الخبر وما وراء الخبر

من محاولة تحقيق ورقة ضغط إلى الهروب بأقل الخسائر.. ورطة السعودي في حرض وميدي

101

ذمار نيوز -صدى المسيرة/ محمد الوريث

على مشارِفِ جولةٍ جديدةٍ من جولات الهزل الدولي تحت مسميات “مفاوضات جنيف” يكثِّفُ العدوُّ السعودي من جهودهِ العسكرية اليائسة على أكثر من جبهة في الداخل الـيَـمَـني على أمل تحقيق اختراق يسوِّقُه على الصعيد الإعلامي وعلى طاولة المفاوضات السياسية بعد عشرة أشهر من الفشل الذريع في الـيَـمَـن، وبعد الانكشافِ الكامل لعورة النظام السعودي وهشاشة جيشه الذي أدمن الهرب من ساحات المواجهة ليفرد عضلاته على المدن بقنابله العنقودية.

وتبث قناة المسيرة والإعلام الحربي عشرات المشاهد الموثقة بالصوت والصورة لعمليات نوعية في عُمق أرض العدو يتلقى فيها جيشُه تنكيلاً ذريعاً وهزائم قَلَّ نظيرُها على مستوى العالم مع تدشين المرحلة الأولى من الخيارات الاستراتيجية التي أعلن عنها قائد ثورة الشعب الـيَـمَـني كخيار يذهب اليه الـيَـمَـنيون مضطرين إن لم يتوقف العُـدْوَان الأمريكي الصهيوني السعودي على الـيَـمَـن.

ويقامر النظام السعودي بمستقبله ليقدم على مغامرات مرهقة حتى على تحالفه الكوني؛ بغرض تغيير قواعد الاشتباك على الحدود الـيَـمَـنية السعودية بفتح جبهة جديدة من جهة حرض وميدي بمحافظة حجة والتي تقابلها من الجانب السعودي الطوال جيزان، على أمل تسويق انْتصَار يخفف به من وطأة الحرَج الواقع عليه، وَيُداري به عجزَ قواته المسلحة ويشتت الأنظار عن الهزائم المخجلة التي يتعرض لها في كافة جبهات الثغور، وعلى أمل أن يخلط الأَوْرَاق وينجز ما فشل في إنجازهِ من الاتجاهاتِ الأُخْــرَى لاكتساب أَوْرَاق يفاوض بها على طاولة جنيف المتوقع عقدها نهاية الشهر الجاري إذا صدق المبعوث الأممي وهو قلما يقول الصدق.

واختار النظامُ السعودي هذه المرة ورقته للهجوم باتجاهِ الأراضي الـيَـمَـنية بعنايةٍ بعد تجارِبَ مريرة في الجبهات الأُخْــرَى، فمن حيث الجغرافيا تتشكل المناطق الحدودية الـيَـمَـنية السعودية في معظمها من سلسلات جبلية شاهقة تتركزُ بالذات في محافظتَي حجة وصعدة والذي يصعُبُ من مهمة العدو السعودي لاستخدام عامل التفوق الوحيد له في هذه المعارك “سلاح الجو”، ولعل اختيار حرض وميدي جاء في المقام الأول؛ كونها تحاذي السواحل الـيَـمَـنية الغربية وتتشكل من ناحية الجغرافيا من أرض مبسوطة تعطي أفضلية لصاحب الجوِّ على صاحب الأَرْض، ويجرجر النظام السعودي إلى هذا المستنقع الجديد الجنرال الخائن علي محسن الأحمر على أمل أن يحقق لآل سعود في حرض ما عجز عن تحقيقه لهم في صعدة وصنعاء على مر سنين من النفوذ والسلطة المطلقة.

أما من الناحية التأريخية، ففي الحربِ الـيَـمَـنية السعودية التي اندلعت مطلعَ القرن العشرين -1934- بين القوات الـيَـمَـنية وجيش آل سعود، والتي لم تتمكن وقتها جيوش آل سعود من تحقيق أي اختراق على مختلف جبهات الحدود الـيَـمَـنية السعودية بل العكس تماماً حيث توغلت قوات الإمام يحيى حميد الدين رحمة الله إلى عُمق محافظات جيزان ونجران قبل أن تحقق قوات آل سعود اختراقاً من جهة الساحل (تهامة) وانتهت الحرب وقتَها بمعاهدة الطائف التي تقضي بأحقية الـيَـمَـنيين بكلٍّ من نجران وجيزان وعسير على أن يتم دفع إيجار هذه الأَرْض من قبل النظام السعودي للنظام الـيَـمَـني.

ورغم اختلاف الزمان والظروف والإمكانات إلا أن العدو السعودي لم يجد أمامَهُ من طريق آخر إلا المحاولة من جهة حرض عسى أن يحقق اليوم بالطيران والأمريكان ما استطاع تحقيقه سابقاً في السابق، ولكن وضع المعركة اليوم اختلف وتفاجأ العدو السعودي بثقب يمني أسودَ في حرض ابتلع كُلّ ما أعده وضاعَفَ جراحاته النازفة، لا وأكثر من هذا أن توغلت قوات من الجيش الـيَـمَـني واللجان الشعبية لتسيطر على مساحات في محافظة جيزان في مدينة الخوبة الشمالية وقرية حامضة وتبة بلبلة، إضَافَة إلى عشرات المواقع العسكرية في العمق السعودي.

