المكفوفون ناموا في العراء وبعضهم في المساجد وأبطال الصافية ساهموا في إجلائهم من المركز.. الطيران يقصف مركَـزَ المكفوفين بصنعاء.. عدوانٌ بلا عينين!
ذمار نيوز -صدى المسيرة:
قصَفَ طيرانُ العُـدْوَان الأمريكي السعودي، ليل الثلاثاء الماضي، مركَزَ النور للمكفوفين بحي الصافية بصنعاء.. ذهولٌ كبيرٌ لدى المواطنين وساكني الحي.. التساؤل العام لدى الـيَـمَـنيين: هذا سكَنٌ للمكفوفين، لماذا يقصفونه؟.
كان 90 طالباً من المكفوفين نائمين في المركَز أثناء استهدافهم، لكن لم يُصَبْ سوى طالبين جراحهما متوسطة، وفي تلك الأثناء عاش هؤلاء الطلاب ليلة رعب حقيقية، ومن بينهم 17 طفلاً أعمارهم تحت سن الخامسة عشرة وهم من مختلف محافظات الجمهورية.
ويسرد محمد حجر مشرف السكن لـ “صدى المسيرة” ما حدث في تلك الليلة، فيقول: “كنت مستيقظاً إلى الساعة الثانية عشرة مساءً، لكنني قبل أن أنامَ وكعادتي، بدأت أتفقدُ كُلَّ مَن في السكن.. كان المكفوفون نائمين، وما هي سوى لحظات حتى بدأت أشعُرُ بزلزلة في المبنى، وبالانفجارات، كانت الساعة تقريباً الواحدة بعد منتصف الليل، وفجأةً سمعتُ صراخَ الكثير من الطلاب وهم في حالة خَوف وهلع، كان الدخان كثيفاً، والغاز يتصاعَدُ إلى أعلى، وكأنني في يوم القيامة.
ويزيد حجر بقوله: “كان الطلابُ يحاولون الهرب، لكنهم لا يستطيعون.. لا يرون أمامهم شيئاً، إنهم مكفوفون، وحاولت حينها مساعدتَهم وفي بالي هواجس كثيرة، وتخوُّف من القصف مرة أخرى..
كان سقفُ الطابق الثالث الذي تقعُ فيه غرفة المشرف حجر قد سقط وبرز الحديدُ منه ليمثل حاجزاً شائكاً بينه وبين الأطفال.
ويواصل المشرف حجر قائلاً: “في المرة التي استقويت فيها على الغازات الخانقة كان الركام والحديد حائلاً بيني وبين الأطفال فقد اصطدم رأسي بالحديد الظاهر من السطح ولم يكن لدي أي ضوء وكنت أمر في الظلام وكان صراخُ الأطفال يشتد، وحين تمكّنت من الخروج وجدت 7 من التلاميذ المكفوفين أمامي لا أدري كيف خرجوا من غرفهم.. وكانوا في حالة خوف وهلع لا يمكن وصفُها.. وحينها ساعدتهم على الخروج من المبنى، وتواصلت مع المشرفين لإجلاء باقي الطلاب حتى لا يستهدفَهم العُـدْوَان مرة أخرى.
ظلماتٌ ثلاث عاشها المكفوفون إثر استهدافهم في المركز: ظلمة العمى وظلمة الليل وظلمة الدخان الخانق بفعل القصف.
كان منهم سبعةَ عشر طفلاً يقيمون في الطابق الثالث الذي استهدفه العُـدْوَان، وكان لمشرفي المركز وسكان الحي الدور الأبرز والكبير في إجلائهم.. حيث خرجوا إلى المساجد المجاورة للمركز.
وَاستهدف طيرانُ العُـدْوَان الأعمى المركَز بصاروخين، انفجر أحدهما ولم ينفجر الآخر.
وبعدَ القصف، عاد بعض هؤلاء الطلاب المكفوفين إلى قراهم، والبعض ما يزال يحن إلى المركز، لم يبق في المركز سوى غرف مدمرة وصالات محترقة وبقايا أمل للعودة من جديد إلى هذا الصرح العلمي.
إفلاس إعلامي
وكعادتها تصدَّت قناةُ العربية والعربية الحدث للتضليل وتزييف الحقيقة، وذكرت أن طائراتِ العُـدْوَان قصفت مخزناً للأسلحة الباليستية في حي الصافية، كما ذكر مرتزقةُ العُـدْوَان أن الطيران استهدف مخزناً للأسلحة.
ويتكوَّنُ مبنى مركَز النور من مبنيين، ويحوي عدداً من المرافق، منها مسجد للصلاة، ولم يعد أيٌّ منهما صالحاً للعمل، بعد أن كان يشمَلُ بخدماته 230 طالباً من مختلف المحافظات، كما قال مدير السكن جميل الحميري.
واعتبر الحميري في تصريح لـ “صدى المسيرة” أن استهدافَ المركز “يدل على أن العُـدْوَان يستهدف الجميع دون أن يفرق بين صغير أو كبير”.
سخط عام وإدانات واسعة
ونظّمت الجمعيةُ الـيَـمَـنيةُ لرعاية وتأهيل المكفوفين ومركَز النور ومنظمات المجتمع المدني وناشطون وحقوقيون وإعلاميون، يوم أمس الأربعاء، وقفةً أمام المركز، مستنكرين هذا الاعتداء الغاشم.
