الخبر وما وراء الخبر

احفاد بلال في المسيرة القرآنية

19

ذمار نيوز || مقالات ||
[ 22 يونيو 2020مـ -1 ذو القعدة 1441هـ ]

بقلم / د.خالد صالح الدروبي

مثلت دعوة السيد عبدالملك الحوثي سلام الله عليه إلى إطلاق مشروع وطني متكامل و طويل الأمد لرعاية و دمج احفاد بلال في المجتمع دعوة منبثقة من مبادئ الإسلام و تعاليمه القائمة على العدل و المساواة و التعامل مع الناس كأسنان المشط لا فرق بين ابيض و أسود الا بالتقوى و العمل الصالح .. قال تعالى ( يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر و انثى و جعلناكم شعوباً و قبائل لتعارفوا ، إن أكرمكم عند الله اتقاكم ) ..

و الحقيقة أن المتابع لخطابات السيد عبدالملك الحوثي سلام الله عليه يجد أنه يعطي حيزا كبيرا جدا في خطاباته للجانب التوعوي الإصلاحي للمجتمع على أساس من هدى الله .. مركزا خطاباته في الدعوة إلى الله .. و هذا جانب يأتي من كونه ليس زعيما سياسيا فقط ، بل هو قائد رباني و علم هدى ، في مسيرة قرآنية تدعو الناس إلى الرجوع الى كتاب الله و هداه ..

هذه الدعوة فيما نعلم هي الأولى في تاريخ اليمن الحديث و المعاصر .. فهذه الفئة من المجتمع ظلت محل تهميش و ابعاد و في كثير من الأحيان تعرضت للظلم و الازدراء من الجهلاء في المجتمع اليمني .. حتى بعد دخول اليمنيين في الاسلام ..

و تبدأ دعوة السيد بتغيير المصطلحات و المسميات المتعارف عليها في المجتمع .. فبدأ بتسميتهم ( أحفاد بلال ) و هي تسمية فيها قدر كبير من التقدير و الاحترام و رفع المكانة .. فمن من المؤمنين لا يتمنى أن يتشرف بهذه المكانة الإيمانية الرفيعة .. و إطلاق هذه التسمية عليهم هي خطوة أولى في طريق إزالة الثقافة المغلوطة السائدة في المجتمع و التي كانت تطلق عليهم توصيفات دونية كانت تحبسهم نفسيا و اجتماعيا في إطار من الدونية و التهميش .. و في احسن الأحوال نظرة ( شفقة ) .. لذلك فاطلاق هذه التسمية ( احفاد بلال) هي بداية سليمة لإخراج هذه الفئة من حيز التهميش النفسي و الاجتماعي .

النقطة المهمة الأخرى في هذه الدعوة أنها جائت خطوة اعتراف شجاعة بوجود مشكلة و ظلم مجتمعي و رسمي واقع على هذه الفئة من الناس .. و هذه المرة الأولى التي يواجه فيها قائد بحجم السيد عبدالملك الحوثي مجتمعه و قومه بما يرى أنه ظلم و خطأ تاريخي مستمر منذ قرون بعيدة .. فما نعرفه عن السياسيين هو أنهم يحرصون على إرضاء الأكثرية من أبناء المجتمع .. أو على الأقل التغاضي عنهم ..

صحيح أن العالم قد توافق على إلغاء العبودية و تجريمها .. لكن لم يتم العمل على دمج هذه الفئات في المجتمع و اعطائها حقوقها المجتمعية و القانونية بعيدا عن العنصرية البغيضة التي ظلت ماثلة في السلوكيات اليومية و الرسمية .. و أمريكا نموذج واضح لهذه المشكلة .. فالعنصرية ظهرت واضحة في المجتمع و الحكومة الأمريكية و برزت بشكلها القبيح في تعاملات الشرطة الأمريكية معهم ..

هنا في اليمن و في تقديري الشخصي فإن أول خطوة في البرنامج الوطني الذي أطلقه السيد يجب أن تكون توفير التعليم الأساسي المجاني و الاجباري للاطفال في هذه الفئة .. و من ثم توفير الرعاية و الدعم لهذه الفئة في بقية مراحل التعليم وصولا إلى التعليم الجامعي و الفني ..

إن الدعوة التي أطلقها السيد لدمج هذه الفئة في المجتمع و رعايتها إذا ما تم تنفيذها بجدية ، ستؤدي إلى حل مشكلات هذه الفئة و منع استغلال هذه الفئة في نشاطات مضرة بهم و بالمجتمع .. و لعل هذا سيتطلب إلى عقد مؤتمر موسع لتحديد اهم المشكلات التي تعاني منها هذه الفئة و اقتراح الحلول العملية المناسبة لتنفيذ البرنامج بشكل صحيح و فعال.

*جامعة الحديدة