محمد بن عبدالله قبل أن يبعثه الله رسولاً
ذمار نيوز || مقالات ||
[ 14 اكتوبر2020مـ -27 صفر 1442هـ ]
بقلم / عدنان الكبسي (أبو محمد)
المحيط الذي بُعث فيه رسول الله محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) كان محيطاً سيئاً، بيئة خصبة للضلال والفساد، ساحة مُلئت بالخرافات والإنحراف، مجتمع غارق في وحل الجهل ومستنقعات الرذيلة، وصل الحال بذلك المجتمع إلى أن يعبد آلهة صنعها بيده، ويقدس تماثيل يظلوا لها عاكفين، يطلبون الخير منها ويحذرون الشر إذا أغضبوها.
بالرغم أن ذلك العالم مليئ بالرذائل والفواحش والانحطاط والدناءة إلا أن هناك نور صدع من وسط ظلمات الجهل، وولد الهدى ليقضي على الضلال.
ولقد كان رسول الله محمد بن عبد الله قبل أن يبعثه الله رسولاً نموذجاً راقياً وشخصية يُشار إليها بالبنان في صدقه وأمانته ونزاهته وطهارته، لم يعبد الأصنام ولم ينخرط في الفواحش ولم يضل في عتمة الظلمات.
رسول الله محمد في طفولته لم يدخل في ترهة الصبيان ولم يسقط في شبابه في صبا المراهقة، ولم يكن من رواد نوادي وملتقيات الشباب، ولكنه كان حاضراً في مجتمعه يشاركهم آلامهم وآمالهم، مبادراً إلى ما فيه مصلحة الآخرين، ساعياً في الإصلاح بين الناس، كما ذُكر عنه عند اختلاف القبائل في قريش عند رفع الحجر الأسود، فحكم محمد بن عبدالله بينهم فيما فيه الإصلاح بينهم.
شهد محمد بن عبدالله (صلوات الله عليه وعلى آله) مواقف وتحالفات فيها نصرة المظلوم وإغاثة الملهوف، استشعاراً منه بمسؤوليته أمام المستضعفين من الناس.
يذهب الناس إلى عبادة الأصنام ويتوجه رسول الله محمد إلى الغار ليتعبد الله هناك، إذ كان وأسرته على ملة أبينا إبراهيم (عليه السلام).
لم يكن محمد بن عبدالله النادر في الأوساط البشرية بل كان الوحيد في زكاء نفسه وطهارة قلبه وسعة صدره وصلاح عمله فصار خير خلق الله وأفضل الأنبياء والمرسلين.
وهكذا يكون الإصطفاء الإلٰهي للأنبياء والرسل وأعلام الهدى، فهم صفوة الصفوة والأرقى في مجتمعاتهم ((اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)).
لم يكن الله ليصطفي إنساناً غرق في الشهوات حتى وإن تاب إلى الله توبة نصوحاً، ولم يكن الله ليختار نبياً أو رسولاً أو ولياً ممن ضل عن سواء السبيل حتى وإن اهتدى، بل أن يحوط بعنايته رسله وأنبياءه وأولياءه ليكونوا بمستوى قيادة الأمة، فتولى الله رعايتهم منذ طفولتهم.
ولذلك لم يحتاج رسول الله محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) لعلمية جراحية لتنظيف قلبه من رجس الشيطان، ولم تقم الملائكة بشق صدره (صلوات الله عليه وعلى آله) بل شرح الله صدره فجعله زاكياً طاهراً، فلم يحتاج إلى أكاذيب وأقاويل من هذه التي تُسيء إلى رسول الله وكأنه كان رجساً لولا تطهير الملائكة لقلبه بل كان طاهراً من أصله لم يُدنس بدنس الجاهلية