حاجة الأمة إلى أعلام وهداة
سورة [الفاتحة] تتحدث عن ناس، عندما قال الله فيها: {اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ}(الفاتحة6-7) لماذا ذكر أيضاً الذين أنعمت عليهم؟ أليس الذين يعني: ناس؟ صراط الذين أنعمت يعني: ناس. كان يقول: اهدنا الصراط المستقيم، ويكفي!. لماذا تربط المسألة بناس؟ هكذا، لا بد، لا بد، الحق يحتاج إلى أعلام وهداة، {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}(الرعد7). هكذا يقول الله. لا بد للأقوام، لا بد للأمة من هداة، من أعلام يقتدون بهم، يسيرون على هديهم، يتأسون بهم، ينهجون نهجهم.
كما أن الباطل نفسه يحتاج إلى أعلام، حتى الباطل يحتاج إلى أعلام، ما ينفق باطل بدون أعلام، يرمز له شخصيات ينفق في ظلها. كذلك الحق يحتاج إلى أعلام.
ما الحق مثلاً أشياء تنبت، يمكن يسير واحد يجمع له [حزمة] حق، أو يسير يقطع له كيس حق، أو يأكل له حبتين حق، أو أشياء من هذه، ليست هكذا. الحق يتمثل عادة هو والباطل في ناس، الباطل يتمثل في ناس، والحق يتمثل في ناس كله.
عندما نقول مثلاً: الحق ضائع، الحق مغمور، ألسنا نقول بالعبارة هذه؟ ماذا يعني ذلك؟ أن تجسيده في واقع الحياة غائب، أما هو كمبادئ مكتوبة مخطوطة هو موجود. هل يمكن لواحد يقول: أبداً الإسلام بخير، والدنيا بخير، ولا هناك أي إشكالية، ذا عندك الحق وافي، ولم يتعرض لأي حاجة، معي [ختمة] جديدة في [الشمطة]، ولا يلحقها أي حاجة. هل يمكن هذا؟
الحق في واقع الحياة، عندما نقول: هو سائد بحركة الناس على أساسه، تجسيده وهم يمثلونه، ويتمثل في حركاتهم، وفي سكناتهم، ومواقفهم. كذلك الباطل.
هذه المسألة مخالفة للسنة الإلهية؛ لأن الله يأتي بكتاب ونبي، ما الله هكذا يأتي بواحد من البشر، ومع ذلك على الرغم من وضوح كتابه، ما هو يقول: كتاب مبين، كتاب مبين؟ ما هكذا يقول عن القرآن؟ طيب: كتاب مبين، وأيضاً تربطنا بواحد من الناس، محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) ما هو يربط الناس به؟ يربطهم بمحمد؟ {أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ}(النساء59) {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ}(النساء80) كلام كثير حول طاعة الرسول. أليس هذا حاصل؟.
عندما تراه كتاباً مبيناً، سنة إلهية، يأتي منهج وقدوة، كتاب وعلم من البشر. حتى عندما اقترحوا أنه كان المفروض أن الله أن يرسل ملكاً يقول لهم: {قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَّسُولاً}(الإسراء95) نزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا، لا بد أن يكون هناك علم، {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ}(الحج75).
فمن يقول بهذه العبارة: لا حاجة للأشخاص، إذا أنت تريد أن تقول بهذه العبارة، وتريد أن توجد لها شيئاً يعتبر مثال، إن أول من تقول: إذاً فلا حاجة له هو محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) لا حاجة له؛ لأنه جاء بكتاب عربي، وكان بإمكانه أن ينزل عليه في شهر رمضان كله، ويكلف من يكتب منه عدة نسخ، ويعطيهم وهو كتاب بلسان عربي مبين.
أليس هكذا؟ ومحمد يعود إلى بيتهم، والله يفتح عليه، ولا قيمة للشحم واللحم – كما قالوا – والقضية هي فكرة ومنهج، ولا قيمة للأشخاص! لماذا الكتاب الذي نزل بلسان عربي مبين، نزله عليه، ويقول للناس: أطيعوه، إتبعوه، أنصروه، عزروه، وقروه… إلى آخر ما يقول لهم في البشر هذا.
هكذا لا بد، لابد. أي فإن كان هناك إمكانية الإستغناء عن بشر على هذه القاعدة فإن أول من يمكن أن يقال، ويكون مصداقا لهذه إذاً فليستغني عن محمد من البداية!. لماذا يأمرنا بطاعة واحد بشر! قد هذا القرآن بلغتنا، وهو بيّن وواضح، والله يفتح عليه، يرجع عند خديجة، ويقسّم لنا عدة نسخ منه، أو يجلس في بيتهم، يكون يكتب له عدة نسخ، ويوزع، يشغل له عمال يكتبوه، وانتهى الموضوع.
