هل سيؤدي فيروس كورونا إلی نهاية وجود ترامب في البيت الأبيض؟
الوقت التحليلي- لقد أثّر فيروس کورونا على المجتمع العالمي بأسره وجميع العلاقات الاجتماعية والسياسية للمجتمع البشري هذه الأيام. حيث أثر هذا الضيف غير المدعو على مختلف مجالات الحياة البشرية، بما في ذلك العلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
في هذه الأثناء، فإن دولةً مثل أمريكا التي شهدت في الأسابيع القليلة الماضية انتشار فيروس “کوفيد19″، ظهرت ضعيفةً للغاية في مواجهة هذه الأزمة. بحيث يعتقد العديد من المراقبين السياسيين الآن، أن فيروس كورونا يمكن أن يؤدي إلى نهاية وجود ترامب في البيت الأبيض. ولفهم هذا الأمر، من المهم النظر في آثار هذا المرض الفيروسي على الاقتصاد والمجتمع الأمريكي.
كورونا يقضي على أهم ميزة لترامب ويذهب بها أدراج الرياح
في السنوات التي تلت وصول ترامب إلى السلطة في عام 2017، كان الإنجاز والأداة الأهم التي أشار إليها ترامب دائماً على أنه نجاحه التاريخي في أمريكا، هو تطوير اقتصاد البلاد ونموه. بحيث وصف مرارًا وتكرارًا فترة ولايته التي تستمر أربع سنوات، بأنها الأكثر نجاحًا في التاريخ الاقتصادي لأمريكا.
وقد أدى ذلك بترامب نفسه إلى اعتبار إعادة انتخابه في الانتخابات الرئاسية لعام 2020 بأنها أمر مؤکد، ولكن على عكس التوقعات يبدو أن ضيفاً غير مدعو ظهر فجأةً ليقضي علی أهم ميزة له.
تشير بعض التوقعات إلى أن الاقتصاد الأمريكي سينكمش بنسبة تصل إلى 24 في المئة، بسبب تفشي کورونا. کما توقع معهد “أكسفورد” للاقتصاد أن ينكمش الاقتصاد الأمريكي بنسبة 12 في المئة على أساس سنوي، بين أبريل ويونيو.
على صعيد آخر، حذّر خبراء الاقتصاد الأمريكيون من حدوث أزمة اقتصادية. وفي هذا الصدد، توقع “جي بي مورجان تشايس” وهو بنك أمريكي متعدد الجنسيات، بأن الانكماش الاقتصادي في الربع الثاني سيكون 14٪. بدورها حذرت مؤسسة “غولدمان ساكس” للخدمات المالية من انكماش مخيف يصل إلی 24٪.
على مستوى آخر، استهدف كورونا مجالاً آخر اعتبره ترامب عاملاً في نجاحه، ألا وهو خلق الوظائف وفرص العمل.
فوفقاً للإحصاءات الصادرة في الأسبوع الأول من انتشار كورونا، بلغ عدد المتقدمين بطلبات الحصول علی التأمين ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ حوالي 3.280 ملايين شخص، بحسب وزارة العمل الأمريكية. کما توقف حوالي خُمس الموظفين عن ممارسة الأعمال التجارية. وهذا هو أكبر عدد للمتقدمين المسجلين للتأمين ضد البطالة في أمريكا.
أزمة النفط تضاف إلى أزمة کورونا المناهضة لترامب
بالإضافة إلى كورونا، خلقت أزمة النفط على مدى الأسبوعين الماضيين عقبةً أخرى أمام إعادة انتخاب دونالد ترامب.
إن حرب إنتاج النفط، التي تعود بالفائدة على المستهلكين وتضرّ مصدري النفط، لها تأثير مزدوج على أمريكا، لأن هذا البلد هو أكبر منتج ومستهلك في العالم في آن واحد. ويمكن أن تؤثر هذه التأثيرات المزدوجة على شعبية الرئيس الحالي دونالد ترامب، وتعمل كأحد المعايير الرئيسة في تحديد نتيجة الانتخابات الرئاسية في نوفمبر.
وفقاً للخبراء، الضحية الأولى لحرب النفط السعودية الروسية هي صناعة الصخر الزيتي الأمريكي، لأنه من المتوقع أن يزيد إنتاج النفط من قبل المنتجين، وحتى بسبب فيضان النفط السعودي الرخيص، من المتوقع أن تنخفض الواردات الأمريكية أيضاً. وإذا تحققت هذه التوقعات، فسيتعين على صناعة الصخر الزيدي كمحرك لخلق الوظائف في البلاد، أن تتخلى عن جزء كبير من قواها العاملة.
ونتيجةً لذلك، يمكن أن يكون لارتفاع البطالة موجة من السخط، خاصةً في الولايات النفطية، الأمر الذي سيکون له تأثير سلبي على شعبية ترامب في الانتخابات الرئاسية هذا العام.
أما التأثير السلبي الثاني لحرب النفط على إعادة انتخاب ترامب، فهو تعريض استقلال البلاد في مجال الطاقة للخطر. فمع تجاوز صادرات أمريكا لواردات النفط الخام في الأشهر الأخيرة، أصبحت هذه الدولة مُصدِّرةً صافيةً بعد عقود، وحصلت على استقلالية الطاقة. والآن هذا الإنجاز الاقتصادي الکبير، الذي ربما کان ترامب يستخدمه كأداة للفوز بالسباق الرئاسي ضد جو بايدن، على وشك الزوال.
لأنه من ناحية، ازدادت موجة العاطلين عن العمل وإمكانية إفلاس عمالقة النفط الأمريكيين، ومن ناحية أخرى، فقدت قضية تطوير صناعة النفط الأمريكية والوصول إلى تصديرها مصداقيتها.
هل سيكون كورونا الصوت الثاني عشر للديمقراطيين لهزيمة ترامب؟
بالنظر إلى الضرر الهائل الذي ربما ألحقته أزمتا كورونا والنفط بالاقتصاد الأمريكي، فإن الديمقراطيين يأملون الآن أن يکون هذا الفيروس الصوت الثاني عشر لهزيمة الرئيس الحالي. ويبدو الأمر أكثر جديةً عندما نری أن شعبية دونالد ترامب قد انخفضت إلى أدنى مستوى ممكن.
وفي هذا الصدد، كتبت شبكة “سي إن إن” الإخبارية بناءً على نتائج الاستطلاعات الجديدة: إن سقوط شعبية دونالد ترامب، قد قلَّص فرصه في الفوز بإعادة الانتخاب في عام 2020.
وأضافت الشبكة الأمريكية في تقرير لها يوم السبت: تظهر نتائج استطلاع مشترك أجرته “سي إن إن” وشرکة “إس.إس.آر.إس” للأبحاث، أن شعبية ترامب الآن تبلغ 40 بالمئة، وهو لا يحظى بشعبية لدى 54 بالمئة من الأمريكيين.
تظهر التقديرات الآن أنه إذا استمرت أزمة كورونا وزاد الانكماش الاقتصادي وارتفعت البطالة في البلاد بشكل حاد، فمن المرجح أن ترتفع فرص ترامب في الخسارة أمام منافسه الديمقراطي “جو بايدن” بشكل حاد