الاختيار الإلٰهي لأعلام الهدى من خيرة الناس وأطهر الخلق
ذمار نيوز || مقالات ||
[4 اغسطس 2020مـ -14 ذي الحجة1441هـ ]
بقلم || عدنان الكبسي
في زمن الجهل والظلام والإنحراف الذي عم أوساط البشر يصطفي الله سبحانه وتعالى أزكى وأطهر إنسان من بين البشر، لم تدنسه جهالات الناس ولم يتأثر بانحطاط الآخرين، لم يسجد لصنم حجري ولا بشري، ولم ينخرط في سفاهة اللهو والطرب، بل لسموه وأنفته ونفسيته الزاكية شهد له الجاهليون بالصدق والأمانة حتى اشتهر بالصادق الأمين، اصطفى الله من بين الناس هذا الرجل العظيم محمد بنت عبدالله (صلوات الله عليه وعلى آله).
لم يختاره الله من بين الملاهي والخمور، ولم يكن من صعاليك العرب وسفهاءها، ولم يكن من عبدة الآلهة التي نُصبت للناس، ولم يكن يمجدها ويقدسها ويعظمها، بل كان محتقراً لتلك الآلهة التي لا تنفع ولا تضر ولا تملك المكان التي هي منصوبة عليه، بل منذ خلقه الله وكونه أعده إعداد خاص وبعناية متميزة لهذه المهمة العظيمة، مهمة الرسالة الإلٰهية، ((اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَه)).
فالله عندما يصطفي رسول أو نبي أو من يقوم مقام الأنبياء والمرسلين يكونوا نوعية متميزة على غيرهم منذ نعومة أظفارهم، أختار الله محمد من بين البشر لأنه لم يكن من البشر من هو أسمى وأرقى من محمد بن عبدالله، فكان هو الرجل المؤهل للنهوض بالرسالة الإلٰهية، وكذلك كان الإختيار من بعد رسول الله من لم يكن هناك نظيراً له من بين المسلمين، والذي لو كانت هناك نبوة من بعد خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله لكان هو النبي بعده.
وهكذا السنة الإلٰهية في الإصطفاء، الله لا يصطفي من عباده من يقود الأمة وكان من قبل سيئاً منحطاً ثم استقام واعتدل وأصبح خليفة للمسلمين وهناك من هو أطهر وأزكى وأعلم وأحكم وأشجع وأجدر بالمسؤولية.
الله لا يختار للأمة علماً كان من أهل الفساد والإنحراف، كان شريراً فآمن وتاب، قد يقبله الله مؤمناً متقياً ولكن لا يمكن أن يتخذه للناس إماماً حتى وإن كان مخلصاً لله في عمله وتحركه.
فكما كان الاختيار الإلٰهي للأنبياء والمرسلين سيكون الاختيار الإلٰهي لأعلام الهدى وقادة الأمة من خيرة الناس وأطهر الخلق وأزكى البشر منذ تكوينهم وخلقهم.
فمن يستخلفون رسول الله في ولايته هم من أولئك المنزهين المطهرين الذين لم تتلطخ أياديهم بعار المخالفة للرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، لم تتلطخ أياديهم بالأخطاء والمساوئ، ولم تكن لهم مواقف سيئة.
من يستخلفون رسول الله في ولايته هم أولئك الذين هم معروفين ومشهورين بمواقفهم الفدائية والشجاعة في مواجهة الكفر والطغيان، هم من كانوا السباقين إلى الإسلام أهل البذل والعطاء.
من يستخلفون رسول الله هم من لم يُعرف لهم أخطاء لا من قبل الإسلام ولا من بعد أن أسلموا ولم يكونوا من أولئك الذين كان رسول الله يعاني منهم، ولم يكونوا من أولئك المعترضين لتوجيهات رسول الله في حياته وعند مرضه وهو يحتضر للموت.
من يستخلفون رسول الله في ولايته هم من كان رسول الله يعتمد عليهم في الشدة والأخطار، من هم رجال مواقف ومهمات، في المعارك يتقدمون الصفوف، وإذا بلغت القلوب الحناجر هم القادمون لإبادة الكفر ليكفي الله به المؤمنين القتال.
يتراجع الناس وهم ثابتون، يرتدون الخلائق وهم مجاهدون، يعم الصمت العالم وهم يهتفون بالبراءة من أعداء الله وفي الميادين مقاتلون.
نفتخر بولائنا لهم لأنهم كاملين في أنفسهم، ونتشرف بأن نقتدي بهم ولم تكن لهم مواقف مخزية مدى حياتهم.
هذه القيادة ولاها رسول الله في غدير خم على رؤوس الخلائق عند عودته من حجة الوداع بأمر من الله، جاء اختيار الإمام علي (عليه السلام) ليس لقرابته من رسول الله، ولكن لأنه الوحيد الجدير بالمسؤولية الكبيرة.