الخبر وما وراء الخبر

ما بعد مأرب..

25

ذمار نيوز || مقالات ||
[ 25 ابريل 2020مـ -2 رمضان 1441هـ ]

بقلم / عـبدالله علي صبري

بإعلان تحالف العدوان تمديد الهدنة المزعومة لمدة ثلاثين يوما، يكون بذلك قد منح الضوء الأخضر لمزيد من التصعيد العسكري في مختلف الجبهات، إذ لو كان جادا في إيقاف الحرب لتعاطى إيجابيا مع رؤية صنعاء التي قدمتها عبر المبعوث الأممي ( مع ملاحظة أن العدوان يبحث عن مكسب دعائي حين يروج للهدنة الإنسانية مدعيا أن طرف صنعاء هو من يرفض الانخراط فيها ).

أما التصعيد الذي لم يتوقف ميدانيا، فإنه يفسح المجال كذلك للجيش واللجان الشعبية باتجاه حسم معركة مأرب وفرض المتغير العسكري الكبير المرتقب، وما يعنيه من خسارة مدوية ومذلة لمرتزقة العدوان الذين راهنوا على التدخل العسكري الخارجي، ورهنوا مستقبلهم بيد العدوان السعودي الإماراتي الذي لم يحفظ لبلادنا حرمة ولا لمرتزقته جاها أو كرامة، باعتراف أصوات وأقلام المرتزقة أنفسهم.

لا نريد استباق الأحداث ولسنا في معرض التشفي أو التباهي، وبودنا لو أن هذه الحرب تتوقف فعليا ويجنح كل أطرافها للسلام الجاد والعادل، لكن حتى تأتي هذه اللحظة لا مفر من قراءة الواقع كما هو، وبشكل نأمل أن يكون موضوعيا وقريبًا من الحقيقة.

لقد أنجزت القوات المسلحة الكثير من المهام والعمليات النوعية التي تبشر أن معركة مأرب اقتربت من ساعة الصفر والنصر معا بإذن الله، ما يجعلنا نتساءل بكل ثقة، ماذا بعد مأرب ؟. هل ستمضي قوات صنعاء باتجاه المحافظات الجنوبية، على اعتبار أنها سبق وأكدت أن معركة تحرير البلاد من الغزو والاحتلال لن تستثني شبرا واحدا من الأراضي اليمنية شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، أم أنها ستترك لمفاعيل معركة مأرب فرصة الاختيار بين أكثر من بديل، بما في ذلك البديل السياسي؟.

لكن ماذا عن العدو ومرتزقته؟ هل ستفرض معركة مأرب تصعيدا مماثلا في الحديدة ؟ ( مع ملاحظة أن قوات صنعاء أكثر استعدادا ويقظة هذه المرة، وقد تنجلي معركة الحديدة المؤجلة عن انقلاب لصالح الطرف الوطني في صنعاء ).

وبالطبع لا ننسى أن العدو قد يسرف في ارتكاب المزيد من المجازر بحق المدنيين، ذلك أن جعبة خياراته العسكرية قد أوشكت على النفاد، وإن كان لا يزال يحتفظ بأوراق من شأنها تشديد الحصار وتعزيز الفوضى في الداخل اليمني، وبالأخص في المحافظات التي يحكم السيطرة عليها.

الخلاصة أن الميدان يمنح قوات صنعاء فرصة التمدد العسكري في مختلف الجبهات، لكن هذا لا يمنحها امتيازا مطلقا، فالنصر العسكري لا بد أن تصحبه رؤية سياسية تستثمره وتبني عليه، ولا يبدو حتى اللحظة أن هناك مشروعا سياسيا يمكن أن يفضي إلى احتواء أبناء المحافظات الجنوبية، الذين لا ترى الغالبية منهم في قوات صنعاء إلا استمرارا لمشروع الضم والإلحاق الذي عرفته المحافظات الجنوبية بعيد حرب صيف 1994م. وهذا ما يوجب البحث عن حلول إبداعيه وابتكارية في إطار الحلول السياسية للقضية الجنوبية، وإمكانية تحقيق اختراق ملموس في جدار الأزمة اليمنية يفضي إلى استئناف التفاوض اليمني اليمني، وسحب البساط من تحت أقدام العدوان الخارجي، وأمراء الحروب وتجار الأزمات..