صراع الإمارات في ظلّ الأزمة الاقتصادية الناجمة عن كورونا.. أين تتجه رؤية دبي؟
ذمار نيوز || تقارير ||
[7 يوليو 2020مـ -16 ذو القعدة 1441هـ ]
الوقت التحليلي-على الرغم من أن فيروس كورونا المستجد أثّر بشكل كبير على البلدان الغنية بالنفط وجعلها تحت طائلة الديون، فإن الإمارات، من بين الدول العربية الغنية بالنفط، لم تتأثر فقط بالركود الحاصل في سوق النفط، بل تأثرت أيضاً بالركود الاقتصادي الذي ضرب قطاع السياحة والصناعات الأخرى خلال فترة تفشي فيروس كورونا.
في الواقع، إن اقتصاد دولة الإمارات غير قائم على النفط حصراً، بل تشكل صناعة السياحة والفندقة، إلى جانب المركزية التجارية لمدن الإمارات، القطاعات الاقتصادية الأخرى لهذا البلد والتي تتأثّر بنسب متفاوتة جراء تفشي كورونا.
ولعلّ هذا هو السبب في أن حكومة الإمارات العربية المتحدة قد بدأت مؤخراً بإعادة النظر في هيكلية الحكومة بشكل كبير، حيث أعلن رئيس الوزراء محمد بن راشد آل مكتوم ونائب رئيس الإمارات، عن تشكيل كابينة حكومية جديدة يوم أمس، من خلال دمج بعض الوزارات وخلق مناصب وزارية جديدة وتغييرات في صلاحيات بعض المناصب ومسؤوليات أعضائه.
الكابينة الاقتصادية للإمارات للتغلب على الأزمة
ما يمكن ملاحظته في تغييرات وإعادة هيكلة الحكومة الجديدة لدولة الإمارات العربية المتحدة هو جهود قادة هذه البلاد للتغلب على الأزمة الاقتصادية التي سببتها كورونا من خلال التغييرات في الكابينة الحكومة. وبحسب التقارير، فإن التغييرات الرئيسة في الحكومة تهدف إلى معالجة الحالة الاقتصادية لدولة الإمارات في ظلّ تفشي وباء كورونا بشكل أفضل، حيث يتواجد 10 وزراء لإدارة الملف في حكومة الإمارات .
وبحسب وكالة أنباء (وام) الإماراتية الرسمية، تم استحداث وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة يتولاها وزيرها الجديد “سلطان الجابر”، وتم دمج وزارتي “الطاقة والبنية التحتية” وأصبح سهيل المزروعي وزيراً لها. وفي هذا الصدد، ستضم وزارة الاقتصاد الإماراتية أيضاً ثلاثة وزراء، حيث يكون عبد الله المري وزيراً جديداً للاقتصاد، وأحمد بالهول وزيرا للدولة لريادة الأعمال والمشاريع التجارية الصغيرة والمتوسطة، وثاني الزيوي، وزيرا للدولة للتجارة الخارجية.
في الوقت نفسه، شملت التغييرات في حكومة الإمارات تغيير وزارات أخرى، حيث قال محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس الوزراء ونائب رئيس الإمارات، إن الهدف من هذه التغييرات هو تشكيل حكومة تكون قادرة على اتخاذ القرارات بشكل أسرع وأكثر مواكبة للمتغيرات والظروف الحالية، وتكون أفضل في اقتناص الفرص وفي التعامل مع المرحلة الجديدة في تاريخنا، حكومة مرنة وسريعة هدفها تعزيز منجزات ومكتسبات الوطن.
كيف عانت الإمارات في ظلّ تفشي كورونا؟
تواجه دولة الإمارات، وخاصة دبي، التي بنت اقتصادها على أساس صناعة السياحة الدولية والنقل الدولي، صعوبات كبيرة بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، وأعلنت حكومة الإمارات مؤخرًا عن إغلاق جميع رحلات السفر والمراكز التجارية.
في غضون ذلك، تعرضت إمارة أبوظبي، باعتبارها واحدة من الإمارات الست ومركز دولة الإمارات العربية المتحدة، لأضرار جسيمة ، حيث يأتي 90٪ من دخل أمير أبوظبي من النفط ويتعلق 50٪ من ناتجها المحلي الإجمالي بالنفط الخام. والإمارات هي ثالث أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، حيث خفضت إنتاجها بمقدار 100 ألف برميل يومياً في يونيو، تماشياً مع التزاماتها بموجب اتفاقية أوبك بلس.
ونظرا لتفشي فيروس كورونا، توقع موقع S&P GlobalPlates أن ينمو اقتصاد أبو ظبي، الذي يسيطر على معظم إنتاج النفط في الإمارات العربية المتحدة، بمعدل 2.2 في المائة بين عامي 2021 و 2023. ومن المتوقع أن تنتج الإمارة ما معدله 2.8 مليون برميل يوميًا في عام 2020 ، وهي أقل من 3.1 مليون برميل التي كانت تُنتج في عام 2019.