وبالرغم من أن هذه الزحوفات والتي تستمر منذ ما يقارب الأسبوعين تعد الأَكْبَر من نوعها، حيث أفاد مصدر في الإعلام الحربي أن زحفاً كُسر قبل أيام امتد على مساحة 30 كيلو متراً بمعداتٍ حربية ثقيلة من مدرعات ودبابات، إضَافَةً إلى قصف جوي بالطيران العمودي والإف 16 وقصف بحري متواصل من البارجات.

وتوحي هذه الاستماتة السعودية والرميُ بكل ثقلها مرةً واحدةً إلى حالة اليأس والتخبط التي وصل إليها العدو والذي افتقد كُلّ عوامل التخطيط والاستراتيجية في معركة تحتاج إلى العقل أكثر من النار.

وتأتي هذه المحاولاتُ الفاشلة بعد أن وصل المواطِنُ المغلوب على أمره في نجد والحجاز إلى حالةِ قناعةٍ كاملة من ضعف جيش ابن سعود وتوافد الأَخْبَار بالمئات بما لا يشتهي العدوُّ السعودي إلى كُلّ أذن في السعودية وانتقال المعركة إلى بُعد جديد صار يسمَعُ ويرى ضوءَها في كُلّ أَرْكَان محافظات الحد الجنوبي، وجعل من المستحيل أن يعتِّمَ النظام السعودي على المعارك في الحدود كما كان يفعل سابقاً وأَصْبَــح من غير المقبول حتى للمواطن السعودي أراجيفُ قناة العربية عن سقوط مقذوف يمني هنا أَوْ مقذوف هناك.

وبالتزامن مع الحديثِ عن جولة مفاوضات جديدة، توقعت السعودية أن تحدُثَ حالةُ ارتخاء لدى القوات الـيَـمَـنية واللجان الشعبية إضَافَةً إلى استغلالِ الضغط الإعلامي وسلاح الجو لزعزعة الثباتِ الـيَـمَـني وتحقيق اختراق ولو محدوداً يتم بناءً عليه خلقُ معادلةٍ جديدةٍ تقضي “بانسحاب الطرفين من الأَرْض”؛ باعتبار توغل القوات الـيَـمَـنية في العمق السعودي يقابله توغلٌ سعوديٌّ في العُمق الـيَـمَـني، كما يمنح انْتصَاراً معنوياً محدوداً لجيش بن سعود وشعب نجد وحجاز الذي حطّمت معنوياته كُلّ الأَخْبَار والتقارير والصور من الحد الجنوبي.

ويردِّد النظامُ السعودي أَخْبَاراً عارية عن الصحة، عن سيطرة قوات الغزو على مدينة حرض، في وقت ما تزالُ الاشتباكاتُ لا تزالُ في العُمق السعودي في الخوبة وحامضة والطوال من باب رفع معنويات جنودِه ومرتزقته الذين أَصْبَــحوا في حالة يأس مطبق من تحقيق أي تقدم.

وشن الطيرانُ السعودي قصفاً جوياً ومدفعياً مكثفاً على مديرية حرض وميدي لتأمين خطوط التقدم لقواته على مدى ساعات وأيام متواصلةٍ حتى شعر بأن المهمةَ قد تم انجازُها ولم يبقَ إلا التقدُّمُ للاحتفال.

ورغم عوامل التفوُّق الإعلامي والعسكري الذي يمتلكها النظام السعودي إلا أن إعدادَ وتجهيزات أبطال الـيَـمَـن في جبهة الطوال كانت تفوقُ التوقعات وانقلب السحر على الساحر؛ لتكون الثقب الأسود الذي لا يعود منه أحد ومثلث برمودا الذي تاهت فيه آلياتُ العدو العسكرية ولم يجد لها أحدٌ أثراً ورغم كُلّ ما روّج له النظام السعودي كذباً وزوراً عن سيطرة على مدينة حرض أَوْ منتزه ميدي إلا أن الواقعَ يقولُ غير ذلك وسَرعانَ ما تنفضحُ هذه الكذبة كغيرها من الكذبات السابقة عن سيطرة مزعومة على مأرب أَوْ الجوف أَوْ تعز.

وتفاجأ العدو السعودي في جبهة حرض بسلاح تكتيكي ذكي استخدمه الجيشُ الـيَـمَـني بمَا يناسب طبيعةَ المكان والزمان؛ لتؤكد الأَرْضُ مرة أُخْــرَى أنها تقاتِلُ مع أَصْحَـابها، حيث تولّى فريقُ القناصة بالجيش الـيَـمَـني واللجان الشعبية مهمةَ اصطياد رؤوسِ جنود الغزو ليسقُطَ العشرات بين غزاة ومرتزقة في موقع الشبكة بنجران.

ويؤكِّدُ الجيشُ الـيَـمَـني مرةً بعد أُخْــرَى تفوّقَهُ العسكري والتكتيكي، وما بدأ به العدو السعودي في محاولة لاختراق الأَرْض الـيَـمَـنية يبدو اليوم ورطةً سعوديةً جديدةً وموعداً آخر مع الفشل ومصاعب مراهقي آل سعود.