الخبر وما وراء الخبر

دلالات من خطاب قائد الثورة في الذكرى السادسة للثورة (1)

17

منذ انطلاقها ونجاحها، أصبحت ثورة الـ 21 من سبتمبر 2014م، محط اعجاب ودهشة المحللين والسياسيين والخبراء والكتاب والصحفيين من مختلف انحاء العالم، الذين ينتظرون في كل يوم يصادف الـ 21 من سبتمبر لخطابات قائد الثورة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، الذي يقدم بكل براعة التشخيص الدقيق لثورة الـ 21 من سبتمبر 2014م، منذ انطلاق شرارتها الأولى وحتى اليوم، ويشرح أسبابها وأهدافها ومشروعها، ويبين ويفند أساليب الأعداء في سبيل اخمادها والقضاء عليها، ويرسم الخطوط العريضة لاستمرار هذه الثورة وكيفية مواجهة محاولات القضاء عليها من خلال شرح تفصيلي لسيرة وتاريخ هذه الثورة بالأدلة والشواهد والبراهين والمقارنات… وإلى التفاصيل:

الثناء والشكر لله سبحانه وتعالى:

استهل قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي خطابه بمناسبة الذكرى السادسة لثورة الـ 21 من سبتمبر 2020 -1442هـ، بالثناء والشكر لله سبحانه وتعالى، الذي له الفضل والمنَّة أولاً وآخراً فيما تحقق آنذاك، وبعد ذلك من إنجازاتٍ كبيرة على يد هذا الشعب المبارك في هذه الثورة المباركة، وتوجه بالتبريك والتهاني إلى الشعب اليمني العزيز بهذه المناسبة، وما يحققه أبطال الجيش واللجان الشعبية بتوفيقٍ وعون من الله، من انجازاتٍ كبيرة على كل المستويات، في جبهات العزة والكرامة، وكل المجالات وغيرها.

لماذا ثورة الـ 21 من سبتمبر؟.

بعد أن وصل الحال باليمن لوضعٍ لا يطاق ولا يحتمل، وضاق معه حال المواطنين اليمنيين المغلوبين على أمرهم، وما صاحب ذلك من تدهور أمني غير مسبوق، وانتشار الاغتيالات والتفجيرات المفخخة، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، وتفشي الفساد المالي والإداري، واستنزاف ونهب ثروات اليمن، التي أصبحت بيد شلة من الاقطاعيين الانتهازيين، ناهيك عن الوصاية الأجنبية على القرار السيادي لليمن، إذ أصبح القرار السيادي بيد القابعين بالسفارات الأجنبية، وأصبحت السفارات هي من تتحكم بالقرار السيادي والسياسي والاقتصادي لليمن، هنا كان لابد من ثورة شعبية عارمة لانتشال البلاد من الوضع الذي وصلت اليه، فجاءت ثورة الـ21 من سبتمبر 2014م، لتحدث تغييرا شاملاً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى لا ينحصر على الواقع اليمني فحسب، وإنما على مستوى الوطن العربي والإسلامي كافة.

وفي هذا السياق، أشار قائد الثورة “أن هذه المناسبة هي محطةٌ مهمةٌ جدًّا؛ لأنها مناسبةٌ عن الثورة الشعبية التي أصبحت هي الآن محطةً انطلق من خلالها الشعب للخروج من الماضي المظلم والسيء والكارثي، الذي كان قد وصل إليه الوضع في البلد، وأيضاً لبناء المستقبل على أساسٍ من المبادئ والقيم التي ينتمي إليها هذا الشعب، ولتحقيق الأهداف والطموحات والآمال المهمة“.

الحرية والاستقلال أول الإنجازات:

يؤكد قائد الثورة السيد عبد الملك أن “الحرية والاستقلال هي أول الإنجازات وأكبر المميزات لهذه الثورة الشعبية، وأكبر الأهداف أيضاً لهذه الثورة الشعبية؛ لأهمية هذه المسألة على مستوى شعوب الأرض بشكلٍ عام، يبرز هدف الحرية والاستقلال؛ باعتباره الهدف الأول لأي شعب، لأي بلد؛ لأنه بدون حريةٍ واستقلال، معناه: أن يعيش الشعب في حالةٍ من الاستعمار، والخنوع، والاستعباد، والإذلال، والقهر، معناه: مصادرة القرار، معناه: مصادرة المستقبل، فشعبٌ لا حرية له ولا استقلال له يعني لا كرامة له ولا مستقبل له“.

دوافع غير مشروعة للتركيز على اليمن:

يبين ويؤكد قائد الثورة أن الأمريكيين وضعوا أنظارهم على هذا البلد، حاله حال بقية بلدان وشعوب أمتنا الإسلامية، من واقع وبدافع عدائي واستعماري، وطمع، ويبين أن هناك دوافع كثيرة غير مشروعة تدفعهم للتركيز على اليمن، في مقدمة هذه الدوافع: الموقع الاستراتيجي الجغرافي لليمن، والثروة الوطنية الهائلة، التي لا زالت موجودةً في باطن الأرض وفي ظاهرها ولم تستثمر بعد، وكذلك التركيز على الإنسان اليمني فيما يمثله من أهمية؛ لأنهم يعرفون أنَّ هذا الشعب إذا كان في وضعيةٍ متحررة، فهو شعبٌ يملك المؤهلات لأن يكون له دور إيجابي وكبير بحساب هويته الإيمانية، ودوره التاريخي على مستوى واقع الأمة ككل، وأن يكون عضواً في الأمة الإسلامية فاعلاً ومميزاً، وذا دورٍ مهم، فهم يحسبون كل هذه الحسابات.

