شهر رمضان عملية ترويض لتحقيق التقوى
ذمار نيوز || محاضرات ||
[27 شعبان 1441هـ ]
حينما نأتي إلَـى شهر رمضان المبارك الذي أراده الله أن يكون عملية ترويض أن يكون شيئاً عملياً، أداء عملياً، واقعاً عملياً يساعد الإنْسَـان على التحكم بنفسه وهو أول ما يحتاج إليه الإنْسَـان لتحقيق التقوى القدرةُ على ضبط نوازع النفس وتوجُّهات النفس ورغبات النفس وانفعالات النفس.
فبقدر ما يتمكن الإنْسَـان من التحكم بحالاته الانفعالية بغرائزه برغباته بشهواته بانفعالاته كافة أياً كان نوعها رغبة أَوْ رهبة أَوْ غير ذلك بقدر ما يستطيع أن يكونَ في واقع الحياة مسؤولاً يتعاطى بمسؤولية عالية بعيداً عن النزَق بعيداً عن الطمع بعيداً عن الأهواء التي جرّت الويلات والمصائب على الإنْسَـان نفسه وعلى الواقع من حوله، فعملية الصيام التي ينضبط الإنْسَـان فيها ويكبح شهواته ورغباته تجاهَ مسائل مهمة لنفسه من الطعام والشراب والنكاح وغير ذلك، هذه الحالة وهذه العملية تساعد الإنْسَـان على أن يكونَ قويَّ الإرَادَة وقويَّ السيطرة وقوي التحكم بالنفس وقوي التحمل لما تحتاج إليه مسؤولياته في الحياة؛ لأن عملية التقوى فيها حاله انضباط والتزام واستقامة من جانب وفيها ترويضٌ على قوة التحمل وقوة الصبر وقوة الإرَادَة من جانب آخر.
ولهذا فهي على المستوى التربوي عملية مهمة للغاية ولها أهميتها القصوى في بناء هذا الإنْسَـان ليؤدي دوره على أرقى مستوى، فلذلك يعتبر هذا الشهر بصيامه وما فيه من الأجواء والبركات والارتباط الأقوى بهدى الله سبحانه وتعالى وبما فيه من البركات الإلهية التي تنزل على العباد وما فيه من الخيرات والرقة الموجودة في قلوب الناس والقُرب إلى الله أَكْثَر والقُرب إلى فعل الخير أَكْثَر له أهمية كبيرة، ويعتبر رحمةً من الله سبحانه وتعالى بعباده.
الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس
جانبٌ آخر لهذا الشهر المبارك وهو الهدى.. إن شهر رمضان شهد نزولَ أعظم نعمة أنعم الله بها على عباده، وهي القرآن الكريم نعمة الهدى فقال سبحانه وتعالى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة : 185].
والإنْسَـان يحتاج إلى التقوى ويحتاج إلى الهدى، لا تستقيم التقوى بدون هدى يمكن للإنْسَـان مثلاً أن ينطلق باندفاعٍ ديني وإحساس بالمسؤولية الدينية لكن من دون هدى من دون وعي صحيح دون معرفة صحيحة بالحق وبتعاليم الله المحقة وبالاتجاه الصحيح في الحياة.
ممكن للإنْسَـان أن يغلط الغلطَ الكبيرَ وأن يخطئ وينحرف ولكن بتدين بدافع تدين فيتجه في طريق الضلال بدافع التدين مخلصاً وجادّاً في الخطأ في التصرف السيئ في الانحراف فيخطئ، فهناك ملازمة مهمة بين التقوى التي تحقق للإنْسَـان الاستقامة وتقيه من تصرفاته اللامسؤولة التي ينتجُ عنها الويلات والشقاء والعناء، فتشكّل وقاية له من كُلّ الشرور ومن كُلّ المصائب، من كُلّ الويلات ومن كُلّ النكبات الناتجة عن التصرفات اللامسؤولة للإنْسَـان تجاه نفسه وتجاه الآخرين من حوله، بالتقوى وبالهدى يستقيمُ للبشرية أن تواكب مسيرتها في الحياة بشكل صحيح وبشكل سليم.
أتت هذه الفريضة كموسمٍ سنوي يحتاج إليها الجميع. الإنْسَـان في واقع حياته بين أمرين، إما أنه سائرٌ في طريق الهداية ويتحلى بالتقوى في قيمها بانضباطها في الاحساس بالمسؤولية في الاتجاه في واقع الحياة من موقع المسؤولية والالتزام بها ولكن قد يخطئ ،قد ينحرِفُ ،قد يتأثر الإنْسَـان، يعيش في واقع حياته وتحيط به الكثير من المؤثرات في ما يواجهه في الحياة من مشاكل الحياة من صعوبات الحياة من رغبات الحياة الكثير من المؤثرات التي تحيط به قد تؤثر على نفسيته فيخطئ هناك أَوْ يزل هناك أَوْ يتراجع هناك أَوْ تفتر فيه حالةُ الاحساس بالمسؤولية نوعاً ما.
فهنا ضمن هذه المحطّة السماوية يستعيد من جديد عزمَه وقوة إرادته وتوجهه الصالح في الاتجاه الإيْجَابي الذي يُرضي اللهَ سبحانه وتعالى، وهو بمصلحة الإنْسَـان لضمان حياته الطيبة في وجوده في الدنيا، أَوْ الإنْسَـان هو خارج في الأَسَاس بالكامل عن خط الهداية وعن طريق الاستقامة والتعاطي بالتقوى والمسؤولية، هنا هو مدعوٌّ أَيْضاً إن الله يدعو جميع عباده كُلّ عباده في موضع التقدير يدعوهم إلى التقوى يحثهم على التقوى يرغبهم في التقوى.
لأن التقوى هي أمرٌ يعني هذا الإنْسَـان؛ لأنه يعني في ما يعنيه في ما يدل عليه في ما يوجه إليه ما يقي هذا الإنْسَـان من شرور وسيئات وعواقب أعماله السيئة؛ لأن الأعمال السيئة للإنْسَـان للفرد كفرد وللمجتمع كمجتمع للأُمَــم كأُمَــم للدول كدول وللشعوب كشعوب للتيارات كتيارات، كُلّ الفئات البشرية لأعمالها السيئة لتصرفاتها الخاطئة نتائج سلبية في واقع الحياة ويلات ونكبات وشقاء ومعاناة، وهكذا تعني التقوى: (ضبطَ واقع الإنْسَـان في تصرفاته في أعماله في مواقفه على النحو الذي يساعدُه للاستقامة فيقي نفسَه من النتائج الحتمية واللازمة للتصرفات السيئة والسلبية).
السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي