الخبر وما وراء الخبر

خطورة الإعراض عن ذكر الله

59

القرآن يبين بأنه مثلما تحدثنا بالأمس حول قول الله تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} (طه123) ألم يربط الضلال بالشقاء، وربط الشقاء بالضلال؟ {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} (طه123) الشقاء باعتبار الحياة المادية، والنفسية للناس، {وَمَنْ َاعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ َاعْمَى} (طه124)
ألم يربط بين المسألتين؟ الناس إذا ساروا على هدي الله سيكونون في الدنيا سعداء، وفي الآخرة سعداء.
إذا انصرفوا عن هدي الله سيعيشون في الدنيا أشقياء، وفي الآخرة أشقياء، ليست القضية أنها شقاء في الدنيا، ثم سعادة في الآخرة، هو منهج واحد للدنيا والآخرة، وثمرته واحدة في الدنيا وفي الآخرة.
عندما فصلوا الإسلام عن كونه ديناً للحياة، وهدى فيما يتعلق بشؤون الحياة، بخلاف ما تدل عليه قصة آدم، وإبليس، المتكررة في مواضع كثيرة في القرآن، وبخلاف ما يشهد عليه التاريخ نفسه، تاريخ الديانات، وتاريخ الأمم، اعتبروا أن الشقاء في الدنيا هو وسيلة ماذا؟ الفوز في الآخرة.
هي المعيشة الضنكا، عندما يكون الفساد هو المنتشر، عندما يكون الباطل هو السائد، عندما يكون الظلم هو الذي يحكم، عندما تكون النفوس مهزومة، ذليلة، محتقرة، وأهل الباطل هم سادة العالم، هم الرافعي رؤوسهم في هذا العالم، عندما لا يكون، أو بالعبارة القديمة التي كان يستخدمها الأئمة السابقون: [الاستئثار بالفيء] أليست خيرات الناس، خيرات الشعوب، وخيرات الله التي منحها لعباده، أليست كلها تمشي للطواغيت، والفاسقين، والمفسدين في الدنيا هذه؟ أليست دول اليهود، والنصارى هي أغنى منا؟
ثم من يحكم الناس هم يعيشون حالة على حساب الشعوب؟ هذا هو الحاصل، كلما يأتينا فقط هو فتات، فضلات، يعني: لو نصور أنفسنا، مثلما نكون نعيش خارج البيت، ونتلقى الفتات [منتظر يأتي له لقمة من ذاك، أو حاجة من هناك] في حياتهم هم يعيشون حالة الجهل، حالة الجهل في كل شيء، تصبح الحياة صعبة كلها، حياة الناس كلها تصبح صعبة، أرزاقهم متعبة، حياتهم مقلقة ومتعبة.
أليس هذا هو الذي يحصل في الدنيا؟ هذا هو الفساد، كلمة فساد كلمة عامة: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ َايْدِي النَّاسِ} (الروم41) فساد، فساد في النفوس، وفساد في المعيشة، وفساد في واقع الحياة كلها.
بينما القرآن يؤكد في أكثر من آية: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (الطلاق3) أليس هو يربط بين التقوى وبين حالة توفر المعيشة؟ المجتمع المتقي لله، المجتمع الذي يعمل على إعلاء كلمة الله، معنى هذا سيعمل على القضاء على منابع، وبؤر الفساد في الدنيا، هنا قال: بما كسبت أيدي الناس، مَنهم الناس الذين يفسدون؟ أيدي تفسد، وأيدي تكف عملها عن أن تقطع الأيدي المفسدة، أصبحوا مشتركين في الفساد، وسيعيش هذا الذي يكف عيشة أسوأ من عيشة المفسد، وإن كان سيكون للمفسد أشياء أخرى من ضنك الحياة، من ضنك المعيشة، لكن هو من جعل معيشتها ضنكا، هو من جعل الحياة شقية، هو من جعل الدنيا مصائب، هو من دنس الدنيا، الله ما خلق الدنيا ليشقي الناس فيها أبداً، خلقها أشبه شيء بالدرة الثمينة، كل شيء فيها.
تجد كل شيء فيها يخلق على أحسن ما يمكن بالنسبة لواقعه، بالنسبة لغايته، ويخلق فيها الأصناف الكثيرة، أصناف من المعادن، من النباتات، من الحيوانات، ويذكر بأنه سخرها للناس، سخرها للناس ليعمروها بالصلاح، ويعمروا أنفسهم عليها بالصلاح.
نبي الله نوح ألم يكن يتحدث مع قومه؟ {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بأموال وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ َانْهَاراً} (10نوح12) ألم يتحدث عن كل جوانب سعادة الحياة؟ المفاهيم الخاطئة للدين، ولله، وللحياة هي التي تضرب الناس، وتعكس كل شيء، حتى يصل الأمر إلى أن يرى المؤمنون بـأن هذا واقع الحياة، وأن المتقين الفائزين هم من يصبرون على هذا الواقع حتى يلقوا الله، وسيعيشون في الجنة، وفي السعادة! هذا خداع، هذا ليس صحيحاً، خداع للنفوس.

دروس من هدي القرآن الكريم
محاضرة فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُمْ مِنِّيْ هُدَىً
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
اليمن – صعدة
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام