الخبر وما وراء الخبر

 “ترامب” والإمبريالية الأمريكية في الفضاء

18

ذكرت العديد من المصادر الاخبارية بأن قضية سباق التسلح العسكري للقوى العالمية امتدت خلال الفترة الماضية إلى ما وراء أراضي هذا الكوكب الذي نعيش عليه، وهذا الامر جاء عقب تحرك إدارة الرئيس الامريكي “دونالد ترامب” لتشكيل جيش فضائي، ولفتت تلك المصادر إلى أن هذه الاحداث زادت من مستوى التهديدات للسلام والاستقرار الدوليين. وأشارت تلك المصادر إلى أن الرئيس الامريكي وقع الاسبوع الماضي على وثيقة تتعلق بشأن استخدام المياه والموارد الأخرى على سطح القمر والتي يمكن أن تساعد أمريكا على تهيئة الظروف المناسبة ليعيش الجنس البشري على سطح القمر، ولقد جاء في هذه الوثيقة التي وقع عليها الرئيس الامريكي: “يجب أن يكون للأمريكيين الحق في إجراء استكشافات في الفضاء والتعدين واستخدام المناجم والموارد الفضائية وفقا للقانون القائل إن الفضاء من الناحية القانونية والبدنية منطقة فريدة يمكن للجنس البشري استكشافه”.

وعلى صعيد متصل، ذكر الرئيس الامريكي “دونالد ترامب” في الوثيقة، التي نشرها البيت الأبيض: “يجب أن يكون لدى الأمريكيين الحق في تنفيذ الدراسات التجارية والاستخراج والاستخدام للموارد في الفضاء وفقا للقوانين ذات الصلة قابلة لتطبيقها”.وأضاف “ترامب”: “يمثل الفضاء من وجهتي النظر القانونية والعملية مجالاً فريداً من نوعه لأنشطة الإنسان، وأمريكا لا تنظر فيه باعتباره ملكا عاما للبشرية”. وتابع الرئيس الأمريكي: “يجب بالتالي أن تتمثل سياسة أمريكا في حفز الدعم الدولي للاستكشاف والاستخدام للموارد في الفضاء من قبل القطاعين العام والخاص”. وشدد في هذا السياق على أن أمريكا لا تعترف باتفاق الأنشطة في القمر والأجسام الفضائية الأخرى، الذي تم تبنيه في ديسمبر عام 1979 بموجب قرار من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وفي سياق متصل، طلب الرئيس “ترامب” من “مايك بومبيو” وزير الخارجية الأمريكي، معارضة أي محاولة من قبل أي دولة أخرى أو منظمة دولية للنظر في اتفاق الأنشطة في القمر والأجسام الفضائية الأخرى باعتباره وثيقة تعكس القانون الدولي العادي. ويأتي هذا المرسوم في ظل إطلاق الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء الأمريكية، عام 2019، برنامجا جديدا لاستكشاف القمر ينص على تنفيذ عملية هبوط فريق رواد عليه عام 2024 وإرسال رواد إلى المريخ في أواسط الثلاثينيات من القرن الحالي.

وعلى الرغم من أن طلب “ترامب” للعثور على موارد على الكواكب الأخرى يُلزم وكالة “ناسا” بمتابعة ذلك، إلا أن هذه الوكالة الأمريكية بالفعل كانت قد اتخذت خطوات للقيام بذلك، وإيجاد مواردها الخاصة بها وهذا الامر هو أحد أهم أهداف استكشاف “ناسا” للفضاء وعلى سبيل المثال، في فبراير 2016، كلفت وكالة “ناسا” للفضاء معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كتلك) بالبحث عن أصل الماء في الفضاء واكتشافه.

طموحات “ترامب” الفضائية

في مارس 2019، طلب الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” من وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” العمل على إرسال رواد فضاء إلى القمر مرة أخرى وأعرب “ترامب” قائلا: “هذه المرة لن يقتصر الأمر على رفع علمنا وترك بصماتنا”، مضيفا: “سنقيم قاعدة لإرسال رحلة إلى المريخ وربما إلى ما هو أبعد من ذلك”. ويدعم الكثير من السياسيين في أمريكا إعادة إرسال رواد فضاء أمريكيين إلى عمق الفضاء. لكن خبراء فضاء يشيرون إلى أن أي محاولة لإرسال طواقم للمريخ، الذي يبعد عن الكرة الأرضية ما يعادل 225 مليون كلم، تحتاج إلى تقنيات عالية وميزانيات هائلة وكانت آخر مرة يصل فيها رواد فضاء أمريكيون إلى القمر من خلال بعثات “أبولو” في الستينيات والسبعينيات.

