أكبر داعم للعدوان السعودي على اليمن.

الرسالةُ الأهمُّ هي تلك التي حملت ردًّا عمليًّا على التقارب السعودي مع العدوّ الإسرائيلي إلى الطرفَين السعودي والإسرائيلي، بأنه مهما كانت حدودُ تحالفاتكم على أمتنا فَـإنَّ اليمن ماضٍ في التصدي لها ومواجهتها، بقدرات نوعية قادرة على الوصول إلى الأهداف.

من جهة ثالثة، تبدو العلاقة مع التقدم الميداني باتّجاه تحرير محافظة مارب الهامة والاستراتيجية والنفطية والغازية، بما يعنيه من احتمال تعرض المنشآت الحيوية فيها لاعتداءات سعودية، فاقتضى الحالُ تأمينَ تلك المنشآت، وتذكير الرياض بمكامن الألم التي ستتأثرُ فيما لو ارتكبت أيةَ حماقة بعد تحرير مارب.

ولا يمكن الفصلُ بين التسريبات السعودية في الأيّام الأخيرة عن شروطٍ لوقف إطلاق النار بفرضِ منطقة عازلة في الحدود اليمنية؛ لأَنَّه ببساطة من يُهزم طوال خمس سنوات ليس له الحقُّ في إملاء شروط المنتصِر، فكان صاروخ القدس2 خيرَ مَن يحمل الرد والجواب الوافي، إن كان هناك من يفهم هذه اللغة.

الرياض فهمت الرسالة وحاولت التخفيفَ من وطأتها بالصمت وتجاهُلِ ما جرى لواحدة من أهم ركائز اقتصادها؛ خوفاً من انعكاس ذلك على جمهورها الذي بدأ يشعر بأن الحرب على اليمن ارتدت فعلاً عليه، وأنه لا توجد أية حماية، وأن ثروات البلاد كلها قد تبددت، ومِن أجل ماذا؟ ولصالح مَن؟

ويبدو أنها فكّرت طويلاً أثناء الصمت السلبي، في كيفية إخراج القصة للجمهور السعودي أولاً، وللمجتمع الدولي، أَو بالأصح بدلاً عن الحديث عن التصدي للصاروخ، كما هي عادتهم؛ للتقليل من أهميّة الضربات ونوعيتها، ذهبت للتفكير بالاستثمار فيها، لتنتجَ في ساعات متأخرة مساءَ أمس بياناً من وزارة الطاقة يؤكّـد أن الانفجار حصل؛ بسَببِ ما سماه (مقذوف) تمهيداً لبيان آخر لما يسمى القيادة المشتركة للتحالف، والذي بدوره يوحي بأن تأخير الإعلان هو ناتجٌ عن التحقيق في أسباب الانفجار، بعبارة: (فَـإنَّه ثبت تورط المليشيا الحوثية…)، لكنه أقر بالاستهداف ووصول الصاروخ إلى هدفه وتجاوزه للدفاعات الجوية وتفجير المحطة واشتعال النار فيها.

الاستثمارُ الذي تفتقت عنه العقولُ الخاوية لآل سعود، كان في الحديث عن أن الاستهدافِ ليس للسعودية وإنما (تستهدفُ أمن واستقرار إمدَادات الطاقة للعالم، وكذلك الاقتصاد العالمي) ومن جهة أُخرى بالاستدلال بالضربة على استهداف المدنيين، والأعيان المدنية، وما سماها مخالفةَ القوانين الدولية والإنسانية، ومحاولة استعطاف المجتمع الدولي، الذي استجاب هو الآخر بسلسلة من بيانات التنديد والإدانة للضربة، وكأن السعوديةَ توزع الورود على الشعب اليمني طوال ست سنوات.

لم يعد اليمنيون يعيرون اهتماماً لتلك البيانات إلَّا بالقدر الذي يكشف عجزَ السعودية ومن يقف خلفها طوال ست سنوات، وبما يثبت تعاظم واطّراد القدرات اليمنية بفضل الله وتمكّنها من إيذاء السعودية، بحيث تبقى بياناتُ استرضاء الرياض هي الثمنَ الوحيد الذي تجنيه والحماية الوحيدة التي تستحقها.

لنفترض أن بياناتِ التنديد مثّلت نجاحًا ومردودًا سريعًا للدعاية السعودية، لكن ماذا عن الجمهور السعودي، أين الإجَابَةُ عن تساؤلاته؟ كيف يفهم خيبات النظام وعجزه؟ كيف يبلع فكرةَ الإنفاق العسكري الأضخم في العالم، وهو يرى وسائل الإعلام السعودية بعد صدور بيان وزارة الطاقة وهي تطالبُ العالم بحمايتها، بل بحماية إمدَادات الطاقة العالمية؟

هذه وغيرها من الأسئلة التي رأينا بعضَها بالأمس على وسائل التواصل في المملكة تقول الكثير عن انتهاءِ الثقة الشعبيّة بالقيادة لتوفير الأمن، بعد أن سلبتهم أموالهم من جيوبهم بالضرائب والفواتير.