الخبر وما وراء الخبر

شايلوك العرب يُفاوض على سقطرى.. والصوماليين يرفضون عروضه

28

ذمار نيوز || تقارير ||
[7 يوليو 2020مـ -16 ذو القعدة 1441هـ ]

الوقت التحليلي– الهزائم المُتلاحقة وانفراط عقد تحالفٍ هشّ، أجبر تحالف العدوان في اليمن على البحث عن حُلفاء جدد أملاً بتقليل حجم الخسارة التي لحقت بهم في اليمن، وهنا لم يجد “عيال زايد” سوى دولة الصومال لزجِّها في أتون هذه الحرب، مُعتمدةً على حالة الفقر والعوز التي تضرب الصومال، وانعدام أبسط مُقوّمات الحياة، ليلعب عيال زايد على هذا الوتر، مُحاولين ترغيب الصوماليين بتقديم مساعدات من شأنها أن تنشل هذا البلد الفقير من حالته السيّئة، حيث كشفت وزارة الخارجية الصومالية أنّ بلادها رفضت عرضاً قدّمته دولة الإمارات للانضمام إلى الحرب في اليمن مقابل حوافز مالية، واصفةً هذا العرض بأنه سخيف.

شايلوك العربي

وأنت تراقب ما تقوم به الإمارات لا تستطيع إلّا أن تتذكر التاجر اليهودي شايلوك، فالطمع والاستغلال سمةٌ مُشتركة بين الاثنين، وكما أراد شايلوك اقتطاع أجزاءٍ من لحم أنطونيو لقاء مساعدته، ها هي الإمارات تُعيد ذات المشهد مرّة أخرى ولكن هذه المرة مع الصومال، إذ ربطت تقديم مساعدات للصومال بدخول الأخيرة الحرب إلى جانب تحالف العدوان.

وتقول الأخبار الواردة من مقديشو أنّ أبو ظبي عرضت إعادة فتح مستشفى الشيخ زايد في العاصمة الصومالية مقديشو بشرط مشاركة الصومال في الحرب في اليمن، ومشفى الشيخ زايد هو مشفى عمومي تديره الإمارات كان يقدم الرعاية الصحية المجانية للمواطنين الصوماليين إلى الوقت الذي تمّ إغلاقه من قبل الإمارات في عام 2018، بعد أن ساءت العلاقات بين البلدين، ويأتي إغلاق المشفى كجزء من الخلاف الدبلوماسي بين أبو ظبي ومقديشو، وهنا يبدو أنّ عيال زايد اعتادوا استغلال الفقراء والمرضى منذ وقتٍ طويل، فهم أغلقوا هذا المشفى كردٍ “دبلوماسي” الأمر الذي يكشف حالة انعدام الأخلاق التي تنتاب عيال زايد.

إيقاظ الفتنة

مستغلةً بعض المُطالبات في الداخل الصومالي للسيطرة على الأرخبيل اليمني (أرخبيل سقطرى) عملت أبو ظبي على إذكاء روح الفتنة بين الصوماليين من جهة، وبين الصوماليين واليمنيين من جهةٍ ثانية، عرضت أبو ظبي على الصوماليين وبالإضافة لإعادة تشغيل مشفى الشيخ زايد؛ عرضت تقديم الأرخبيل اليمني للصوماليين، وذلك لإرضاء تلك النزعة عن البعض، حيث يعتبر بعض الصوماليين أن الجزيرة ذات الموقع الاستراتيجي المهم أرض صومالية.

إذن؛ هو وعدُ من لا يملك لمن لا يستحق، فكيف للإمارات أن تقدّم هكذا وعد لبعض الصوماليين وهي لا تمتلك تلك الجزر، حتى إنّ سُكّان تلك الجزر يرفضون الوجود الإماراتي هناك، ويصفونه بالاحتلال.

اللافت في الأمر أنّ الرّد على الإماراتيين لم يأتِ من اليمنيين، بل أتاهم من الصوماليين أنفسهم، ليؤكّدوا أنّ الصومال ليست أداة رخيصة تُستخدم لتنفيذ مطالب الإمارات، مؤكّدين أنّ اليمن جارة ودولة شقيقة ولها سيادتها وكرامتها لشعبها، بل أكثر من ذلك إذ أكّد وزير الخارجية الصومالي أحمد عيسى عوض وختم بأنّ العالم يعلم أنّ جزيرة سقطرى وأرخبيلها هي أراضٍ يمنية، وقد كانت كذلك منذ العصور القديمة.

طمع إماراتي

يبقى السؤال الأكثر أهميّة؛ لماذا تفعل الإمارات هذه الأفعال، وهي تعلم جيداً أنّها ليس دولة استعمارية، في الواقع هي تُريد غير أنّ لا حجمها ولا إمكانياتها يسمحان لها بلعب هذا الدور، إذن ماذا تُريد الإمارات؟

من الواضح أنّ الموقع الاستراتيجي المهم للأرخبيل اليمني جعله مصدر إلهام للحلم الإماراتي بأن تُصبح دولة استعمارية، كما سيُساعد الإمارات هذا الأرخبيل في إعادة التواجد الإماراتي على مدخل البحر الأحمر خصوصا بعد طردها من جيبوتي والصومال، وهنا تبرز أهمية وجود القّوات الإماراتية هناك.

أكثر من ذلك؛ فإنّ غنى هذا الأرخبيل بالموارد الطبيعيّة جعله مصدر اهتمام للإمارات، حيث أرسلت خبراء أجانب للبحث عن الثروات النفطية والمعدنية وبالطبع إنّ إرسال هؤلاء الخبراء تمّ دون أيِّ تنسيق مع السلطة المحلية.

وفي النهاية فإنّ العرض الإماراتي المُقدم للصوماليين خصوصاً فيما يتعلق بجزيرة سقطرى ليس أكثر من محاولة لإدخال دول جديدة في هذا التحالف، وإنّ تلويحها للصوماليين بالسيطرة على الأرخبيل اليمني هو أيضاً ليس أكثر من محاولة للسيطرة على هذا الأرخبيل ولكن بطريقة مختلفة بعد أن فشلت كافة محاولاتها السابقة للسيطرة التّامة والفعلية على الجزيرة لتنفيذ مُخططاتها التجارية والجيوسياسية، وهو الأمر الذي رفضه حتى أقرب المقربين لها، وهي حكومة هادي التي اتهمت الإمارات بمحاولة الاستيلاء على موانئ ومطارات الجزيرة.