الخبر وما وراء الخبر

قائد الثورة يشدد على أهمية الجهاد ودوره في حماية الأمة

27

دعا قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي الامة الاسلامية الى العودة للتاريخ والاستفادة من واقع التجربة التي عاشها الرسول الأعظم في دعوته الى الاسلام، سيما في ظل الظروف والتحديات الصعبة التي واجهها نبينا محمد صلوات الله عليه وعلى اله خلال دعوته.. مشدداً على أهمية الجهاد ودوره في حل المشاكل وتعزيز الدعوة المحمدية، لافتاً الى ثمار يوم الفرقان .

واستهل قائد الثورة، محاضرته السابعة عشر، بالتأكيد على اهمية غزوة بدرٍ الكبرى، باعتبارها حدثاً مهماً وتاريخياً واستثنائياً ومفصلياً في تاريخ الأمة الإسلامية بدليل المتغيرات والتحولات الكبيرة التي جرت عقب الغزوة، مبيناً ان الله -سبحانه وتعالى- اسمى هذه الغزوة بـ(يوم الفرقان)، حيث قال في سورة الأنفال: {إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ}[الأنفال: من الآية41].

واشار الى واقع المسلمين قبل غزوة بدرٍ الكبرى، حيث كانوا في قلة من حيث العدد، ناهيك عن محدودية الدخول في الإسلام وحالة الاستضعاف والتكذيب والصد، والحرب الإعلامية، والاقتصادية، والمضايقات، والتعذيب، والاضطهاد، والمعاناة التي ابداها اعداء الرسالة ضد المسلمين والرسول الاعظم.. مؤكداً أن موقف قريش من هذه الرسالة الإلهية هو الكفر، والتكذيب، والجحود، والصد، والمحاربة، وتثبيط الناس وتخذيلهم عن الالتحاق بهذا الدين العظيم، نظراً لما كان يمثله من أهمية في احداث تغيير بواقع الناس، وينهي الهيمنة ويبني أمةً مستقلة على أساس منهج الله -سبحانه وتعالى-.

ولفت السيد عبدالملك الحوثي الى مخاوف الناس حينها من إمكانية بناء هذه الأمة وتكوينها، فضلا عن مستقبل هذه الأمة في ظل الدين الاسلامي، مبيناً ان الكثير من الناس كانوا يلحظون حجم ومستوى التحديات المحيطة بحركة النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- بالرسالة الإلهية، وكانوا يلحظون انتشار حالة التكذيب والصد من مختلف القوى المختلفة والمتنوعة في الساحة: الوثنيون من جهة، اليهود من جهةٍ أخرى، النصارى من جهةٍ ثالثة.
وقال: أن البيئة كلها كانت بيئة غير مرحِّبة بهذا الدين، وغير متقبلة لهذه الرسالة العظيمة.

وفي مقابل هذه التحديدات والصعوبات والظروف اكد السيد انه لم يكن الرسول الاعظم يمتلك الإمكانيات المادية أو العسكرية، بل جاءت هذه الرسالة من دون إغراءات ، وهذا ما اثار المخاوف لدى الكثير من الناس، وجعلت الكثير منهم إمَّا يتخاذل او يُسلم وبداخله نوع من القلق وعدم الاطمئنان فضلا عن التأثر بالمخاوف والدعايات والشائعات، خاصة وان اغلبهم من الفئة المستضعفة في المجتمع.
واضاف: أمام كل هذه الصعوبات والتحديات، كان النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- يتحرك واثقاً بالله -سبحانه وتعالى-، ومتوكلاً عليه وذلك من منطلق ايمانيه بهذه الرسالة، وبعظمتها، وأهميتها، ومردودها الايجابي على واقع الامة، سيما وان هذا الدين العظيم ينمي مكارم الأخلاق، ويبني الروحية والمعنوية العالية، وهو ما بدا عليه النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- الذي حمل كل ذلك على أرقى مستوى.. مؤكداً ان كل هذه الصعوبات لم تثنِ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ولم تضعف من عزمه، ولم تدفعه إلى التراجع، لتثمر نتائج هذه الجهود للرسول الكريم وتظهر في المدينة، حيث بدأت النتائج الإيجابية تتحقق في تكوين هذه الأمة وتنقية الفطرة، التي كانت ملوثة بفعل الممارسات والعقائد السلبية، والأفكار السيئة، والضلال المبين، والسلوكيات المنحرفة التي تعززت في الساحة قبل ظهور الرسالة.

واستعرض السيد عبدالملك الحوثي جملة من الخصال التي تميز بها الرسول صلى الله عليه واله والتي مكنها الله لنبيه ومنها امتلك الحكمة والرشد وقوة البيان، فضلا عن أخلاقه العظيمة التي لا مثيل له في الواقع البشري وامتلاكه للحق وقيم الاسلام والثقة بالله، والتوكل على الله -سبحانه وتعالى-، وهذا ما جعل الاعداء يفشلون امامه حتى وصلوا الى مرحلة العناد حيث يقول المولى عز وجل، {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}[الأنفال: الآية32] .

