يُنفذون وصيّة جدّهم.. دعم الفرقاء طريق آل سعود لتقسيم اليمن
ذمار نيوز || تقارير ||
[5 اغسطس 2020مـ -15 ذي الحجة1441هـ ]
وثائقٌ جديدة كشفتها قناة الجزيرة القطرية؛ لم تُؤكِّد إلّا المُؤكَّد، ولم تكشف سِرّاً لا يعلمه أحد، فالجميع يعلم أنّ آل سعود لم تثور ثائرتهم في اليمن لا من أجل شرعيّة لا يستحّقها هادي أصلاً، ولا من أجل مُحاربة أنصار الله الذين لم يقتربوا من حدود السعودية، ولا حتى من أجل محاربةُ إرهابٍ هي نفسها زرعته هناك، هدفُ آل سعود كان واضحاً منذ البداية، وهو تنفيذٌ لوصيّةٍ قديمة لجدهم تؤكد أنّ عزّهم في ذلِّ اليمنيين، وذلّهم في عز اليمنيين، وعلى هذا الأساس أعدّوا العُدّة وحشدوا الأحزاب واشتروا المُرتزقة لتكون حرب إبادةٍ لا هوادة فيها، حربٌ لا تُبقِ ولا تذر، وتذهب باليمن السعيد إلى دمارٍ لم يشهده في تاريخه.
فَرِّق تسد
وثائقٌ عالية الخطورة وشديدة السريّة تلك التي تمكّنت قناة الجزيرة القطرية من الحصول عليها، تلك الوثائق وبمُجملها أكدت أنّ آل سعود كانوا ينتظرون ثورة اليمنيين ليتدخلوا في ذلك البلد المُسالم، حيث أكّدت أن استراتيجية آل سعود في اليمن كانت تقوم وبشكلٍ أساسي على تفكيك هذا البلد عبر دعم كافة الأطراف المُتنازعة ولا سيما تلك التي تُقارع حكومة الفار هادي، كبعض القبائل وما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي، وذلك لضمان بقاء تلك الكيانات قوة ضاغطة وذات نفوذ توازي في قوّتها قوة ونفوذ الحكومة اليمنية التي شكّلتها الرّياض نفسها.
الخطّة الشيطانية التي انتهجها آل سعود في اليمن شاركهم فيها وعمل على تنفيذها معهم عيال زايد، وهو الأمر الذي يدحض فرضيّة وجود أجندات مختلفة بين الحليفين في اليمن، ومخطئٌ كل الخطأ من يظنُّ أن الإمارات ومن خلال دعمها لما يسمى بالمجلس الجنوبي الانتقالي عملت بشكلٍ منفرد عن آل سعود، وكما ذكرنا وكما أثبتت الوثائق أنّ دعم وتقوية اليمنيين ضدّ بعضهم استراتيجية مشتركة للجانبين، وهو ما أثبتته التطورات الأخيرة في اليمن.
ضدّ الربيع العربي.. ولكن
مُنذ بداية الربيع العربي وقفت الرّياض ضدّ هذا الربيع، وجميعنا شهدنا اختيار الرئيس التونسي زين العابدين بن علي السعودية كملجأ له بعد هروبه من تونس، وفي مصر لم يكن الحال أفضل مما هو في تونس؛ وعلى الرّغم من محاولة الرئيس الراحل محمد مُرسي التودد لآل سعود؛ غير أنّه شهد وبالأموال السعودية انقلاباً عسكريا أطاح به على يد وزير دفاعه عبد الفتاح السيسي، وجميعنا اليوم نرى الدعم السعودي غير المحدود للحكم العسكري الذي يحلم لوائُه خليفة حفتر.
أما في اليمن؛ تعجب الجميع من وقوف السعودية ظاهراً موقف المؤيد للمطالب الشعبيّة، وهو أمرٌ استهجنه الجميع من آل سعود، لكن كان وراء الأكمة ما ورائها، فحُكم علي صالح وعلى سوئه كان يحفظ وحدة اليمن، وهو الأمر الذي لا يُحبّذه آل سعود.
عملت السعودية على الإطاحة بعلي عبد الله صالح ، لكن وبقدرةِ قادر وبعد الإطاحة به؛ قامت وعن طريق أذرعها هناك بتنصيب الفار عبد ربه منصور هادي كرئيسٍ لليمن، لتحمل بعدها لواء الدفاع عن الشرعيّة، التي عملت سابقاً على إسقاطها، والهدف من ذلك إدخال اليمن في أتون الصّراعات الداخلية، لتبدأ بعدها وكما أثبتت الوثائق المُسرّبة بدعمٍ طرف على حسابِ آخر، ودعم الشمال ضد الجنوب، والجنوب ضدّ الشمال والقبائل ضدّ بعضها، وهو الأمر الذي لن ينتهي كما تعلم الرّياض قبل تقسيم اليمن، ليس إلى شمالي وجنوبي كما كان قبل العام 1990، بل شمالي وجنوبي وشرقي وغربي.
أكثر من ذلك؛ فإنّ خمسُ سنواتٍ من الحرب أثبتت أن آل سعود ومن خلال تواجدهم في اليمن لم يكن لا لإعادة شرعيّة ولا هم يحزنون، وهدفهم الأساسي لم يخرج عن تقسيم اليمن، لكن السؤال الذي يبرز هنا؛ لماذا تُشارك الإمارات في هذه الجريمة؟
وفي الإجابة عن هذا التساؤل يُمكننا تصوّر كم الفائدة التي ستجنيها الإمارات من تقسيم اليمن، فبحال تمكّنوا من تقسيم اليمن؛ ستكون حصة الإمارات من هذه المشاركة هي السيطرة على الأرخبيل اليمني ذو الأهمية الاستراتيجية الكبيرة، والمُتمثل بجزيرة سقطرى وبقيّة الجزر القريبة منها، وهو ما سيمنح الإمارات السيطرة على مداخل البحر الأحمر الجنوبيّة، وبالطبع فإنّ ضامن بقاء الإمارات مُسيطرةً على هذا المعبر البحري الهام هو بقاء اليمن في حالة حرب داخلية أو في أحسن الأحوال مٌسماً إلى دويلات مُتناحرة.
وفي النهاية؛ فإننّا وبمراجعة سريعة للتاريخ الحديث لليمن، نرى جليّاً أن آل سعود وقفوا وبقوّةٍ ضد توحيد اليمن، فمصالح آل سعود وكما يعتقدون هي بقاء اليمن مُقسّماً هشّاً وبالنتيجة فقيراً، وبغير هذه الحالة لن يستطيع آل سعود السيطرة عليه أو تنفيذ أجنداتهم، وبالأدقِّ تنفيذ وصيّة جدهم بإبقاء اليمن مذلولاً ليبقوا هم أعزاء!.