الخبر وما وراء الخبر

 .عاشورء ..موقف الإباء..ووجوب الإقتداء

41

ذمار نيوز || مقالات ||
[29 اغسطس 2020مـ -10محرم 1442هـ ]

بقلم || عبدالملك المساوى

من نقف اليوم في ذكرى شهادته ليس شخصا عاديا أوشخصية عابرة مرت يوما بحدث ما ساقته رواية ضمن فصل درامي من فصول التاريخ؛ لكنه الإمام الحسين بن علي إبن أبي طالب عليهما السلام؛ الحسين بن فاطمة بنت رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله ) الحسين الذي قال عنه رسول الله: ” حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينًا ” وعندما يقول النبي صلوات الله عليه وآله هذا القول، فهو لا يعني فقط في النسب ؛ بل كل قول وعمل يصدر منه هو قول وعمل يصدر من رسول الله إذيختم النبي بقوله :” أحب الله من أحب حسينا “فالله يحب كل من اقتدى بالحسين في قوله وعمله .

لذلك نقف عند هذا الحدث مدركين منذ البداية أن الحروف والأسطر لا تسع للحديث عن عقيدة وفكر التغيير لدى الإمام الحسين (عليه السلام) الذي ليس له مثل، لأنه فكر رجل أحبه الله ورسوله وورث العلم من أبيه الذي كان أعلم الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله.

إن الإمام الحسين بن علي عليهما السلام في موقفه وفي ثورته، حينما تحرك كان كما قال عليه السلام: (إني لم أخرج أشِرا ولا بَطِرا ولا متكبرا ولا ظالما، إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر)؛يقول السيد عبد الملك الحوثي يحفظه الله في هذا الشأن: إن الإمام الحسين عليه السلام من موقعه العظيم، وفي دوره المهم في هذه الأمة، حدد الموقف المسؤول التاريخي الذي يبقى منارا للأمة في كل مراحل التاريخ.

الإمام الحسين عليه السلام لم يكن مجرد ثائر عادي، له مطالب محدودة، تحرك من أجلها في الساحة وله اعتبارات حقوقية ومطالب حقوقية معينة تحرك من أجلها،
الإمام الحسين عليه السلام حدد الموقف المسؤول بكل ما تعنيه الكلمة، موقف ليس متهورا، وليس عبثيا وليس انتحاريا، فهو موقف مسؤول، مسؤول بكل ما تعنيه الكلمة، فرضه الله سبحانه وتعالى، ويحدده الإسلام، ثم هو أيضا موقف واعي، هو نتاج لوعي حقيقي بحتمية ذلك الموقف، ووعي بالبدائل التي يمكن أن تحدث لو لم يُتخذ ذلك الموقف، وهي بدائل فظيعة جدا، الإمام الحسين عليه السلام حدد الموقف وحدد الخيار وقدم هو فعليا، قدم الدرس وتحمل المسؤولية، ولم يكن فقط مجرد مفتٍ أصدر فتوى وأطلقها، بل كان هو في طليعة هذا الموقف، متحملا للمسؤولية بكل ما تعنيه الكلمة، هو متحرك بنفسه، وقدم هو بنفسه أعظم درس للأمة، الإمام الحسين عليه السلام حدد لنا في كل مراحل التاريخ الموقف الشرعي، والموقف المسؤول؛الموقف الذي ينسجم مع الفطرة الإلاهية والقيم والمبادئ والمثل العليا والإخلاق ومع كل معاني الخير في هذا الوجود الواسع.

ويؤكد السيد عبد الملك على دور الأمة في تبني موقف التغيير والوقوف في وجه الظلم والطغيان أسوة بالإمام الحسين عليه السلام فيقول: أن نتبنى موقف التغيير والموقف المناهض لهيمنة هذا النوع، وهذا النموذج من الطغيان والتسلط، السلطان الجائر الظالم الذي لا يلتزم بالعدل ولا يريد الحق، والذي ينزو عن الأمة برغباته وأهوائه ويتحكم في رقاب الأمة، ليس لديه أي انضباط لا بمبادئ هذه الأمة في قيمها وإسلامها، ولا في أخلاقها ولا في شريعتها ولا في حرامها ولا في حلالها، يتحرك وفق مزاجه وأهوائه ورغباته وأطماعه، يمارس الظلم والجبروت ولا يكترث لأي شيء، ولا يبالي بأي شيء.

هذه النماذج التي نراها في عصرنا هذا ماثلة أمامنا في كثير من الحكام في منطقتنا العربية وعالمنا الإسلامي، هذا النوع من الجائرين المتسلطين العاملين في عباد الله بالإثم والعدوان، وبكل بساطة، وليس عندهم أي تقيد ولا احترام لحرم الله، يستبيحون سفك الدماء، حتى الأطفال والنساء يقتلونهم بغير حساب، وبدون أي اكتراث ولا مبالة، يتسلطون على الأمة من أجل تعزيز نفوذهم وسلطتهم ويتحكمون في رقاب الأمة وفق رغباتهم، كل حساباتهم وكل رغباتهم تعتمد على أهوائهم فيما يرون فيه إما تعزيزا لسلطتهم وهيمنتهم وإما حفاظا على كراسي سلطتهم، ليس عندهم أي اعتبارات ولا اكتراث، لا بمبادئ ولا بقيم ولا بأخلاق ولا بشرع ولا بحرام ولا بحلال ولا بأي شيء من هذا، هذا النوع من الجائرين، يجب على الأمة كمسؤولية دينية، وليس مجرد مطالب عادية يمكن أن تتبناها جماهير الأمة كحالة سياسية اعتيادية قابلة للأخذ والرد والتنازل والتكاسل عن الإصرار عن الوصول إلى تحقيقها، لا، بل هي مبدأ إسلامي وطريقة دينية أهميتها لهذه الدرجة، أن من لا يتحمل هذه المسؤولية ولا يتحرك ضمن هذه المسؤولية فإن موقفه عند الله كما قال رسول الله وعبر عنه في هذا النص محسوب لصالح أولئك الجائرين، محسوب لصالح أولئك المستكبرين وبالتالي مصيره مصيرهم، ولهذا قال: (فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله أن يُدخله مدخله).

إن من لا يريد أن يقتدي ويتعلم من مدرسة الحسين (ع) كل معاني العزة والكرامة عبر الأزمان لتشتعل آلاف الثورات، ثورة تلو أخرى وسنظل نردد ونقول قاله الحسين وهو يواجه فارق العدد والعدة الهائلين في مواجهة الكفر والإجرام والعدوان : “ألا وإن الدعي أبن الدعي قد ركز بين أثنتين؛ بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة، يأبي الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت وطهرت، واُنوف حميّة، ونفوس أبيّة، من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام”. سلام الله على أبي عبالله الحسين وعلى تلك الأرواح الطاهرة التي حلت بفناءه … وستضل صرخته المدوية صادحة في أرجاء الكون الواسع
هيهات..منا..الذلة