وندد بيانٌ صادرٌ عن الوقفة استهدافَ طيران العُـدْوَان الأمريكي السعودي لمركز النور للمكفوفين.. معتبراً هذه الجريمة تضاف إلى السجل الإجرامي لتحالف العُـدْوَان التي ارتكبها في مختلف المحافظات.
ودعا البيان الأممَ المتحدة والمنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان إلى إدانة هذه الجريمة والتحقيق فيها والعمل على إيقاف العُـدْوَان الغاشم.
وفي نفس السياق فقد نظّم المجلسُ المحلي بمديرية الصافية بأمانة العاصمة، أمس الأربعاء، وقفةً احتجاجية للتنديد باستهداف طيران العُـدْوَان السعودي الأمريكي مركز النور للمكفوفين بالأمانة.
واستنكر المشاركون في الوقفة بحُضُور أعضاء السلطة المحلية والمكاتب التنفيذية والشخصيات الاجتماعية، الصمتَ الدولي إزاء جرائم العُـدْوَان.
وطالبوا المنظماتِ الإنسانية والحقوقية بالعمل على محاسَبة مرتكبي هذه الجرائم وإدانة استهداف المنشآت المدنية ومقرات ذوي الإعاقة.
ودعا المحتجون المجتمعَ الدوليَّ القيامَ بواجباته الأخلاقية والإنسانية إزاء ما يتعرض له الشعب الـيَـمَـني من جرائم حرب استهدفت كُلّ مقومات الحياة والعمل على إيقاف العُـدْوَان الغاشم ورفع الحصار الجائر.
وأدان الاتحادُ الوطني لجمعيات المعاقين الـيَـمَـنيين استهدافَ طيران العُـدْوَان السعودي الأمريكي مركز النور للمكفوفين في العاصمة صنعاء.
وأوضح الاتحاد في بيان له أن ما يرتكبُه العُـدْوَان الغاشم من جرائم في الـيَـمَـن يندى لها جبين التاريخ وتوصم بها الإنسانية بالعار والخزي.
وقال البيان: “إن قصف العُـدْوَان لمركز النور للمكفوفين الذي لم ولن يكون ثكنة عسكرية، بل كان وبكل فخر نبعاً للعلم وفيضاً وضياءً لأبناء الإعاقة البصرية منذ تأسيسه في ستينيات القرن الماضي وحتى اليوم إلا أن إفلاس المعتدي، قاده إلى هذه الجريمة التي ما سبق إليها أحد من العالمين”.
وطالب الاتحادُ الوطني لجمعيات المعاقين الأمم المتحدة وكافة المنظمات المحلية والعالمية بالسعي الجاد لفرض عقوبات على مرتكبي هذه الجرائم وإيقاف أية اعتداءات مستقبلية تستهدف ذوي الإعاقة ومقراتهم والنأي بكافة مقرات ذوي الإعاقة عن النزاعات المسلحة.
من جانبه اعتبر نائب المدير التنفيذ لصندوق رعاية وتأهيل المعاقين محمد الديلمي هذا القصف دليل إفلاس لدول العُـدْوَان بقيادة السعودية التي بات نظامها يعيش حالة تخبط وفقدان لكل أخلاقيات الحرب وأعرافها.
وتساءل الديلمي: ما الذي فعله المكفوفون حتى يتم قصفُهم وتدمير منشآتهم؟، وأين المنظمات الدولية والمحلية والحقوقية والأمم المتحدة وكل الجهات المعنية من هذا العُـدْوَان الهمجي؟!.. مؤكداً أن النظامَ السعوديَّ بهذا التصرف الهمَجي يدُقُّ آخر مسمار في نعشه.
وأدان المنتدى الـيَـمَـني للأشخاص ذوي الإعاقة استهداف العُـدْوَان السعودي الأميركي لمركَز النور لرعاية وتأهيل المكفوفين وتدمير كُلّ تجهيزاته ومحتوياته بالكامل.
وعبّر المنتدى في بيان له عن استنكاره لما تعرض له المركَز من أضرار كبيرة وإثارة حالة من الهلع وَالذعر بين منتسبيه من المكفوفين ممَّن فقدوا نعمةَ البصر، الأمر الذي يُعَدُّ جريمة تضافُ إلى جرائم العُـدْوَان بحق هذه الشريحة من أبناء الـيَـمَـن.
وأشار البيانُ إلى أن استهدافَ العُـدْوَان للمركَز وَملحقاته من السكن الداخلي الذي يضُمُّ 90 طالباً في مرحلتَي التعليم الأساسي والثانوي، معظمُهم من القادمين من المحافظات البعيدة عن العاصمة صنعاءَ وَمن أسر فقيرة ومعدمة تسبِّب في تعطيل العملية الدراسية، الأمر الذي يؤدي إلى تدنِّي المستوى التعليمي للطلاب وَيؤثر على مستقبلهم العلمي وَالاجتماعي.
++++++++++++++++++++++++++++++++++
عناوين فرعية:
- الاتحاد الوطني لجمعيات المعاقين اليمـنيين: مركَزُ النور للمكفوفين لم يكن ثكنةً عسكريةً بل كان نبعاً للعلم وضياءً لأبناء الإعاقة البصرية
- صندوق رعاية وتأهيل المعاقين: القصفُ دليلُ إفلاس لدول العدوان التي باتت تتخبطُ وفاقدةً لكل أخلاقيات الحرب وأعرافها