ولأنها سنة إلهية الله يقول: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ} أليس النبيين بشر، شحم، ولحم، الذين يقولون: لا قيمة للشحم واللحم! {فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ} أعلام، ومنهج، قدوة ومنهج، لا بد منه.
المشكلة هذه: إذا واحد عنده أنه يستطيع انه يصلح كل شيء، يعرف الحق من دون أحد، ولا هو بحاجة أحد، حتى ولا علي بن أبي طالب هذه السلسلة كل أبوها إنما فقط رسول الله؛ لأنه لم يعد بالإمكان أن يستغني منه. فممكن يحصل عنده أفكار من هذه.
والقضية من أساسها ليست قضية إضافات تكاليف، تكاليف. هدايتنا نحن، من مصلحتنا نحن أنه لا بد من هذا الشيء. فأهل البيت هم للنا س، يجب أن نفهم هذه، ما هو حمل على الناس، هم للناس، ومن أجل الناس، كما أن القرآن قال الله عنه أنه للناس، ألم يقل للناس؟ وقال عن محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ}(النساء79).
فالقرآن، والرسول، والعترة، كلهم ماذا؟ للناس، من أجل الناس، أي: لا بد من هذا في هداية الناس؛ لتتحقق لهم الهداية، من مصلحتهم هم، ما معناها كذا: إضافة أعباء، أو عبارة عن أشياء فخرية، أو تقديرية، لازم نؤديها مراسيم معينة، وإلا ما هناك حاجة إليها.
من يقولون بهذا الكلام هو من ينسى أن الله رحمن رحيم. ألسنا نقول: أن معرفة الله مقياس لكل شيء؟ الله هو رحيم بي، ورحيم بك، ورحيم بالناس جميعاً، ما يمكن يضيف شيئاً لست بحاجة إليه، ولا له علاقة بهدايتك، ولا له أثر كبير في هدايتك. لا يمكن يضيف عليك أشياء من هذه.
كيف يضيف أشياء ونحن نراه سبحانه وتعالى يأتي ينقص نصف الصلاة التي هي وقفة معه عندما أكون مسافراً مسافة بسيطة، مسافة بريد مثلاً، ينقص عليك ثنتين ركعات. إذا أردت أن تفطر رمضان افطر، وأنت مسافر، ليست مشكله؛ رحيم بعباده. هل سيأتي يحملهم أشياء، يضيف عليهم أعباء أخرى، وهم في غنى عنها؟ لا، لكن لرحمته شرع لهم هذا؛ لأن لهذا علاقة كبيرة بهدايتهم، لهذا علاقة كبيرة بسعادتهم، لهذا علاقة كبيرة بنجاتهم.
فكيف نرى ما شرعه الله، نعتبره حِمل، نعتبره مشكلة، نحاول نتخلص منه؟!.
لأن المشكلة أننا نجهل دين الله، هي المشكلة التي نقول لكم من بداية الكلام: عندما يكون الإنسان لا يعرف أن دين الله نعمة، ولا يفهم قيمة هذا الدين سيطلع هذا حمل، وهذا ثقل علينا، وهذا مجرد تكاليف، عندما لا يكون واحد يفهم أن الناس، وأن واحد من الناس بحاجة ماسة إلى هذا الدين، بحاجة ماسة إلى الهداية، بحاجة ماسة إلى النجاة، والله ما عمل إلا ما فيه نجاتك، ومن أجلك أن تنجى.
الوالد معه كتاب جميل في تفسير: {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}(الشورى23) ولاحظوا هذا المرض، الذي نقول، مرض الجهل بعظمة الإسلام، وبنعمة الإسلام، والجهل بالله سبحانه وتعالى، هي إشكالية من بحين ليست من قريب، هناك مفسرين يحاولون أن يتخلصوا من آية: {إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} بأي وسيلة يريد يبعدها، ما يريد أهل البيت، يحاول يتخلص منها بأي طريقة، يتمسك بأشياء واهية، ليست مقبولة، وليست منطقية.
وأهل البيت من واجبهم هم، من واجبهم هم، نفس أهل البيت أن يكونوا بالشكل الذي يشد الناس إليهم. هذه طرحناها في محاضرة في [مسؤولية أهل البيت] القضية هذه. الشخص من أهل البيت لا يرى بأنه هكذا لازم.. لازم يحبونا على ما أنا عليه، يقدرونا على ما أنا عليه! فأنت تريد من الناس أن يقوموا بما يفهم من أحاديث معينة عن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، وأنت لا تقم بواجبك أمام هذه الأمة!.
دروس من هدي القرآن الكريم
محاضرة الإسلام وثقافة الإتباع
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 2/9/2002م
اليمن – صعدة
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام