الخبر وما وراء الخبر

رجل المسؤولية في ذكراه الثانية

77

منذ توليه رئاسة المجلس السياسي الأعلى في الــ ١٤ من شهر أغسطس ٢٠١٦م، وحتى استشهاده في الــ ١٩ إبريل ٢٠١٨م، تحمل على عاتقه من موقع المسؤولية قيادة البلاد في أحلك الظروف الصعبة التي لا تتوفر فيها أدنى مقومات وإمكانيات الدولة، وعمل ليل نهار على بناء وإصلاح الأجهزة الأمنية والقضائية والعسكرية ومحاربة الفساد واستئصال جذوره وفق مشروع البناء والحماية الذي اطلقه في احتفائية العام الثالث للصمود ” يد تحمي ويد تبني”.

و رغم الفترة الزمنية القصيرة التي تولى فيها الرئيس الشهيد قيادة البلاد، فقد وحّدَ اليمنيين على قلب رجل واحد لمواجهة العدوان بكل الوسائل والإمكانات، وشهدت المؤسسة العسكرية في عهده نقلة نوعية كبيرة، وتقدما ملحوظا، وانجازات عظيمة ومفاجئة في التصنيع الحربي، ومنها على سبيل الذكر لا الحصر الطائرات المسيّرة، والمنظومات البالستية المتعددة والمتنوعة، والتي كان لها عظيم الأثر في تغيير معادلة المواجهة وموازين القتال، وانتقال اليمن من معركة الردع إلى كسر العظم، ومن الضربات البالستية الآحادية إلى دفعات.

تجده في أيام الأعياد والمناسبات، يقوم بزيارة الجبهات الأشد ضراوة، ويظهر شامخا في الصفوف الأمامية وخطوط التماس، جنبا إلى جنب مع رجال الرجال، بائعا نفسه لله، ومحتقرا كل مناصب الدنيا أمام المجاهدين؛ ويطلق كلماته الحسينية المزلزلة لأركان العدوان، والمدوية في الآفاق ألقا ووقودا لاجتراح الانتصارات العظيمة “ليست جوارحنا أغلى من جوارحكم”، و”مسح الغبار من نعال المجاهدين أشرف من مناصب الدنيا”، وليست هذه المواقف الفذة غريبة على رجل تربى على هدى القرآن، ونهل معارفه من معين آل محمد.

ولقد كان خطابه الذي ألقاه قبل استشهاده بعشرة أيام أثناء زيارته محافظة ذمار، هو الأكثر وجعا وإزهاقا لقوى العدوان والذي أعلن فيه أن ذلك العام سيكون باليستيا بامتياز، وفي رسائله الداخلية للمسؤولين والمشرفين بأن يتقوا الله في هذا الشعب، وأن يكونوا قريبين من المجتمع وتلمس احتياجاتهم، مؤكدا أن المرحلة تقتضي تكاتف الجميع لمواجهة العدوان ورفد الجبهات، قائلا ” أي شخص يبني او يشتري أرضية سجلوا على جبينه سارق كائنا من كان”، وكان فعلا النموذج الشامل لرجل الدولة النزيه “صالح الصماد لو يستشهد غد ما مع جهاله وين يجلسوا إلا يرجعوا مسقط رأسهم في بني معاذ”

وعندما اعلنت قوى العدوان غزوها للحديدة واحتلالها، وإن أبناء تهامة سيستقبلونهم بالورود، تحرك بنفسه رغم تحذيرات السيد القائد بالبقاء وعدم النزول، لكنه أبى إلا أن يكون في مقدمة الصفوف، في مواجهة العدوان، وقال مقولته الشهيرة “سنستقبلكم بخناجر بنادقنا”.

فعلا لقد كان الشهيد الرئيس الصماد ولا يزال وسيبقى الرئيس اليمني الوحيد الذي استطاع أن يثبت مدى حبه للوطن والشعب ويقبل بالتحديات الصعبة ويقوم بدوره و يؤدي مسؤوليته بكل ما يستطيع في تفعيل مؤسسات الدولة وترميم جدار السلطة الذي حاول العدوان تحطيمه وفي لملمة وتوحيد الصفوف داخل المجتمع اليمني الذي يسعى العدوان الى تفكيكه وبذل جهداً كبيراً في مختلف المجالات السياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها للحفاظ على تماسك اليمن وتعزيز عوامل الصمود في مواجهة العدوان.