الخبر وما وراء الخبر

سد النهضة والدور الاسرائيلي في حوض النيل

17

– لا تزال مشكلة “سد النهضة” قائمة منذ أكثر من 7 سنوات ولم تصل الأطراف المعنية بهذه القضية الى اي حل يذكر، والواضح حتى الان ان جميع المفاوضات بين أديس ابابا والقاهرة باءت بالفشل، وعلى الرغم من ان اثيوبيا اعلنت انها سوف تبدأ بملأ بحيرة السد الجديد في الاول من يوليو/تموز المقبل إلا أن مصر صمتت ولم تبدي اي ردة فعل واضحة تجاه هذا الامر سوى بعض التلميحات والتحذيرات، ولا تزال اسباب الصمت مجهولة وتوصل الكثير من المؤشرات، فقد تكون مصر وصلت الى طريق مسدود بخصوص هذه القضية مع اثيوبيا بالرغم من انها فتحت باب المفاوضات على مصراعيه، وبالتالي لم يبقى امامها سوى الحل العسكري أو الصمت الى الابد عن بناء هذا السد وبدء تخزين المياه به.

الحل العسكري

الجميع يستبعد الحل العسكري الا ان جميع المؤشرات تذهب في هذا الاتجاه، خاصة وان اثيوبيا لم تمد يد العون لمصر للوصول الى حلول ترضي الطرفين، بل على العكس عمدت الى معاقبة السودان لانها لم توقع معها اتفاقيات ثنائية يتم من خلالها تجاوز الطرف المصري وتضييق الخناق عليه، وعمدت الى دعم ميلشيات سودانية وعلى اثر ذلك قتل ضابط سوداني وجرح اخرين.

اثيوبيا في الحقيقة تعتمد على اسرائيل والدعم الاسرائيلي لمواجهة اي تحركات سودانية_مصرية، وقبل عام من الان تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية، عن قيام طواقم إسرائيلية بنصب أنظمة دفاعية جوية حول “سد النهضة” التي تعمل إثيوبيا على تشييده منذ عدة سنوات.

وكشف تقرير إسرائيلي نشره موقع “ديبكا” العبري، عن “وجود توتر حاد في العلاقات بين إسرائيل ومصر، في أعقاب انتهاء ثلاثة طواقم تابعة للصناعات العسكرية الإسرائيلية العمل على نصب أنظمة دفاعية جوية لصواريخ “Spyder-MR ” حول سد النهضة الإثيوبي”، وفق ما نبقع موقع “i24” العبري.

وأوضحت مصادر عسكرية واستخباراتية لموقع “ديبكا”، أن “نصب أنظمة الدفاع الإسرائيلية حول المشروع الضخم بدأ في شهر أيار/ مايو من العام الماضي وانتهى هذه الأيام بعد مرور شهرين ونصف”.

ولفت التقرير، إلى أن “طواقم من شركة “رفائيل” للصناعات العسكرية الإسرائيلية، عملت على نصب أنظمة دفاعية من طراز PYthon and DERby بينما وحدة الصواريخ التابعة للصناعات الجوية الإسرائيلية وفرت الشاحنات التي تم بواسطتها تركيب هذه الأنظمة، فيما قدمت شركة “التا” أنظمة الرادار للنظام”.

وذكر أن “إثيوبيا قررت شراء هذه الأنظمة في أعقاب التوتر العسكري بين الهند وباكستان قبل خمسة أشهر في منطقة كشمير”.

وتزداد الدلائل يوما بعد يوم على أن إسرائيل تسعى للعب دور بارز في أزمة سد النهضة الإثيوبي الذي فجر أزمة بين أديس أبابا من جهة، والقاهرة والخرطوم من جهة أخرى، في ظل مخاوف من تأثيره عن حصص المياه في الدولتين العربيتين.

ورغم أن الدور الإسرائيلي غير معروف حتى الآن، إلا أن مؤشرات على عمق التدخل الإسرائيلي في الأزمة تظهر بين الفينة والأخرى، حيث تحدثت الصحافة الإسرائيلية مؤخرا عن عروض قدمتها الحكومة الإسرائيلية لإثيوبيا تتعلق جميعها بسد النهضة، وتدلل جميعها على محاولة إسرائيل وضع قدم لها في الأزمة الناشبة بين أطراف النزاع على حصص المياه.

