الخبر وما وراء الخبر

رسمياً وشعبياً .. اليمن تحتفي بالأسرى المحررين

30

تمت بحمد الله المرحلة الأولى من عملية تبادل الأسرى، ولن تكتمل الفرحة إلَّا بحرية كافة الأسرى والمعتقلين في سجون العدو ومرتزقته، فقد وصل الأسرى المحررين وهم أحراراً وكراماً، واحتفى بهم شعبٌ حرٌ كريمٌ يأبى الظيم والخضوع والذلة.

“لك الحمد يا الله من أي نصر إلهي نبدأ الحمد”، إن البهجة التي ملأت الأجواء خلال يومي الخميس والجمعة الماضيان لاستقبال الأسرى لا تزال بهجة صغيرة انتظاراً لبهجة النصر الكبيرة، وبعونٍ وتأييد من الله عز وجل فنحن على موعد قريب مع النصر الأكبر إن شاء الله تعالى، وتحرير جميع الأسرى من خلف القضبان.

ويمكن القول إن عمليات إطلاق جميع الأسرى هي معركة ليست باليسيرة والسهلة، فهي بحاجةٍ إلى مزيد من الصبر والصمود، وتظافر الجهود على كافة المستويات، العسكرية، والسياسية، والشعبية، فلا يبدو نهائياً على ذلك العدو المتغطرس أن تتحرك فيه مشاعر الإنسانية فجأة، وأن يتعاطى مع هكذا ملف إنساني بحت من زاوية إنسانية، بدون متاجرة واستغلال، وتحقيق منافع وابتزازات، بل إن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد فقط من دون أن يستمر ذلك العدو في توحشه وإجرامه من خلال إعدام بعض الأسرى وتعذيبهم حتى الموت، وازهاق أرواحهم، في عدة جرائم طالت الأسرى، ناهيك عن ممارسة كافة أساليب التعذيب الوحشي بحق الأسرى الذين ما يزالون على قيد الحياة.

التعامل الاجرامي والوحشي مع الأسرى:
‏ لقد تعرض الأسرى والمعتقلين من أبطال الجيش واللجان الشعبية لشتى انواع التعذيب الوحشي حتى استشهد العديد منهم من جراء ذلك التعذيب الوحشي، إذ تشير مجريات الأحداث والوقائع إلى أن هناك حالات إعدام للأسرى حصلت في سجون المعتدين ومرتزقتهم، وحالات تعذيب حتى الوفاة، وأيضاً هناك حالات تعذيب وحشية، نفسية وجسدية، لا يمكن أن توصف، ولا حدود لبشاعتها تعرض لها أسرى الجيش واللجان في سجون العدوان ومرتزقته ستخرج الى العلن وسيرويها بعض الأسرى المحررين بالتفصيل، ويسمعها العالم على لسان الأسرى أنفسهم؛ ليعرف الجميع مدى حقارة واجرام وطغيان دول العدوان ومرتزقتها، وهنا يجب التأكيد أن ذلك لا يأتي في إطار الاستغلال الإعلامي، ونشر الأكاذيب كما يفعل العدو، بل كشفاً للحقائق التي تؤكد أن قوى العدوان السعودي الامريكي الاماراتي ومرتزقتهم قد انسلخوا عن كل القيم الدينية والانسانية والقوانين الدولية، وأن هؤلاء ليسوا سوى عار على الانسانية.

من يقدم النموذج القرآني في التعامل مع الاسرى ؟
كما عهدناهم دوماً، وفي انتهاك صارخ للشريعة الإسلامية السمحاء، وكل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، ما تزال قوى العدوان ومرتزقتهم يمارسون أبشع أساليب التعذيب الوحشية بحق الأسرى من الجيش واللجان الشعبية، فمن يتابع مجريات ما يتعرض له الأسرى، سواءً أسرى الجيش واللجان الشعبية، أو أسرى قوى العدوان ومرتزقتهم، يدرك الفرق الشاسع في معاملة كل طرف للأسرى، فبين “إذبحوه” وبين “أبشر بعزك أنت في وجيهنا… الله المستعان أنت بين أخوتك”، يتضح بجلاء طريقة وأسلوب تعامل كل طرف مع الأسرى.

