في رحاب الشهيد القائد. الحلقة ال(١٥).
ذمار نيوز || مقالات ||
[ 6 ابريل 2020مـ -13 شعبان 1441هـ ]
بقلم الاستاذ / فاضل الشرقي.
توقفت الاعتقالات في جامع الإمام الهادي بصعدة، ودشن المكبرون مرحلة جديدة هذه المرة بنقل شعار الصرخة للجامع الكبير بالعاصمة صنعاء بكل جرأة وشجاعة إلى مركز القرار حيث السفارات والتمثيل السياسي والدبلوماسي الدولي، وبهذه القوة شق الشعار طريقه بنجاح حتى وصل إلى ما وصل إليه اليوم رغم كل الصعاب والتحديات بالثقة بالله وصدق الإستعانة به والتوكل عليه، ومع أن السلطة لم تألوا جهدا في محاربته، وتسخير كل إمكانياتها لجعله في خبر كان إلا أن إرادة الله كانت هي الغالبة.
لم يكن السيد “رضوان الله عليه” يعطي ويقدم أي مقابل أو ثمن مادي، كان كل ما يعطيه هو الهدى والنور، والوعي والبصيرة، والقيم والمبادئ، والثقة القوية، والمعنويات العالية، كان هذا أغلى وأثمن من أي شيء آخر، أو قيمة أخرى، كان الشيء الذي لا يساويه أي ثمن ولو كانت الدنيا بأسرها، لقد كان الرئيس علي صالح يكذب ويفتري عليه عندما قال أنه يعطي لكل فرد يصرخ بالشعار (١٠٠) دولار، كان هدفه الإمعان في تشويه السيد والتبرير للحرب عليه، والتقليل من أهمية الصرخة، وقناعات ومعنويات المكبرين، وقد رد عليه السيد في مقابلته مع البي بي سي البريطانية، وقال أنه يكذب، كما أن السيد لم يكن يتلقى الدعم والتمويل من أي طرف لا داخلي ولا خارجي، ولم يكن له أي أرتباط بأي جهة، ولا يؤمن بالإرتباط والتبعية لأحد فحركته حركة حرة مستقلة لا يملك أحد حق الوصاية والهيمنة عليها، وهذا ما كان يرفضه السيد، ويحذر منه، وهو ما ربى الناس عليه، وقد وضح وأقسم بالله في مقابلته أن ليس له ارتباط ولا علاقة بأي جهة لا دولية، ولا إسلامية، ولا عربية، وأن الإرتباط هو بالله سبحانه وتعالى لا غير.
كانت كل الجهود ذاتية بدءا بالسيد نفسه الذي كان يعتمد في عمله وحركته في نشر وطباعة الشعار والملازم، واستقبال الضيوف والوفود والزوار على المساهمات الشعبية والدعم المجتمعي من خلال تكوين جمعيات للإنفاق في سبيل الله على أوسع نطاق تشمل كل المستويات والفئات العمرية، فكان للشباب والآباء والأبناء والأمهات جمعيات على مستوى كل التكتلات والتجمعات الأسرية للإنفاق الأسبوعي والشهري ولو بمبلغ عشرة ريال، وكان هناك استجابة وتفاعل منقطع النظير، فالإنفاق في سبيل كان شيئا أساسيا، وركنا مهما من أركان وأسس الإيمان والعمل والجهاد في سبيل الله قامت عليه المسيرة القرآنية منذ يومها الأول، وللسيد الدروس والمحاضرات والكلام الكثير عن الإنفاق الذاتي في سبيل الله وأهميته مثله مثل القتال في سبيل الله فالمؤمن المجاهد يبذل ماله ونفسه في سبيل الله وابتغاء مرضاته.
أما على المستوى الفردي فكان كل فرد منطلق في المسيرة القرآنية يمول نفسه بنفسه، وكانت هناك حالة إيجابية من التعاون والتكافل بين كل المنطلقين والمتحركين، ورغم قلة الإمكانات، وقساوة الظروف المالية، وشحة مصادر الدخل، وندرة فرص العمل إلا أنه كان لنا جمعيات أسبوعية وشهرية تعتمد على المشاركات المحدودة والمستطاعة لتمويل العمل، وهكذا كان في كل المناطق، فنجمع ما يتوفر في الأسبوع والشهر ونشتري به ملازم، وشعارات الصرخة والمقاطعة ونقوم بنشرها وتوزيعها مجانا، وشراء الرنج، وينتشر الشباب يوميا وليليا لطباعة الشعار والمقاطعة في الجدران والحيطان المسموح بها، وفي الطرقات والأسواق والجبال والمداخل بشكل مكثف، وتجديد وتبديل كل ما يتم طمسه وإزالته من قبل النظام والمغرر بهم دون أي تعرض للحقوق والأملاك الشخصية حسب توجيهات السيد، كان كل شخص يتحمل مسؤولية ورعاية نفسه بنفسه وتوفير كامل احتياجاته بقدره وجهده على قاعدة (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) (ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله) حتى أولئك الشباب الذين يسافرون إلى العاصمة صنعاء لأداء الصرخة في الجامع الكبير يمولون أنفسهم بأنفسهم، كانت الإندفاعة قوية والقناعة أقوى، وكل فرد يسلح نفسه بنفسه ويوفر البندق والذخيرة بجهده الذاتي، ولو كل أسبوع يشتري رصاصة واحدة، كان السلاح لا زال سعره رخيصا فالبندق الآلي (الكلاشنكوف) الروسي لا يتجاوز سعره أربعين ألف ريال، وكان سعر الذخيرة الطلقة الزيتي عشرون ريالا، وكان لها ثمنها وقيمتها تلك الأيام، نعم مر الناس بمعاناة شديدة، وظروف قاسية وصعبة، ولكن بكل صبر ورضى وقناعة، ونجد لها لذتها وحلاوتها وطراوتها، يتبع …..