هشاشة!
بقلم /د. أشرف الكبسي
كما يؤدي تناوُلُ المشروبات الغازية لهشاشة العظام، يتسبب (الغازي) في هشاشة الكينونة والفكر قبل الحديث عن أي غزو.
فرّق تسُد.. هكذا يقول المحتلُّ بوقاحة غازية، بينما يشُقُّ طريقَـهُ بينَ بلاهة الجموع المتفرقة، وهكذا يسود!
لهزيمة جموع هشة، فكرياً ووطنياً، لا يتطلب الأمر قنابل ذكية.. تكفي إشاعة وأحمق، وما أكثرهما في زمن العوالم والعولمة!.
لينتصر على الهند، كان المستعمر البريطاني يكتفي بإلقاء بقرة بين المسلمين والسيخ، حتى يبكي غاندي.. وعندما تريد إسرائيل ابتلاع فلسطين تكتفي بإلقاء ثور في رام الله وجامعة أمريكية بين العرب.. وها قد جاء العربان، يحملون هشاشتهم، لغزو الـيَـمَـن، فألقوا بين الـيَـمَـنيين موزةً وسجادةً فارسية وبرميل نفط هشاً!
يحدثنا التَّأريخ كثيراً عن (ملقيات) لؤم المحتل ومكامن الهشاشة في عظام وفكر الشعوب، وقبلَ النوم يقص علينا القصص والعبر، فيغفو التَّأريخ ونتقاتل نحن، بينما يغمغم البعض: شكراً شيطان!
إن لم نكن شمال وجنوب، سيجعلوننا شرق وغرب، وإن لم نكن زيود وشوافع، سيجعلوننا أحناف وحنابلة، ولو لم نكن قحطان وعدنان، لجعلونا صقالبة وتركمان.. لن يُعدموا الوسيلة للبحث في فروقنا وتنوُّعنا مهما توحدنا، سيحدثوننا عن تباين ألقابنا وتمايز ألواننا، وتباعُد مذاهبنا، وتنافر أنوفنا وثقافاتنا، لشيطَنة أجزائنا في أعيننا وتقطيع أوصالنا بأيدينا.. وليرقص الأوغادُ بعدها على ركام هشاشتنا!
وبالحديث عن الهشاشة.. ألا نمتلكُ الصلابة الكافية لمواجَهة العُـدْوَان وتصويب أخطائنا في آن؟!
ما بالُ البعض يمتعضُ لمجرد التلميح بالخطاء، وكأننا نسرقُ حياتنا؟!
أنا أخطئ، فهل ترونكم ملائكةً؟
ألا تدركون أن النقدَ الموضوعي وتصويبَ الاعوجاجِ الذاتي يزيدُ جبهتنا الداخلية قوةً وصموداً بوجه العُـدْوَان الخارجي؟!
دعونا ندفن شهدائنا في قلوبنا ونزج بلصوصنا في السجون، ونصرخ بأعلى صوت: لن نخضع لمحتلٍّ ولن نداهن فاسداً أَوْ مختلاً!
دعونا نحيا أحراراً، وبلا هشاشة، لنصفِ ساعة أخيرة!