لماذا فقط الإمام علي (عليه السلام)؟!.
ذمار نيوز || مقالات ||
[ 6 اغسطس 2020مـ -16 ذو الحجة 1441هــ ]
بقلم || عدنان الكبسي
قبل أن نتولى الإمام علي (عليه السلام) لابد من معرفة سيرة الإمام علي وحياته لنعرف أنه لماذا فقط الإمام علي (عليه السلام) نتولاه؟ ولماذا فقط الإمام علي ولاه رسول الله بأمر من الله؟!.
الإمام علي ولد في جوف الكعبة واختصه رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) في التربية منذ لا زال عمره أربع سنوات، فحظي بعناية كبيرة، يتسنم عطر النبوة، ويشم عرف الرسالة، فورث عن رسول الله جميع خصاله النفسية والدينية، بُعث رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) يوم الإثنين وأسلم علي يوم الثلاثاء، لم يسبق إيمانه شرك ولا انحراف، ولم ينغمس في أحوال الجاهلية.
عندما أنزل الله تعالى ((وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)) جمع رسول الله بني هاشم وهم سادة قريش، وبعد أن دعاهم رسول الله إلى نصرته قال: (فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ فلم يجبه أحد ثلاث مرات، و علي (عليه السلام) يقوم ويقول: (أنا يا رسول الله أؤازرك على هذا الأمر) فقال: (اجلس فأنت أخي ووصيي ووارثي وخليفتي من بعدي).
في المراحل الأولى التي مر بها الإسلام نجد الإسهام الكبير للإمام علي في إقامة الدين مجاهداً مناصراً مبلغاً ناهضاً بالمهام الاستثنائية في مرحلة استثنائية.
تتلمذ على يد رسول الله فكان الأكثر استيعاباً والأعظم تأثراً بتربية رسول الله، وكان من بين كل تلاميذ رسول الله المؤمن الأرقى في إيمانه فتح للهدى أذنيه فوعاه قلبه حتى انشرح صدره.
تحرك في مهمة فدائية استشهادية بدون تردد في بذل روحه فداء لرسول الله إذ بات في فراش رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) المهدد بالموت والمعرض للقتل ليلة الهجرة.
في غزوة بدر قتل الإمام علي بنفسه ثلث قتلى العدو، وشارك مع المسلمين قتل العدد الباقي، وفي معركة أحد حينما انهزم المسلمون بقي ثابتاً لم يتزحزح، موكلاً على نفسه مهمة أساسية في الذب عن شخصية رسول الله، يدفع عن رسول الله الكتائب التي كانت تريد قتل رسول الله، حتى نادى مناد: (لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي).
في غزوة الخندق عندما بلغت القلوب الحناجر وظهرت الظنون السيئة بالله، وبرز عمرو بن ود العامري منادياً بأعلى صوته: هل من مبارز؟! فانحنت الرؤوس وارتعدت الفرائص وتراجعت المواقف، والرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) يقول: (من لعمرو وله الجنة؟!) ثلاث مرات والإمام علي يقول: (أنا يا رسول الله)، فأذن له رسول الله بالمبارزة عندما رأى التراجع الكبير والتردد في أوساط أصحابه، فقال رسول اللّه: (برز الإيمان كله إلى الشرك كله)، فتقدم وقتل عمرو فانهارت قوة قريش فيئسوا وشعروا بالضعف والهزيمة وكفى الله المؤمنين القتال.
وفي خيبر أعطى رسول الله في اليوم الأول الراية لأبي بكر فرجع مهزوماً، وفي اليوم الثاني أعطى الراية عمر بن الخطاب فانكشف عمر وأصحابه ورجع مهزوماً يجبن أصحابه ويجبنهم، فقال رسول اللّه (صلوات الله عليه وعلى آله): (لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، كرار غير فرار) ثم أعطى الراية الإمام علي ففتح خيبر.
وفي تبوك استنفر رسول الله جميع المسلمين للخروج في غزوة تبوك وخرج معهم يقود الحملة العسكرية بنفسه، وتخلف بعده المنافقون معدون داراً لتجمعاتهم، وبدأت المؤامرات النفاقية لتزعزع الأوضاع في المدينة في غياب رسول الله، فاختار رسول الله علياً صمام الأمان للدولة الإسلامية خليفة له في غيابه كما كان هارون لموسى أيام الميعاد، وقال له رسول الله: (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي).
باهل به رسول الله نصارى نجران، وتحرك ليعلن البراءة من المشركين في البيت الحرام ليطوي آخر صفحة من الشرك في مكة المكرمة.
فما ذكرته قطرة من بحر، وغيض من فيض من مواقف الإمام علي البراقة والصفحات البيضاء النقية والسطور المشرقة بنور الله أضاءت مشارق الأرض ومغاربها.
فمن يأتيني بمثل علي في سبقه للإسلام وكماله في الإيمان ومواقفه وبذله وعطاءه وسخاءه وكرمه ونفسه الزكية وروحيته الطاهرة، فمن هو الأرقى والأسمى من الإمام علي، ولن تجد أحد كذلك إلا معلمه رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله).
فمن خلال ما ذكرنا فقط نكون على وعي كامل وبصيرة عالية بمن هو جدير بقيادة الأمة من بعد رسول الله محمد، كذلك نعرف أن الإمام علي علماً وقائداً وقدوة في مواصلة الرسالة الإلٰهية من بعد رسول الله، ومن خلال هذه المواقف نعرف أهليته لهذه المهمة، وأنه الأجدر لحمل هذه المسؤولية.