وفي هذا الصدد، فقد شاهد الأغلبية منا بعض مشاهد “الفيديو” التي انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي سابقاً عن طريقة تعامل مرتزقة ومنافقو العدوان مع أسرى الجيش واللجان الشعبية، والتي تجاوزت حدود الإنسانية، إذ بينت بعض المشاهد قيامهم بكل وحشية بإعدام بعض أسرى للجيش واللجان الشعبية وصراخ المنافقين بالقول: “أذبحوه، ذبح ذبح”، حيث تم التمثيل بهم بالسكاكين وإطلاق وابل من الرصاص عليهم وهم في حالة أسر وعُزّل من السلاح، وبمقابل ذلك التعامل الوحشي، أظهرت بعض المشاهد طريقة معاملة الجيش واللجان الشعبية مع أسير كان يردد “أنا في وجيهكم”، فردوا عليه بعبارات أخوية صادقة وسط ترحيب به وتطمين له: “أبشر بعزك، أنت في وجيهنا، الله المستعان، أنت بين أخوتك”، فشتأن بين هذا وذاك، ناهيك عن المشاهدة الكثيرة التي تؤكد الطرق والأساليب الوحشية التعامل مع الأسرى وهي موقف سيسجلها التاريخ تحكي بدون شك أو ريب، معاملة كلاً من المنافقين والجيش واللجان للأسرى، والله المستعان.

وفي الوقت الذي تتفنن فيه قوى العدوان ومرتزقتهم بممارسة أبشع أساليب التعذيب الوحشي بحق الأسرى والقيام بقتلهم بصورة وحشية، فإن الجيش واللجان الشعبية يقدمون نموذجاً راقياً في التعامل مع الأسرى، إذ أن التعامل الإنساني والراقي للأسرى وإكرامهم والاحسان إليهم جاء من منطلق الأخلاق القرآنية والقيم السامية التي تربى عليها أبطال الجيش واللجان الشعبية.

ولا يصل الأمر إلى هنا فقط، فقد تجلت الأخلاق السامية للقيادة الحكيمة وأبطال الجيش واللجان الشعبية في التعامل الراقي مع الأسرى من خلال الإعلان عن مبادرات عفو إنسانية يطلقها قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، تمثلت في إطلاق بعض الأسرى لوجه الله تعالى، وتقديراً لحالتهم الإنسانية والمرضية السيئة، بعد تدهور حالتهم الصحية، في ظل عدم استجابة قوى العدوان لندائهم بالإسراع لإطلاق صراحهم في عملية تبادل للأسرى.

إلى ذلك، وفي خطوة مفاجئة للعدو قبل الصديق، فقد قدم الوفد الوطني المشارك في مشاورات السويد النموذج الحقيقي للأخلاق السامية في الحروب والعفو والتسامح حينما أدرج من ضمن مطالبه لإتمام اتفاق تبادل الأسرى، الافراج عن جميع الأسرى التابعين لحزب الإصلاح وأبناء الجنوب القابعين بالسجون الإماراتية، والذين يتعرضون لأبشع أنوع التعذيب والاذلال والمهانة، ولا غرابة في ذلك لاسيما وأن المشروع الذي تحمله القيادة الثورية هو مشروع تحرري حاضن لكل الأطياف والانتماءات المختلفة.

استقبال رسمي وشعبي مهيب :
وسط حفاوة رسمية وشعبية واسعة لا نظير لها، ومشاعر الفخر والاعتزاز بالأبطال الأحرار، حظي الأسرى المحررين باستقبال العظماء والابطال على عكس أسرى قوى العدوان ومرتزقتهم الذين لم يحظوا بأي استقبال في مطار سيئون، حيث شهد مطار صنعاء الدولي ومنذ ساعات الصباح الأولى، حضوراً رسمياً وشعبياً كبيراً للمشاركة في مراسم استقبال الأسرى المحررين، إذ تقدمت قيادات الدولة المدنية والعسكرية جموع المستقبلين للأسرى المحررين في مطار صنعاء، وفُرش السجاد الأحمر وعزفت الفرق الموسيقية في استقبال الأسرى الأبطال، كما تم نثر الفل على رؤوسهم، وسط هتافات الحرية .

لقد عكس هذا الاستقبال المكانة الكبيرة التي يحظى بها الأسرى الأبطال المجاهدون في نفوس أبناء الشعب اليمني وقيادته ، والتقدير العظيم لتضحياتهم في الدفاع عن الدين والوطن، وحريته اليمن واستقلاله.

وعلى نطاقٍ واسعٍ، تداول وتناول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي الفرق الواضح في الاهتمام واستقبال بالأسرى في صنعاء، مقابل الاهمال الكبير واللامبالة لأسرى المرتزقة في سيئون، وهو ما يعتبر انعكاس واضح لحجم الإهانة الكبير للمرتزقة الذين زجَّوا بهم في حرب ضد أبناء وطنهم، كما يبين أن الاهتمامات التي تطغى على عناصر حكومة الارتزاق تتمثل فقط في جني الاموال والأرباح على حساب أبناء الوطن وكرامتهم.
ورغم التعنت الكبير من قوى العدوان في مجال تبادل الأسرى فإن إنجاز ونجاح المرحلة الأولى من تبادل الأسرى مع قوى العدوان يأتي نتيجة اهتمام وتحرك كبير جداً من قائد الثورة السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي، حيث تولي القيادة الثورية أهمية كبرى لملف الأسرى باعتباره ملف إنساني ولكونه قبل ذلك مسؤولية دينية وأخلاقية.