أهمية الجهاد في ترسيخ القيم الاسلامية

وقال قائد الثورة : لم يصل الأمر فقط إلى هذا المستوى، وإنما اتجهوا إلى محاربة الرسالة المحمدية إلى حد منعها وعدم السماح للناس بالإيمان بها، والالتفاف حولها، واتجهوا بالمؤامرة على شخص النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- وحاولوا استهدافه، {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ}.
ويمضي السيد عبدالملك الحوثي في سرد مراحل مواجهة اعداء الاسلام للرسالة المحمدية، مشيرا الى انه وبعد هجرة النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- إلى المدينة بدأ بتكوين هذه الأمة، وبدأ الأعداء تحركاتهم في الساحة لاستهدافه، من خلال تحركاتهم الواسعة، واستعداداتهم الكبيرلمضايقة النبي -صلوات الله عليه وعلى آله-، وحصاره وعزله في المدينة، والتحالف مع مختلف القبائل والمناطق لتشكيل حركة واسعة لاستهداف النبي وشن الحرب عليه، فكانت من الخطوات الأولى التي عملوها: الاتفاق مع كثيرٍ من القبائل على المقاطعة الاقتصادية للنبي -صلوات الله عليه وعلى آله-، ثم بدأوا ترتيباتهم واستعداداتهم العسكرية بهدف الزحف باتجاه المدينة.

واكد أن الرسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- كان يدرك طبيعة هذه التحركات، وكان يتحرك بتوجيهات الله -سبحانه وتعالى- وتعليماته للتصدي لكل هذه التحديات والمخاطر، مبيناً أن الصراع مع أعداء الإسلام، كان حتمياً، ولا بدَّ منه.

واوضح ان هذا درسٌ مهمٌ يجب ترسيخه والتذكير به؛ لأن البعض أحياناً ينشرون مفاهيم خاطئة جدًّا، سيما عندما يروِّجوا في الساحة أنَّ الأمة ليست بحاجة إلى الجهاد، وأنَّ الجهاد لا ضرورة له، وأنه يمثل بحد ذاته مشكلة أمام الناس، وأنَّ بالإمكان أن يكون الناس مؤمنين وصالحين وطيبين ومسلمين، ومن دون أن يواجهوا هذه المخاطر وهذه التحديات، وأن يستقر حالهم على ذلك ومن دون أي مشاكل.

ولفت الى خطورة مثل هذه المفاهيم الخاطئة كونها تترك الناس في حالة من الجمود، وتعطِّل فريضةً من أهم الفرائض في الدين الإسلامي، وهي فريضة الجهاد في سبيل الله كما تدجِّن الناس وتخضعهم لصالح أعدائهم، مؤكداً ان أظلم الناس من يدجِّن الناس للأعداء ويجعل من الجمود والركود والقعود والتخاذل ثقافةً، وسلوكاً دينياً، والتزاماً إيمانياً، وحالةً إيجابية.. مبيناً انه لو كان ذلك متاحاً لكان أولى الناس بذلك هو رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله.

وتطرق السيد القائد الى واقع الامة في الوقت الراهن حيث تسعى أمريكا، وإسرائيل بكل جهدها لضرب الأمة، واستهدافها، مستغلة مثل هذه المفاهيم المغلوطة من اجل السيطرة على الأمة الإسلامية والتحكم بها في كل شؤونها وذلك على المستوى السياسي والاقتصادي وعلى كل المستويات، بل حتى على مستوى الخطاب الديني، والتثقيف، والتعليم، والمناهج.

واشار إلى وجود الشواهد في الزمن الحالي على اهمية الجهاد والانتصارات، التي تحضي بالتأييد الإلهي، مؤكداً ان الجهاد هو الحلٌ؛ لكي نكون أمةً مستقلةً، ومتحررةً من العبودية للطاغوت والاستكبار.

وقال: من هنا نتطلع إلى هذا اليوم: يوم الفرقان، على أنه يومٌ فارقٌ في التاريخ، ويومٌ عظيم، ويومٌ مهم، أسس لمرحلةٍ جديدة، هو لم يكن نهاية المعركة مع الأعداء، هو كان بداية المعركة مع الأعداء، ولكنه أسس لمرحلة جديدة، ولنقلة جديدة؛ لأن الانتصار في هذا اليوم طمأن الكثير من الناس، عزز الثقة بالله، أعطى الأمل لكثيرٍ من اليائسين، وغيَّر النظرة التي كانت ترى بأنه من المستحيل أن ينتصر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ومعه جنوده، وهم في ذلك المستوى من الإمكانات المتواضعة والبسيطة، وهم في ذلك المستوى مما يعانونه من قلة العدد والعدة، في مقابل الأعداء وما يمتلكونه من قوة وإمكانات مادية، فهذا النصر أسهم في تغيير نظرة الناس، وفي طمأنتهم، وفي تعزيز الأمل والثقة، وغيَّر الموازين والمعادلات التي كانت قائمة في الساحة، وصنع معادلات جديدة في الصراع، وفي نفس الوقت وجَّه ضربةً مؤلمةً جدًّا للأعداء، وبالذات لقريش، الذين كانوا هم أول فئة في الساحة تتصدر لمواجهة الإسلام ومواجهة النبي -صلوات الله عليه وعلى آله-، وتخوض معه المعركة، هذا العدو الذي نزل إلى الميدان ليخوض المعركة العسكرية، وإلَّا هو كان يخوض الصراع في أبعاده وجوانبه الأخرى، لكنه عندما نزل المعركة العسكرية، فواجه فيها هذه الهزيمة القاسية، وقُتِل فيها الكثير من قاداته، ومن أبطاله، ومن جنوده، وأسر الكثير منهم، كانت ضربةً قوية ومؤثرة جدًّا، وأثَّرت فيما بعدها، واستمر تأثيرها فيما بعدها وصولاً إلى يوم الفتح.