وعلى صعيد متصل، كشفت العديد من المصادر الاخبارية بأن إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” طلبت من الكونغرس قبل عدة أشهر، زيادة إنفاق إدارة الطيران والفضاء “ناسا” العام القادم بمقدار 1.6 مليار دولار من أجل الوفاء بالهدف المعجل بعودة الأمريكيين إلى سطح القمر بحلول عام 2024. وفي إشارة إلى هدف “ناسا” معاودة إرسال رواد فضاء إلى القمر بحلول 2024، كتب “ترامب” على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “نظرا لكثرة الأموال التي ننفقها، لا ينبغي أن تتحدث ناسا عن الذهاب إلى القمر، فنحن فعلنا ذلك قبل أكثر من 50 عاما. عليهم التركيز على أمور أكبر بكثير نعمل عليها، بما فيها المريخ (الذي يعتبر القمر جزءا منه) والدفاع والعلوم”.

ويمكن رؤية طموحات “ترامب” الفضائية الأخرى في وثيقة الدفاع الصاروخية الأمريكية الجديدة، والتي جاءت تحت عنوان “مراجعة الدفاعات الصاروخية 2019″، والتي تم تقديمها خلال الفترة بين الـ 17 يناير والـ 27 يناير الماضي وتعتمد الاستراتيجية الأمريكية الجديدة المضادة للصواريخ على برنامج صاروخي جديد يعتمد على فحص القدرات الصاروخية لكوريا الشمالية وإيران وروسيا والصين، التي تدعّي أمريكا أنها تشكل تهديدًا لأمنها واستقرارها، في وثيقة تضم أكثر من 80 صفحة وفي هذه الوثيقة، قدم “البنتاغون” أساليب جديدة لحماية أمريكا وتدابير لتوسيع تقنيات الدفاع في الفضاء، والتي تؤكد على استخدام أنظمة تحديد عالية السرعة وقادره على تدمير صواريخ الغدو بشكل سريع.

ارتفاع حدة المنافسة الفضائية بين القوى العالمية

أدت العمليات الفضائية الأمريكية، وخاصة عقب تصريحات “ترامب” بشأن نوايا أمريكا الفضائية، إلى ظهور انتقادات وشعور بالمنافسة من قوى دولية أخرى، وحول هذا السياق، يقول أحد الخبراء أن هذه الاحداث سوف تؤدي إلى زيادة المنافسة في تصنيع الأسلحة الفتاكة وسوف تقلل من الأمن والاستقرار الدوليين. يذكر أن الرئيس الامريكي “دونالد ترامب” قال وفي وقت سابق من شهر مايو 2016 ، إنه كان يعمل على إنشاء “قوة فضائية”، وأن الفضاء، مثل البر والجو والبحر، يعتبر منطقة خطيرة للقتال وخلال حضوره احتفالًا في واشنطن، وصف “ترامب” وظيفة هذه القيادة بأنها تتمحور حول الدفاع عن المصالح الحيوية لأمريكا في الفضاء، والتي ستصبح ساحة حرب جديدة.

وتعد هذه القوة العسكرية الأولى التي يتم انشاؤها في البلاد منذ أكثر من 70 عاما، وتندرج ضمن القوات الجوية الأمريكية، وقد وصف “ترامب” في قاعدة عسكرية قرب واشنطن، الفضاء باعتباره أحدث ساحة للحرب في العالم وأضاف “ترامب”: “في ظل التهديدات الخطيرة للأمن القومي الأمريكي، أصبح التفوق في مجال الفضاء مسألة حيوية للغاية”. وأشار “ترامب” قائلا: “نحن رواد، لكننا لسنا روادا بشكل كاف، وفي القريب العاجل سنصبح سباقين”. ويأتي هذا في وقت يرى فيه القادة العسكريون الأمريكيون، الصين وروسيا تحرزان تقدما في تحديد جبهات عسكرية جديدة.

وعلى صعيد متصل، أكد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية، “دميترى بيسكوف”، أن محاولات خصخصة الفضاء بشكل أو بآخر لن تكون مقبولة تماما وقال “بيسكوف”، معلقاً على مرسوم وقعه الرئيس الأمريكي، بشأن الاستخراج التجاري للموارد في الفضاء: “هناك نوع من خصخصة الفضاء بشكل أو بآخر، والآن أجد صعوبة في القول ما إذا كان يمكن اعتبار ذلك محاولة لخصخصة الفضاء، فإن هذه المحاولات لن تتم. وأشار “بيسكوف” إلى أن هذه القضية ما زالت بحاجة إلى دراسة من وجهة نظر قانونية، موضحاً أنه “في هذه الحالة، بالطبع، نحتاج إلى إجراء تقييم قانوني لمثل هذه القرارات”.