الخبر وما وراء الخبر

 هل ينتظر «الإسرائيليون» ضربة يمنية

67

ذمار نيوز || تحقيقات ||
[26 اغسطس 2020مـ -7محرم 1442هـ ]

تحليل || أحمد رفعت يوسف*

هذا السؤال لم يكن يخطر ببال أحد إلى ما قبل وقت غير بعيد، وكان ضرباً من المستحيلات عند بداية العدوان الصهيوسعودي على اليمن، لكنه اليوم بات سؤالاً مشروعاً في ضوء التطورات التي شهدها الوضع في اليمن، وتحديداً بعد فشل العدوان الصهيوسعودي في تحقيق أهدافه، وبعد تحول موازين القوى والقوة لصالح الشعب اليمني وانكشاف الأدوار في العدوان على اليمن، وخصوصاً دور الكيان الصهيوني الذي لم يعد سراً.

إثارة هذا الموضوع تمت لأول مرة عندما حذر السيد عبدالملك الحوثي من الدور “الإسرائيلي” في العدوان على اليمن، وأعلن عن وجود بنك للأهداف في الكيان الصهيوني يمكن أن يتم استهدافها.

ربما تعامل البعض بداية مع إعلان السيد الحوثي بشكل غير جدي، لكن عندما تمكن الجيش اليمني من توجيه عدة ضربات موجعة للعدو السعودي، وبخاصة منشآت أرامكو، وعدد من المنشآت العسكرية والاستراتيجية السعودية، أجبر “الإسرائيليون” وحلف العدوان على طرح الموضوع بشكل جدي، وبدأت وسائل الإعلام “الإسرائيلية” تطرح التساؤلات عن إمكانية توجيه مثل هذه الضربات لأهداف إسرائيلية.

المحلل في المركز اليروشالمي للدراسات يوني بن مناحم، قال إن “الحوثيين” في اليمن، أعلنوا لأول مرة، أن لديهم بنك أهداف يشمل تل أبيب، وحتى أكثر من ذلك.. وأضاف أن تحديد هذا البنك من الأهداف يجب أن يكون مصدرا للقلق في “إسرائيل”، وحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وتحديدا السعودية والإمارات.

ونقل بن مناحم عن مصادر سياسية “إسرائيلية” قولها، إن التقديرات “الإسرائيلية” تشير الى وجود صواريخ “إيرانية” دقيقة في اليمن، يمكن أن تستخدم لمهاجمة “إسرائيل” من عدة جبهات، بما فيها اليمن. وأقرب نقطة “إسرائيلية” لليمن هي مدينة إيلات.

وكما هو متوقع فقد ربط المحلل الصهيوني بين هذا التطور الاستراتيجي والدور الإيراني في مساعدة أطراف حلف المقاومة وقال: من المؤكد أن بإمكان الإيرانيين تزويد “الحوثيين” بصواريخ باليستية بعيدة المدى أو مساعدتهم في تطوير صواريخ كهذه بأنفسهم، ويمكنهم استخدام اليمن كقاعدة لمهاجمة سفن “إسرائيلية” تُبحر في مضيق باب المندب باتجاه إيلات، بواسطة صواريخ بحر- بحر، أو زوارق مفخخة تقوم بهجمات انتحارية على السفن “الإسرائيلية”.

وأكد أن “إسرائيل” تتابع باهتمام كبير من الناحية الاستخبارية، ما يجري في اليمن، واتخاذ الإجراءات المطلوبة لتأمين السفن “الإسرائيلية” التي تبحر عبر باب المندب. مع الأخذ بعين الاعتبار أن تهديد الحوثيين هو تهديد جدّي.

المحلل العسكري “الإسرائيلي” في صحيفة “يديعوت أحرونوت” أليكس فيشمان، رأى أن الحرب في اليمن تصب في مصلحة “إسرائيل”، لكنه أوضح أن المؤسسة الأمنية في “إسرائيل” كانت قد وجهت تحذيراً للسفن التجارية “الإسرائيلية” بوجوب التعاطي مع الشاطئ اليمني على أنه شاطئ دولة معادية، خصوصا بعد سيطرة “الحوثيين” على ميناء الحديدة.

وأكد فيشمان أن “إسرائيل” تتابع الحرب في اليمن، وتتمنى أن تحقق السعودية نصرا سريعا وجارفا، ورأى أن سيطرة الحوثيين على اليمن، تزيد من مخاوف “إسرائيل”، خصوصا قيام “إيران” بنشر صواريخ بحرية على الشواطئ اليمنية، تشكل خطرا على مسار بحري حيوي لـ”إسرائيل” من الشرق، الأمر الذي يشكل تهديدا لحركة الملاحة إلى موانئ حيفا، وفي المستقبل غير البعيد الى ميناء أسدود.

وفي قراءة للمواقف “الإسرائيلية” من تطورات اليمن ومخاوف المسؤولين “الإسرائيليين” من توجيه ضربة يمنية إلى الكيان الصهيوني على غرار ضرب شركة أرامكو في السعودية، قال المتخصص بالشؤون “الإسرائيلية”، غسان محمد، في تصريح خاص لـ”لا”: “إن المخاوف الإسرائيلية واضحة، وكل الاحتمالات بالنسبة لإسرائيل واردة سواء لجهة قيام “الحوثيين” بشن هجوم صاورخي على إسرائيل يستهدف ميناءي إيلات وأسدود، أو مهاجمة سفن تجارية إسرائيلية تعبر مضيق باب المندب”.

وأكد محمد أن “التقديرات الإسرائيلية لا تستبعد امتلاك الحوثيين صواريخ دقيقة بعيدة المدى لمهاجمة أهداف إسرائيلية”، وأضاف: “إن تعطيل حركة الملاحة البحرية الى إسرائيل عبر باب المندب، يعتبر من وجهة النظر الإسرائيلية، خطرا كبيرا جدا، لأنه يعني توقف حركة الصادرات والواردات الى “إسرائيل”.

وأكد أن “المصادر الاستخباراتية الإسرائيلية، ترى أن اليمن تحول إلى جبهة مواجهة جديدة ضد إسرائيل، الأمر الذي سيزيد من حدة وخطورة التحديات التي تواجهها إسرائيل في المنطقة، وستكون له آثار وتداعيات خطيرة على المستوى الاستراتيجي في كل ما يتعلق بالمواجهة مع محور ايران دمشق لبنان”.

هذا الاستعراض للمواقف “الإسرائيلية”، التي تؤكد أن “إسرائيل” تأخذ على محمل الجد احتمال تلقيها ضربة من اليمن رداً على مشاركتها في العدوان على الشعب اليمني، يشير بكل وضوح إلى تبدل موازين القوى في المنطقة لصالح حلف المقاومة.

صحيح أن تحالف العدوان لايزال يمتلك الكثير من عوامل القوة والقدرة على التحرك والاستمرار في العدوان وتوجيه ضربات وفي أكثر من مكان وجبهة، لكن الصحيح أيضاً أن موازين القوى تتبدل بسرعة، واليوم الذي ستصبح فيه يد أطراف المقاومة بما فيها اليمنيون هي العليا، لم يعد بعيداً، وفي اللحظة التي ستصبح يد المقاومة هي العليا بالتأكد سنكون أمام منطقة مختلفة تمام الاختلاف عما هي عليه الآن، وسيكون وجه المنطقة يحمل كل ملامح المقاومة وأهدافها ومشاريعها لتحرير المنطقة وتحرير إرادة شعوبها وثرواتها من كل أنواع العدوان والهيمنة والخضوع.

* مدير الأخبار في إذاعة دمشق
صحيفة لاء.