بين هذه الاقتراحات عرض لإقامة مشاريع مياه وطاقة بين الطرفين، فضلا عن اقتراح لتزويد أديس أبابا بأنظمة دفاع صاروخي لحماية سد النهضة (نفته إسرائيل).

ولعل آخر هذه العروض مبادرة قدمتها إسرائيل السبت الماضي، أبدت فيها استعدادها لتبادل الخبرات مع إثيوبيا في مجال إدارة المياه.

وحول علاقة اسرائيل بإثارة الفتن بين مصر واثيوبيا كشف وزير الري المصري الأسبق، محمد نصر الدين علام، إن الاحتلال الإسرائيلي يتلاعب بشكل خفي في أزمة سد النهضة، من أجل التضييق على المصريين في نهر النيل.

وأضاف علام، في حواره مع برنامج “مساء القاهرة” المذاع عبر قناة الحدث اليوم، أن “العدو الاستراتيجي يستخدم جميع أدوات سياسة العصا والجزرة في أزمة سد النهضة، حيث قالت بريطانيا منذ زمن بعيد، إن نهر النيل أهم شئ للمصريين، وإذا أردت أن تضيق عليهم الخناق “إقفل الحنفية”، وهم يريدون حاليا استخدام هذا السلاح”.

المثير أن قضية سد النهضة كانت قبل عدة شهور حاضرة بقوة في الإعلام ومواقع التواصل، رغم أن الموقف كان أقل خطورة مما هو عليه الآن، وعلى مدى شهور تنوعت خلالها التصريحات الرسمية بين التطمين والتأكيد على جاهزية نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي للدفاع عن مياه النيل وحقوق مصر التاريخية.

لكن الغريب الآن أن القضية لم تصعد إلى صدارة اهتمامات المصريين، رغم إعلان إثيوبيا الاستعداد لبدء ملء السد بعد أقل من شهر، وتخصيصها أكثر من ألفي شاب لتطهير وتجهيز الأرض وراء السد، حيث ستتجمع المياه مكونة بحيرة ضخمة ستؤثر بشكل كبير على حصة مصر من مياه النيل.

ودخلت القاهرة والخرطوم وأديس أبابا منذ 2011 في مفاوضات للاتفاق حول كيفية الحد من تأثير السد الإثيوبي على كميات المياه المتدفقة إلى كل من السودان ومصر.

وتمتلك مصر حاليا خيارين للقيام بعمل عسكري ضد إثيوبيا ككل أو “سد النهضة” بشكل خاص:

الأول: دعم الجماعات الانفصالية المسلحة لشن هجمات بالوكالة على الحكومة و”سد النهضة”. ولن يكون إيجاد مثل هذه الجماعات أمرًا صعبًا، فهناك أكثر من 12 جماعة مسلحة في إثيوبيا. بعضهم يعمل على قلب نظام الحكم، والآخر يهدف إلى إقامة دولة مستقلة. يبدو أن مصر قد سبق وحاولت استخدام هذا الخيار، إذ أعلنت إثيوبيا، في آذار/ مارس الماضي، عن تصديها لهجوم مسلح استهدف “سد النهضة”، وقالت إن المسلحين ينتمون إلى «حركة 7 مايو» المعارضة والمحظورة. كما أعلنت أديس أبابا أيضًا، في أواخر تموز/ يوليو الماضي، عن نجاح السودان في توقيف مجموعة مسلحة قالت إنها تحركت من إريتريا لاستهداف «سد النهضة». ورغم أن القاهرة لم تتهم مباشرة بالوقوف وراء هذه التحركات، إلا أن اتهامات غير رسمية وجهت إليها.

الثاني: التدخل العسكري المباشر. يتفوق الجيش المصري على نظيره الإثيوبي بوضوح، إذ يحتل الأخير المرتبة 41 من ضمن أقوى 133 جيشًا على مستوى العالم، بينما يحتل الجيش المصري المرتبة 10. ويصلح للخدمة العسكرية في مصر 35.3 مليون نسمة مقابل 24.8 مليون في إثيوبيا، ويصل عدد القوات العاملة في الجيش المصري إلى 454 ألف شخص مقابل 162 ألف جندي في الجيش الإثيوبي. كما تبلغ إجمالي ميزانية الدفاع السنوية للجيش الإثيوبي 340 مليون دولار مقابل 4.4 مليار دولار للجيش المصري. لكن كيف يمكن للقاهرة أن تشن هجومًا عسكريًا ضد أديس أبابا؟.