واقع تهيمن عليه أمريكا:

كان اليمن يعيش في ظل واقع تهيمن عليه أمريكا بشكل شامل في كل المجالات سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وغير ذلك من خلال السفير الأمريكي الذي كان الحاكم الفعلي لليمن، إذ يبين قائد الثورة ويؤكد أن الأمريكيين اتجهوا للتدخل في كل شؤون هذا البلد بشكل كبير، حيث تدخلوا في كل المجالات، وعلى كافة المستويات السياسية، والاقتصادية، والفكرية، والثقافية، والتعليمية، مشيراً إلى أن تدخلاتهم في الملف الاقتصادي كانت تدخلات خطيرة، وأن السفير الأمريكي آنذاك أصبح يتدخل على المستوى الرسمي في كل المؤسسات والوزرات، ويتدخل في القضاء، ويلتقي بالجانب القضائي،

وأنه يتدخل بفرض سياسات وإملاءات وتوجهات، وكذلك يتدخل في المؤسسة العسكرية، ويلتقي بالضباط والقادة العسكريين، ويعمل على صياغة برنامج معين ينسجم بالتأكيد مع السياسات الأمريكية، ويحقق الأهداف الأمريكية، وأيضاً على مستوى الأجهزة الأمنية، ثم على مستوى المجال السياسي مع السلطة والأحزاب.

الاختراق للحالة الشعبية:

بعد إن فتح السفير الأمريكي آنذاك برنامجاً في كل مجالات وشؤون الشعب اليمني، من خلال النوافذ الرسمية في كل مؤسسات الدولة ووزاراتها، ولم يصل الأمر إلى هنا فحسب بل أكثر من ذلك، حيث يؤكد قائد الثورة ان السفير الأمريكي اتجه أيضاً إلى الاختراق للحالة الشعبية، وبدأ بتنسيق علاقات مباشرة مع بعض الشخصيات الاجتماعية، والمشائخ، والوجاهات الاجتماعية، وحاول أن يعزز له ارتباطات مع بعض المناطق، وأنه اتجه أيضاً إلى وجهة أخرى هي المجتمع المدني؛ ليتغلغل من هذه النافذة، ليؤكد قائد الثورة على العموم بالقول أنه لم يبق السفير الأمريكي آنذاك في صنعاء نافذة من النوافذ التي يتسلل من خلالها للتدخل في كل شؤون هذا الشعب إلا وتسلل منها ودخل منها، ويقدم الشواهد على المستوى الإعلامي والقنوات الفضائية التي تعزز ذلك بأن السفير الأمريكي أصبح يتدخل في كل شؤون اليمن بما يخدم السياسات الأمريكية الاستعمارية العدائية، وأن تدخله لم يكن إيجابياً، وليس لمصلحة الشعب اليمني.

لولا الثورة لكان التطبيع:

مثلت ثورة الـ 21 من سبتمبر فاصل منيع بين الحرية والاستقلال، والهيمنة والوصاية، ولولا ثورة الـ 21 من سبتمبر لكان اليمن قد سبق الإمارات والبحرين في التطبيع مع كيان العدو الصهيوني، وفي هذا الصدد، يبين قائد الثورة أنه “على المستوى الخارجي كذلك، فيما يتعلق بسياسة هذا البلد تجاه قضايا الأمة، وتجاه الأحداث الإقليمية والدولية، في نفس الوقت يُتَّجَه بالسلطة آنذاك في تبني سياسات خاطئة ومنحرفة ضمن المسار الذي يحدده الأمريكي، فضعف الاهتمام بالقضية الفلسطينية شيئاً فشيئاً، وتراجع المواقف الرسمي شيئاً فشيئاً، وكان مسار التراجع مستمراً، وواضح حتى في بعض المكونات والأحزاب والقوى المعروفة آنذاك التي كانت تظهر تفاعلها مع الشعب الفلسطيني، فبات التراجع واضحاً في سياساتها ومواقفها، ووصل الأمر إلى مراحل خطيرة جدًّا، يعني: أصبح هناك تنسيق سري مع الإسرائيليين؛ للتمهيد لإقامة علاقات تتصاعد، وتتجه نحو المزيد والمزيد من تعزيز هذه العلاقة، وتقوية هذه العلاقة“.

وأعلن قائد الثورة بكشف المسار المنحرف الخطير، الذي بدأت السلطة تسير فيه آنذاك للتطبيع مع إسرائيل، والعلاقة مع إسرائيل، ويشير إلى أنه أتى آنذاك مسؤولون اسرائيليون في مراحل معينة إلى صنعاء بطريقة سرية، وكانت لهم لقاءات، واتفاقيات، وترتيبات لتعزيز هذه الحالة في المستقبل وفق مسار مرسوم، مبيناً أن هذا شيء طبيعي في ظل الخضوع لأمريكا، ولكنه غير طبيعي بالنسبة للشعب في هويته الإيمانية، وموقفه المسؤول، الإنساني والمبدئي في العداء للعدو الإسرائيلي.

إذ يقف جماهير الشعب اليمني بقيادة قائد الثورة السيد عبد الملك حصناً منيعاً ضد أهداف ومخططات المستعمرين، وانتشلوا اليمن من وحل السقوط ونقلوه من حافة الانهيار إلى بناء اليمن القوي في لحظة أوشك اليمن فيها على السقوط في الهاوية، حيث قامت ثورة الحرية والاستقلال لتعيد اليمن الى موقع العزة والكرامة وتحصنه من الضياع والهلاك.