الخبر وما وراء الخبر

أمام مجازر الإرهاب العالمي.. اليمن ينتصر لمرضى كورونا

29

ذمار نيوز || مقالات ||
[ 9 يونيو 2020مـ -16 شوال1441 هـ ]

بقلم || بندر الهتار

من المؤكد أن من أهم الأسلحة وأكثرها تأثيرا في الحروب هو التهويل وإرهاب الخصم، حتى الجيوش العسكرية الكبيرة يمكن أن تُهزم أمام حملة إرهاب منظمة، والتاريخ شاهد على كثير من المعارك التي قادت إلى هذه النتيجة. لذلك تحرص مختلف المؤسسات العسكرية في العالم على تعزيز الروح المعنوية للفرد،

ثم تضع استراتيجيات ومنهجيات متطورة للدفع بهذه الروح لتشمل المجتمع إذا ما دخلت البلاد في مواجهة عسكرية.

حتى الحياة السياسية مليئة بإشارات الترهيب وإرعاب الخصوم وإن بطريقة دبلوماسية في الغالب، وهي منهجية يعتقد أصحابها أن لها ثمرة إيجابية في ردع الخصم وجعله يعيد التفكير في الملفات الشائكة بين الدول. بلغة مبسطة فإن التهويل يستهدف الخصم وليس الصديق والحليف، وإذا ما أسقطنا ذلك على القطاعات الصحية، فمن غير المنطقي أن يعتمد الطبيب منهجية التهويل نحو مريضه إلا إذا كان بدافع الخصومة والانتقام.

في هذا السياق، تحضر الكثير من التساؤلات:

هل من الإنسانية إرهاب المجتمع في حال انتشار الأمراض والأوبئة، ولماذا لا تحرص الدول على معنويات المرضى كما تحرص على معنويات جيوشها؟

أليس المريض يحتاج إلى الطمأنينة والراحة النفسية أكثر من الجندي الذي يكون في الغالب بصحة جيدة وذي بنية جسمية قوية؟

حتى الاستشارات الطبية المعمول بها في العالم لمختلف الأمراض “المزمنة منها على وجه التحديد” تؤكد على أهمية الروح المعنوية في تعافي الكثير من المرضى، والعكس صحيح.

أمام هذا الواقع، لماذا برز التعامل العالمي مع وباء كورونا بطريقة مغايرة، بانتهاج سياسة التهويل بدلا من التطمين مع التحذير؟

يؤكد وزير الصحة اليمني الدكتور طه المتوكل، أن الصدمة النفسية التي صنعها قادة سياسيون ووسائل إعلام حول كورونا تقف وراء الكثير من الوفيات، وأن العالم قد استخدم لغة قتلٍ مع المرضى وليس لغة وقاية وعلاج!

من هذا المنطلق استدرك اليمن خطورة ما تنتهجه الدول من إرهاب إعلامي، إما عن قصد أو ضمن الانسياق -بجهالة- خلف الآخرين، لتعلن وزارة الصحة في صنعاء استراتيجية “لا تهويل ولا تهوين” تماشيا مع مبدأ أن ترويع المجتمع جريمة، ثم تداركا للوضع الإنساني والمعيشي الصعب الذي صنعه العدوان والحصار.

وللتأكد من ذلك، يمكن لوسائل الإعلام أن تجري مقابلات مع حالات تماثلت للشفاء، وتسألها عن أهمية الطمأنينة في فراش المرض الذي كاد أن يتحول إلى فراش الموت لولا العامل النفسي؟ والقنوات الوطنية اليمنية على رأسها المسيرة نفذت زيارات ميدانية لمراكز العزل الصحي في صنعاء وذمار، وكشفت للمجتمع من خلال شهادات مرضى كورونا هم مصابون أساسا بأمراض مزمنة، كيف تماثلوا للشفاء، وكيف ساهم الكادر الطبي في تطمينهم حين لم يُفصح لهم عن إصابتهم بالوباء إلا بعد خروجهم من حالة الخطر؟

رأينا في مختلف البلدان مع بداية انتشار كورونا، كيف جرى الحديث عن المستشفيات ومراكز العزل والرعب الذي أحيطت به، حتى بدت بعض المجتمعات تنفر من المصاب الذي تعافى، وهذا حصل في دول عربية وإسلامية، علاوة على الطريقة اللا إنسانية التي جرت فيها عملية دفن جثث الموتى كما حصل في دول الغرب.

هذا الرعب الذي كان يراد تصديره للمجتمع اليمني سقط أمام الاستراتيجية التي انتهجتها صنعاء، وقد مثل ذلك حجر عثرة أمام أهداف تحالف العدوان الذي حاول استغلال وباء كورونا لخلق فوضى مجتمعية، تبدأ بالقطاع الصحي ولا تنتهي بالوضع المعيشي للناس، وحين فشل لجأت وسائل إعلامه إلى نشر الشائعات، لكنها محاولة يائسة سرعان ما تسقط وتتلاشى.