ومن ناحية أخرى، دفع تفشي فيروس كورونا والانخفاض الحاد في أسعار النفط، حكومة الإمارات العربية المتحدة إلى حافة الإفلاس. الإقتصاد الإماراتي الذي كان قد إنخفص حتى قبل تفشي فيروس كورونا، تفاقم الأن أكثر بعد أن استشرى هذا الوباء في الإمارات العربية المتحدة وتسبب بوقف العديد من الأنشطة التجارية والاقتصادية في البلاد، مما اضطر أكبر شركة طيران في البلاد إلى إجراء تغييرات على طاقمها.
وفي الوقت نفسه، يبدو اقتصاد دبي، الذي يدر 24 في المائة من إيراداته من الموارد غير النفطية، أكثر هشاشة من أي إمارة أخرى من إمارات البلاد. استقبلت دبي خلال العام الماضي حوالي 17 مليون مسافر، ويأتي معظم هؤلاء المسافرين إلى هذه الإمارة بهدف السياحة والتسوق في مراكز التسوق الكبيرة. ولكن مطار دبي الدولي أصبح حاليا ساكنا دون نشاط يذكر. في وقت سابق، ذكرت وكالة بلومبرغ نيوز أن إمارة دبي تتفاوض مع عدة بنوك لإصلاح وضعها المالي عن طريق اقتراض مليارات الدولارات للحفاظ على اقتصادها المتدهور.
أين تتجه رؤية الإمارات في ظل تفشي كورونا؟
أثار انتشار فيروس كوفيد – 19 المخاوف بشأن التدفق الزائد لديون خزينة الإمارات، ويقول محللون ماليون إن ذلك قد يجبر الحكومة على تمرير حزمة إنقاذ مثل الأزمة المالية التي ضربت الإمارات عام 2009. ومع ذلك، يختلف الوضع الحالي اختلافًا جوهريًا عن الوضع في عام 2009 حيث أن نهاية هذا الفيروس لم تتضح بعد، الأمر الذي يجعل من الصعب جدًا التخطيط للحصول على المنح الحكومية ، ولا تعرف الحكومة المركزية في أبو ظبي الى متى يجب أن تستمر في استحصال حزم المساعدات المالية المحتملة.
وقال جيمس سوانستون الخبير الاقتصادي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد كابيتال إيكونوميكس: “وفقًا للسيناريو الحالي، إذا استغرقت إجراءات مكافحة فيروس كورونا حوالي ثلاثة إلى أربعة أشهر، فسوف تقلل من الناتج المحلي الإجمالي لدبي بنسبة تتراوح من 5 إلى 6 في المائة”.
وأضاف أن دبي كانت الاقتصاد الأكثر ضعفا في الشرق الأوسط من حيث فرض قيود السفر التي نجمت عن تفشي فيروس كورونا، وأن القطاع العام في دبي سيضطر إلى سداد ديونه أو سيضطر لمطالبة أبو ظبي، عاصمة الإمارات العربية المتحدة، بالمساعدة لإنقاذ اقتصادها.
وتقدر مؤسسة كابيتال إيكونوميكس ديون دبي بنحو 135 مليار دولار، أو 125 في المائة من إجمالي ناتجها المحلي، وسيتعين تسديد نصف هذا المبلغ بنهاية عام 2024. في العام الماضي، منحت أبو ظبي للمرة الثانية قرضًا بقيمة 10 مليار دولار لدبي خلال الأزمة المالية العالمية، التي شهدت انهيار سوق العقارات.
من ناحية أخرى، فإن الوضع المتداعي والحرج للإمارات العربية المتحدة، وخاصة وضع دبي، سيصاحبه منافسة الدول العربية الأخرى في جنوب الخليج، دول مثل قطر وعمان وحتى المملكة العربية السعودية، الذين دائمًا ما كانوا يشاهدون النمو المفاجئ لتجارة دبي. وترى هذه الدول أن تداعي اقتصاد مدينة دبي في ظل الأزمة الحالية، خلقت لهم أجواء مناسبة للنمو الاقتصادي لبلدانهم.
في الواقع، عانت الدول العربية الأخرى في الخليج من أضرار أقل من أزمة الإمارات العربية المتحدة ، لأنها كانت أقل اعتماداً على صناعة السياحة والمراكز التجارية، وفي هذه الحالة قد تكون الدوحة ومسقط أسرع من دبي وأبوظبي، في تنشيط محركها الإقتصادي في حقبة ما بعد كورونا.
النقطة الأخرى المهمة حول الاقتصاد الهش للإمارات العربية المتحدة هي خوف المستثمرين الكبير على مستقبلهم. في الواقع، فإن الأزمة الاقتصادية الحالية، إذا استمرت، يمكن أن تؤدي إلى زيادة الخوف والقلق بين الشركات والمستثمرين، وفي هذه الحالة سيكون من المحتمل جدًا هروب رأس المال من الإمارات العربية المتحدة ودبي، حيث سيتعين على دبي التعامل لأجل الخروج من ضغوط الأزمة الاقتصادية ومنع هروب رأس المال في نفس الوقت